الثورة:
أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، عن تأييده لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، شرط أن تتم هذه العودة بصورة طوعية وتدريجية ومدروسة، مؤكداً أن تحقيق ذلك يتطلب جهداً دولياً مشتركاً ودعماً مباشراً لاستقرار سوريا وإعادة تأهيل مؤسساتها الخدمية والاقتصادية.
وفي مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء (سانا)، شدد غراندي على أن مفوضية اللاجئين تعمل عن كثب مع الدول المضيفة للاجئين السوريين، بهدف التأكد من أن العودة لا تتم تحت أي نوع من الضغط أو الإكراه. ولفت إلى أن المفوضية بصدد تعزيز آليات التعاون القائمة مع هذه الحكومات، لضمان أعلى درجات الشفافية والفعالية في تنظيم عمليات العودة.
وأكد غراندي أن العودة الجماعية والفورية لملايين اللاجئين “ليست واقعية في الوقت الراهن، بل قد تخلق أعباء إضافية على سوريا”، مضيفاً: “العودة يجب أن تكون تدريجية، بما يتناسب مع قدرة الدولة على الاستيعاب وتوفير الظروف الأساسية للعيش الكريم”.
وأشار إلى أن سوريا، رغم التحديات، تسير بخطى متأنية نحو الاستقرار، حيث تجاوز عدد العائدين منذ بداية النزاع عتبة المليونين، بينهم نحو 600 ألف لاجئ عادوا من الخارج، وأكثر من 1.4 مليون نازح داخلي رجعوا إلى مناطقهم الأصلية.
وأوضح غراندي أن المفوضية تعمل حالياً مع الحكومة السورية ومنظمات دولية ومحلية على تأمين الدعم المباشر للعائدين، لا سيما خلال الأشهر الأولى بعد العودة، وتشمل المساعدات توفير وسائل النقل، والمساعدات المالية، ودعم السكن والتعليم، وخدمات البنى التحتية.
كما أشار إلى أن الأمن يشكّل أولوية قصوى بالنسبة للعائدين، مضيفاً: “الأمان هو الركيزة الأساسية لأي عودة ناجحة. وقد أكدت في لقاءاتي مع الشركاء الدوليين أن دعم الحكومة السورية في تعزيز الأمن يمثل خطوة محورية لتشجيع اللاجئين على العودة”.
وفي سياق متصل، شدد غراندي على أن المرحلة المقبلة تتطلب جهوداً موحدة من المجتمع الدولي، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص، لتوفير بيئة مواتية لإعادة الإعمار وخلق فرص العمل، قائلاً: “سوريا تمر بمرحلة انتقالية دقيقة، ويجب أن نساعدها على أن تكون دولة للعائدين، لا مصدّرة للجوء كما كان الحال في العقود الماضية”.
وختم غراندي تصريحه بالتأكيد على أن المفوضية ملتزمة بدورها في مرافقة سوريا خلال هذه المرحلة، وتقديم الدعم لكل من يختار العودة، مؤكداً أن التعافي الشامل لا يكون إلا بشراكة وطنية ودولية تضع الإنسان السوري في صلب أولوياتها.