الثورة – غصون سليمان:
في محركات البحث الملتهبة على مواقع التواصل الاجتماعي، ثمة وجهان للحقيقة مرة وحلوة في آن معاً، حيث المعارك الطاحنة تأخذ بعدها الاجتماعي والنفسي والسياسي والأمني من كلّ حدب وصوب، فباتت مساحات وسائل التواصل الاجتماعي المعركة الضمنية الخافتة والخافية على وجوه المجتمع السوري..
فكلّ ساعة هناك قصة تؤجج سلوك التناحر والتحريض والتشوية لمعالم المجتمع المادية والنفسية.
المعروف لا يضيع بالمقابل نرى أن ثمة ضوءاً يتسلل إلى قلوب السوريين الذين ما تخلوا عن أصالتهم ومعروفهم تجاه أهلهيم وأبناء مجتمعهم من أي كيف كان في سلوك ورد جميل لشركائهم وإخوتهم في الوطن..
فلا يكاد يمر يوم من دون إن يتسرب عبر الفيديوهات التي يعرضها نشطاء التواصل، ويكشف الوجه الإنساني الآخر بعيداً عن لغة الابتزاز والشماتة وقلة الحياء وجمود العاطفة، هناك من يرى وجه سوريا الحقيقي من خلال أبنائها الأصلاء.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، حالة الشاب ابراهيم الزيدان من محافظة ادلب حين عاد لزيارة جارته أم سليمان في الساحل مع هدية بسيطة “غاز سفري” لكنه بحجم وطن حسب تعبير صاحب المنشور.
وفي ذات السياق نشرت قصة تلك العائلة التي خرجت من طرطوس إلى منطقة حارم لترى ابنها في السجن هناك بمرافقة أحد أبناء المنطقة الذي تبرع بمرافقتهم حيث المكان، وبعد قضاء الزيارة والاطمئنان عليه أبى هذا الأخ السوري أن يتركهم يعودون إلى طرطوس الذي قضى فيها وقتاً من الزمن خلال السنوات العجاف، وأصر أن يبيتوا ليلتهم في ربوع إدلب الخضراء مدينته، ليكون الزاد خبزاً وملحاً وكرماً وأمانة، ولوناً سورياً لا يشبهه لون مهما حاول الآخرون وبعض الموتورين تمزيق هذا اللون وإعطاءه شكلاً آخر مغايراً تختلف عن الصورة الأصلية المتجذرة في النفوس، فالسوري هو السوري أينما كان وفي أي محافظة.
فهناك الصالح والطالح، وكما يوجد هنا وهناك شذاذ الآفاق، نجد أكابر القوم لا يبرحون قولاً وسلوكاً في كل حارة ومدينة وقرية على امتداد الجغرافية السورية، هم الأغالبية مهما حاول الشر أن يطغى على المشهد.
نعم.. المثلان بسيطان لكنهما يعكسان حقيقة سوريا لا يمكن تجاهلها مهما امتدت أصوات التجييش وأيدي الرعاع لقطع حبال الود من نسيج المجتمع الذي ألبسه أبناؤه رداء الكرامة المزين بحق الجيرة و التكافل والمساعدة والتعاون.
هي سوريا أيها القوم لا يشبهها أحد ولا تشبه أحداً كانت ومازالت وستبقى بذاتها عنوان التسامح والمحبة في كل قراها ومدنها، سهولها وجبالها عنوان الحضارة وأيقونة العيش المشترك والتناغم على كلّ ما هو جميل.