مستشفى “المجتهد” .. يصرخ تحت الضغط طاقة تشغيل تفوق 100 بالمئة.. وكوادر مرهقة بلا إمكانات

الثورة – ناديا سعود:

يواصل مستشفى دمشق “المجتهد”، تقديم خدماته الطبية وسط ضغوط هائلة تفوق طاقته الاستيعابية في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، ما يجعله أحد أبرز مراكز الإحالة والعلاج في دمشق، بل وفي مناطق واسعة من شمال وشمال شرق البلاد، وفق ما أكده مدير المستشفى الدكتور محمد الحلبوني، في تصريح خاص لصحيفة الثورة.

ولفت إلى أن المستشفى لا يخدم دمشق فقط، بل يستقبل حالات نوعية من مناطق بعيدة، خصوصاً في الجراحات العصبية المعقدة، والعناية بالأطفال، والقثطرة القلبية، والاستقصاءات الشعاعية، والتدخلات الدقيقة في الأوعية الدموية، يُعد مستشفى شبه متكامل، تنقصه فقط جراحة القلب ومعالجة الأورام الصلبة، بينما بقية التخصصات متوفرة داخلياً وجراحياً، ويتميز بكادر طبي عالي الخبرة.

ضعف القدرة الفعلية

د. الحلبوني أوضح أن المستشفى يعمل حالياً بطاقة تفوق 100 بالمئة من استيعابه، بسبب تزايد الإقبال، في ظل ظروف اقتصادية تدفع المواطنين إلى البحث عن خدمات طبية مجانية، ما يخلق ضغطاً هائلاً على الأجهزة والبنية التحتية، ويهدد جودة الخدمة.

العيادات الخارجية

استقبلت بالأمس فقط أكثر من ألف مريض، يضيف الحلبوني، فعدد المراجعين يومياً بات يتجاوز ضعف القدرة الفعلية للمستشفى، ما أدى إلى تراجع جودة الخدمة، وازدياد الشكاوى.

وأوضح أن أقسام العناية المشددة، وعددها سبعة، تعمل بكامل طاقتها وأحياناً فوقها، ولدينا قسم عزل يتسع لأربعة أسرّة، لكنه يستقبل أحياناً ثمانية مرضى، ما يضطرنا لوضع بعضهم في الممرات، مؤكداً أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة توزيع المرضى على مستشفيات المحافظات والريف وإعادة تفعيلها لتخفيف الضغط عن مستشفى دمشق.

وأشار د. الحلبوني إلى الإرهاق الكبير الذي يعانيه الكادر الطبي والتمريضي، مؤكداً أنهم يعملون ساعات طويلة بأجور منخفضة، ويقدمون خدمات عالية الجودة رغم الإمكانيات المحدودة.

وقال: أحياناً أشعر بالخجل من الكادر نتيجة حجم الجهد المطلوب منهم مقابل دخلهم المحدود.

وأوضح الاستهلاك الهائل للأجهزة، مشيراً إلى أن جهاز الأشعة في الإسعاف وحده يجري نحو 400 صورة شعاعية يومياً، فيما جهاز الطبقي المحوري يعمل بكامل طاقته ويستقبل حالات من ريف دمشق، مشيراً إلى تعطل جهاز الرنين بسبب الضغط الكبير، ويجري العمل حالياً على إصلاحه.

مشاريع وخطط طموحة

ورغم التحديات، أكد مدير المستشفى أن هناك مشاريع قائمة وطموحة لتحسين البنية التحتية والخدمات الطبية، من بينها توسيع قسم العناية المركزة ليصل إلى 50 سريراً، وترميم شعبة الحروق على ثلاث مراحل، لتصبح من أهم المراكز المتخصصة على مستوى الشرق الأوسط خلال ثلاثة أشهر.

كما كشف عن مشروع إنشاء وحدة تنظير هضمي علوي بالتعاون مع منظمة “سامز”، وإعادة تأهيل قسم الإسعاف بالكامل، إضافة إلى تحسين البنية التحتية العامة، من دهانات وأرضيات وتكييف، إلى جانب إنشاء هوية بصرية للمشفى وتحسين الحدائق ونظام الإضاءة.

وأكد د. الحلبوني أن تخفيف العقوبات بدأ يظهر بشكل جزئي، خصوصاً من ناحية تسهيل تحويل الأموال واستيراد الأجهزة. “هناك أطباء سوريون في أميركا ساهموا بتأمين جهاز أشعة بسيط للإسعاف، كما أن الإجراءات باتت أقل تعقيداً مما كانت عليه سابقاً”، موضحاً أن جميع التعاملات تتم تحت مظلة وزارة الصحة التي تبدي اهتماماً ومتابعة يومية لأوضاع المستشفى.

نقص كوادر التمريض

وأشار إلى أهمية العمل على سلامة المرضى والسلامة المهنية، والتي هي برأيه من أكثر المواضيع تعقيداً وحساسية في القطاع الصحي، إذ لا تقتصر على الجوانب العلاجية فقط، بل تشمل الأمن العام داخل المنشأة الطبية، وضمان حماية الكوادر الطبية والمرضى، وصولاً إلى مكافحة العدوى ومنع انتقال الأمراض، وهي منظومة مترابطة تتطلب آليات دقيقة ومستدامة.

