الثورة- نور جوخدار:
في ضوء التعافي الدبلوماسي للعلاقات السورية اليمنية، شكل إعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا فتح سفارتها في دمشق مؤخرا خطوة اعتُبرت مؤشرًا لانطلاق مسار تصحيح طويل لعلاقة تاريخية بين البلدين، شابها الكثير من التوترات في العقد الأخير، خاصة في ضوء تحالف النظام السوري السابق مع جماعة الحوثيين المدعومة إيرانيا.
تطورات تفتح آفاقا جديدة للتساؤل حول مستقبل العلاقات بين البلدين، وتأثير التقارب السوري-السعودي على هذا المسار، بالإضافة إلى فرص التعاون الاقتصادي المتاحة، ليوضح الباحث في الشأن اليمني مراد سحلول في تصريح خاص لـ لصحيفة الثورة أن قرار استئناف العلاقات بين الجمهورية اليمنية والجمهورية العربية السورية، وإعادة فتح السفارة اليمنية في دمشق يُعدّ خطوة طبيعية وبديهية بين بلدين شقيقين، تجمعهما أواصر التاريخ والجغرافيا والمصير.
سحلول أشار إلى أن التدخل الإيراني، لسنوات، حال دون هذا التقارب، عبر سعيه لإخراج سوريا من حاضنتها العربية وإشغالها بصراعات داخلية أنهكتها وأبعدتها عن عمقها الطبيعي. وأضاف، اليوم.. بعد زوال هذا العامل المعطِّل، بات من المنطقي أن تعود العلاقات إلى مسارها الصحيح، بل وأن تتطور بما يتناسب مع ما تمليه المصالح المشتركة والروابط الأخوية المتجذرة.
شراكة جديدة
وحول سؤالنا له عن عودة التعاون الثقافي والاقتصادي بين سوريا واليمن كما كان في السابق، عبّر الباحث عن تفاؤله قائلاً: أنا على قناعة راسخة بأن التعاون الثقافي والاقتصادي بين البلدين سيعود بزخم أكبر من أي وقت مضى، بعد انتهاء الحرب في سوريا وتراجع النفوذ الإيراني، معتقدًا أن البلدين أمام لحظة تاريخية لإعادة بناء شراكة ثقافية واقتصادية تقوم على التوازن والاحترام المتبادل، منوهًا إلى أن البنية الصناعية السورية دُمّرت، خاصة في مدينة حلب، التي كانت يومًا القلب النابض للصناعات العربية، كما تعرّضت الهوية الثقافية السورية لمحاولات طمس وتشويه، تمامًا كما حدث في اليمن، مؤكدًا أن هذه المعاناة المشتركة، وهذا الاستهداف المتشابه، سيقود البلدين إلى العمل معًا لاستعادة الوعي الوطني والثقافي، وإحياء خطوط التجارة والصناعة، بروح جديدة تعكس عمق الانتماء العربي والتكامل الطبيعي الذي لطالما ربط اليمن والشام.
أما عن أثر سنوات القطيعة على مستقبل العلاقات، أكد سحلول أن انقطاع العلاقات لم يكن نتيجة لخلافات جوهرية أو تراكمات تاريخية بين البلدين، بل كان بفعل قوى خارجية سلبت القرار السيادي من العاصمتين، وبزوال تلك التدخلات، لم تعد هناك موانع حقيقية لاستئناف التعاون، وتوقع أن تشهد الفترة القادمة مستوى جديدًا من التفاهم والارتباط الثنائي، لأن القطيعة لم تكن نابعة من إرادة يمنية أو سورية، وإنما فُرضت بفعل ظروف استثنائية، وقد انتهت.
وعن انعكاسات الوضع السوري على المشهد اليمني، رأى سحلول أن الانتصار السوري في كسر المشروع الإيراني كان بمثابة إلهام للشعب اليمني وقواته المسلحة، مبيناً أن أدوات إيران في اليمن تختلف عن تلك التي استخدمتها في سوريا، ففي حين الميليشيات التي قاتلت في سوريا هي ميليشيات أجنبية، فإن الحوثيين يمنيون إلا أن النتيجة المرجوة واحدة: إنهاء النفوذ الإيراني إلى غير رجعة، مضيفًا أن ما حدث في سوريا سيكون له تأثير مباشر على مجريات المشهد اليمني، وخصوصاً على الروح المعنوية للقوات الوطنية التي تخوض معركة استعادة الدولة.
وفيما يخص أثر التقارب السوري السعودي على علاقات سوريا باليمن اعتبر السحلول، إن الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية لسوريا في مواجهتها مع المشروع الإيراني، يعكس التزامًا عربيًا أصيلًا لا بد أن يشمل اليمن أيضًا.
واختتم بالقول أنا لا أتحدث فقط عن إسقاط الانقلاب الحوثي، بل عن التزام شامل تجاه اليمن في مرحلة ما بعد الحرب، يشمل إعادة الإعمار، ودعم المؤسسات، وترميم النسيج الوطني، موضحًا إن تحسن العلاقات السورية السعودية هو مؤشر إيجابي على تنامي الوعي بأهمية العمل العربي المشترك، متوقعًا أن يُسهم هذا في تعزيز علاقات اليمن بسوريا ضمن إطار عربي موحد.