احمد نور الرسلان:
أحيت فعاليات أهلية ومدنية، اليوم الأحد، الذكرى السنوية الثالثة عشرة لمجزرة الحولة التي ارتكبتها قوات النظام السوري السابق في 25 أيار/مايو 2012، وذلك خلال فعالية أقيمت في قصر الثقافة بمدينة حمص، بمشاركة ذوي الضحايا وناشطين حقوقيين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمنطقة الحولة، تحت عنوان “العدالة والحق لا يسقطان بالتقادم”، أن إحياء الذكرى هذا العام يكتسب بُعدًا سياسيًا وقانونيًا خاصًا، نظراً إلى التحوّل التاريخي الذي شهدته البلاد بسقوط النظام البائد وانتقال السلطة إلى الدولة السورية الجديدة، بما يتيح للمرة الأولى مناخًا قانونيًا فعّالًا لمحاسبة الجناة وتفعيل مسار العدالة الانتقالية.
وأشار البيان إلى أن عددًا من المتورطين في المجزرة قد تم توقيفهم بالفعل، في خطوة أولى نحو محاكمة من يقف خلف واحدة من أبشع الجرائم الجماعية بحق المدنيين العزّل، والتي وثّقتها جهات حقوقية دولية ومحلية.
وأكد البيان أن “حقوق الضحايا وذويهم لا تسقط بالتقادم، ولا تخضع للتسويات السياسية”، مشددًا على أن دماء الأبرياء تمثل التزامًا أخلاقيًا وقانونيًا يجب الوفاء به، وأن العدالة لا تُستكمل إلا بمحاسبة الجناة وفق القوانين والمعايير الوطنية والدولية.
كما وصف البيان المجزرة بأنها “وصمة عار في جبين النظام السابق”، وانتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن المجزرة ستظل حاضرة في الذاكرة الجمعية للشعب السوري، ومرجعًا أخلاقيًا في مسيرة بناء دولة المواطنة وسيادة القانون.
وختم البيان بالتشديد على أن “تحقيق العدالة واجب وطني لا يتقادم”، وأن ملاحقة مرتكبي الجرائم الكبرى تظل مهمة قائمة على عاتق الدولة والمجتمع، لضمان عدم الإفلات من العقاب وبناء مستقبل أكثر إنصافًا وكرامة لجميع السوريين، وإنصافاً للضحايا، وتأسيساً لمستقبل سوري يقوم على المساءلة والحقوق والحريات.
ففي 25 أيار من عام 2012 نفّذت قوات الأسد البائد، عمليات قصف عنيفة استمرت قرابة 14 ساعة، طالت قرى ناحية الحولة بريف حمص، تلا ذلك اقتحام عناصر الشبيحة والأمن، لمنازل المدنيين على أطراف قرية تلدو التابعة لناحية الحولة، لترتكب أحد أبشع المجازر في العصر الحديث، قُتل فيها أكثر من 104 مدنياً بينهم 49 طفلاً و 30 سيدة، قضوا ذبحاً بحراب البنادق ورمياً بالرصاص.
وارتكبت قوات نظام الأسد وميليشياته الطائفية واحدة من أبشع المجازر الجماعية التي عرفها التاريخ الحديث، في جريمة موثقة، حدثت على مرأى ومسمع من العالم، وبوجود بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، لم تلتئم جراحها حتى اليوم بعد مرور 13 عاماً على مذبحة مروعة لا تمحوها السنين من الذاكرة.
وكانت وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، مقتل 104 مدنياً بينهم 49 طفلاً و 30 سيدة، قالت إنهم قضوا ذبحاً بحراب البنادق ورمياً بالرصاص خلال ساعات، أغلبيتهم قُتلوا ذبحًا وطعنًا في منازلهم. وقد ظهرت على أجساد الضحايا آثار تعذيب وحرق وطعن بآلات حادة، ما دل على طبيعة المجزرة الوحشية، ولم يكن القصف هو القاتل الوحيد، بل جاءت المجزرة نتيجة اقتحام متعمّد أُريد به الانتقام وإرهاب الأهالي في معقل ثائر.
لم تكن مذبحة “الحولة” حدثاً عارضاً، بل كانت تلك المجزرة مقصودة، وقعت في منطقة محاصرة ومحاطة بعدد من القرى الموالية للنظام، وكانت تُعد من أبرز المناطق الثائرة في ريف حمص، وشهدت مظاهرات سلمية واسعة، واختيارها كمسرح لجريمة بهذا الحجم كان يهدف لتوجيه رسالة دموية إلى باقي المناطق المنتفضة، ورسالة تحدٍّ واضحة للبعثة الدولية الموجودة حينها.
ورغم مرور أكثر من عقد على المجزرة، لاتزال صور الضحايا عالقة في الذاكرة السورية، كمثال صارخ على الإجرام الممنهج الذي مارسه النظام البائد بحق شعبه، ولايزال أهالي الحولة يتطلعون لتحقيق العدالة ومحاسبة الجناة، وكانت هناك خطوات ملموسة مؤخراً لقوى الأمن باعتقال عدد من المتورطين بالمجزرة، والبدء بإجراءات محاسبتهم وفق الأصول القانونية.
مجزرة الحولة لم تكن مجرد محطة دموية في تاريخ الثورة السورية، بل لحظة كاشفة لفظاعة الجرائم التي اُرتكبت في ظل غياب المحاسبة، وتواطؤ الصمت الدولي، ومع بداية مرحلة العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة، يعلو صوت أهالي الحولة مطالبين بالقصاص، ورافعين صور أبنائهم المذبوحين ليكونوا شاهدًا لا يُمحى على عهدٍ أسود يجب ألّا يتكرر.