وفي هذا السياق حسب د. الحلبوني تبذل إدارة المستشفى جهوداً كبيرة لإعادة تفعيل منظومة التعقيم، التي تُعد أحد الخطوط الأمامية في الوقاية وضمان السلامة، إلا أن هناك تحديات ملموسة، لا سيما في ظل عدم القدرة على إبرام عقود تعقيم خلال فترات سابقة، ما انعكس على جودة الخدمة.

بالإضافة لما نعانيه من نقص الكوادر التمريضية، وهو ليس فقط من حيث العدد، بل أيضاً من حيث التخصص، حيث أصبحت مجالات التمريض اليوم أكثر دقة، ويتطلب كل قسم خبرات مختلفة فالعامل في وحدات الحواضن يختلف عن زميله في جراحة القلب أو علاج الأورام، هذا النقص يؤثر بطبيعة الحال على سير العمل اليومي وجودة الرعاية الصحية المقدّمة.

من جهة أخرى، يرى د. الحلبوني أن الإجراءات الإدارية والبيروقراطية تمثّل عائقاً رئيسياً، ولاسيما في مجالات الشراء والتوريد، إذ تتأخر المواد والمستلزمات الأساسية بسبب تعقيدات مؤسسة الشراء، ما ينعكس سلباً على جودة الخدمات، سواء في النظافة أو التعقيم أو حتى في عمليات الصيانة.

الفاتورة اليومية

وفي ظلّ غياب العقود طويلة الأمد، تعتمد المستشفى على نظام “الفاتورة اليومية”، ما يحد من القدرة على تأمين عدد كافٍ من عمال النظافة أو شراء مواد تنظيف وتعقيم بكميات كافية، هذا القصور يضطر الإدارة أحياناً إلى اللجوء لمنظمات داعمة لتأمين مواد ضرورية، أو إلى حلول إسعافية بمساعدة الكادر الطبي نفسه، الذي غالباً ما يتكفل بشراء مواد على نفقته الخاصة تفادياً لتعطّل العمل.

ورغم هذه التحديات، يؤكد د. الحلبوني أن هناك توجهاً جاداً نحو إرساء آلية دائمة للاستجرار وتخزين المواد، بهدف ضمان استمرارية العمل دون انقطاع، وتبقى الحاجة ماسة إلى معالجة جذرية للمعوقات الإدارية وتطوير آليات الشراء والدعم، بما يضمن بيئة آمنة لكلّ من المرضى والعاملين في القطاع الصحي.

وختم الدكتور الحلبوني حديثه: نحن مستمرون في العمل وتقديم كلّ ما يمكن رغم الصعوبات، ونأمل بتحسن تدريجي مع تنفيذ مشاريع التطوير الجارية ودعم وزارة الصحة والمنظمات الدولية، الكادر يعمل بتفانٍ رغم كلّ التحديات، لكن الأمر يحتاج إلى صبر، وإلى خطّة توزيع وطنية تقلل العبء عن مستشفى المجتهد.

آخر الأخبار
شويتزا تجدد التأكيد على مواصلة الدعم الأوروبي لسوريا..  الشيباني: منفتحون على الحوار والاستثمار   محروقات طرطوس تكثف مراقبتها وتسجل مخالفات بحق محطات     مرسوم رئاسي بتعيين عبد الرزاق مصطفى كعدي رئيساً لمجلس الدولة  الشيباني يبحث مع ممثلة "الأغذية العالمي" تعزيز التعاون..ويلتقي وفدا صربيا   ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر ؟  خبير مصرفي لـ"الثورة": إجراء عمليات مالية دولية    الشرع يجتمع بقيادات وزارة الدفاع ويزودهم بتوجيهاته  منعاً لاستغلال العيد..وزير الاقتصاد يوجه بتشديد الرقابة على الأسواق   الشرع يلتقي غروسي.. وتوقيع مذكرة تعاون مع الوكالة الذرية  دعدوش: إعادة تقييم واقع المعامل السورية ضرورة للنهوض بالقطاع الصناعي  قداح يتبرع بـ 100 جهاز لغسيل الكلى للمستشفيات العامة  خطاب: الأجهزة الأمنية ستكون خاضعة للرقابة والتفتيش والمحاسبة  "أطباء بلا حدود": مرافق صحية في حمص ودرعا مهددة بالإغلاق لنقص التمويل  توثيق الملكيات العقارية... الملاذ الآمن   قيراطة لـ"الثورة": تصوير جميع السجلات اليومية مع ختمها... سهل الغاب.. خزان سوريا الغذائي تحديات كبيرة تواجه زراعته.. وسكانه يتضورون جوعاً سلل غذائية لمرضى السرطان في ريف سلحب تأهيل شوارع الأسواق التجارية في مدينة درعا 11 مدرسة مدمرة بالكامل و500 بحاجة لترميم 18 تعدياً على خطوط الشرب في الغارية الشرقية الأيتام والعيد .. فرحة ناقصة تنتظر من يُكملها "Microsoft Bing" تحصل على مُولّد فيديو بالذكاء الاصطناعي مجاني يعمل بنظام "Sora"