الثورة- منهل إبراهيم:
من أجل كسرة خبز ليس إلا، يقتل الفلسطينيون كل يوم في قطاع غزة الجريح، في مشهد يؤكد عسكرة المساعدات الإنسانية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث تواجه “إسرائيل” إدانات متزايدة بسبب الأزمة الإنسانية في القطاع الذي حولته الحرب العمياء إلى ركام، وحيث حذرت الأمم المتحدة من أن السكان بمجملهم على حافة المجاعة المروعة. وتؤكد وكالة الصحافة الفرنسية أن صرخات الألم والحزن تتردد في كل مكان في غزة، وقد ترددت بشكل مؤلم في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة أمس الاثنين مع وصول العشرات لتشييع جثمان، أب فلسطيني لست بنات قُتل أثناء محاولته الحصول على طعام بسيط لأسرته. وقالت الوكالة الفرنسية: “في مستشفى ناصر، نادت البنات الست الصغيرات على والدهن، وقبلن جثمانه الملفوف بالكفن الأبيض، قبل أن يتم نقله بعيداً. ويحاول الاحتلال الإسرائيلي التنصل من أفعاله وتكذيب الأخبار عن قسوة ممارساته، لكن شاهد عيان أكد لوكالة فرانس برس أن آلاف الأشخاص تجمعوا في المنطقة المعروفة محلياً باسم دوار العلم على أمل الوصول إلى مركز التوزيع وهذا مشهد يتكرر كل يوم، وسط إطلاق النار والفوضى. وأعرب عم والد البنات الفلسطينيات لوكالة فرانس برس عن حنقه لقتل الاحتلال ابن أخيه بقوله “قالوا لهم إن هناك طحيناً، وله ست بنات صغار يقولون له نريد أن نأكل، أخذ المال وذهب ليأتي لهم بالطحين هو وإخوته وأولاد عمه وأقاربه، وعندما وصلوا ضربوهم بالزنانة (المسيّرة)”. وتابع العم “هذه هي النتيجة، استشهد أحدهم واثنان أصيبا، أحدهما في المستشفى الأميركي والثاني هنا في الرعاية المركزة”. وأضاف الرجل الفلسطيني: “إنهم يذهبون إلى هناك ويتعرضون للقصف، غارات جوية ودبابات وقصف، وكل هذا من أجل قطعة خبز”.
خدمة الأهداف العسكرية
وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن هذه واحدة من واقعتين داميتين أبلغ عنهما الدفاع المدني في غزة وترتبطان بنشاط “مؤسسة غزة الإنسانية” التي تقول الأمم المتحدة إنها تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية ويبدو أنها مصممة لخدمة الأهداف العسكرية الإسرائيلية. ولفتت الوكالة الفرنسية أنه كانت هناك تقارير أخرى عديدة عن مشاهد فوضوية وإطلاق نار من قبل الاحتلال في مواقع التوزيع خلال الأسبوع الماضي. وتشير فرانس برس إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) نشر مقطع فيديو لأحد مواقع التوزيع في معبر نتساريم بوسط قطاع غزة في وقت سابق، ويظهر في الفيديو حشد كبير تجمع حول أربعة ممرات طويلة تحيط بها أسيجة معدنية مثبتة في وسط منطقة قاحلة، حيث يتجمع رجال ونساء في صفوف لتلقي الدقيق. ويقع مركز التوزيع ومنطقة الانتظار التابعة له على قطعة أرض مسطحة محاطة بتلال من التربة والرمال، ويدير المركز حراس أمن يتحدثون اللغة الإنكليزية ويتنقلون في مركبات مدرعة. وأكدت وكالة الصحافة الفرنسية أن الفلسطينيين المغادرين لمنطقة التوزيع يحملون صناديق من الورق المقوى يحمل بعضها شعار “مؤسسة غزة الإنسانية”، بالإضافة إلى ألواح خشبية من المفترض إعادة استخدامها لإشعال النار أو في بناء مساكن مؤقتة، وسط حالة من الفوضى والتدافع بين الأهالي من شدة الجوع في الممرات المسيجة. ويتمنى أحد الفلسطينيين في حديثه للوكالة الفرنسية أن يتمكن سكان غزة من الحصول على المساعدات بأمان، ويقول “يخاطر الناس بالوصول إلى موقع التوزيع، فقط حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة”. وفي هذا السياق أكدت شبكة “بي بي سي” الإخبارية البريطانية أن الأمم المتحدة والعديد من منظمات الإغاثة رفضوا التعاون مع خطط “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي يرون أنها تتعارض مع المبادئ الإنسانية، و”تستخدم المساعدات كسلاح”. وأصرت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى على أنها لن تتعاون مع أي خطة “لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية”.