الثورة – أسماء الفريح :
أعلن الرئيس أحمد الشرع عن بداية جديدة لعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة أعقبت زيارته الحالية لواشنطن واللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في “البيت الأبيض”- أمس الاثنين- كاشفاً عن ترتيبات جديدة بخصوص محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وعن التعامل مع إسرائيل.
مرحلة جديدة
وقال الرئيس الشرع في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية: إنه “بعد سقوط النظام البائد، دخلت سوريا مرحلة جديدة وخاصة في العلاقات مع الولايات المتحدة”، مضيفا: “تحدثنا خلال اللقاء مع ترامب عن الحاضر والمستقبل، وتناولنا فرص الاستثمار المستقبلية في سوريا، حتى لا يُنظر إليها بعد الآن كتهديد أمني، بل كحليف جيو سياسي، وكمكان تستطيع الولايات المتحدة أن تستثمر فيه بشكّل كبير، وخاصة في مجال استخراج الغاز”.
وأشار الشرع، إلى أنه “على مدى الستين عاماً الماضية، كانت سوريا معزولة عن بقية العالم، وكان هناك انقطاع في العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة، وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس سوري البيت الأبيض منذ تأسيس سوريا في أربعينيات القرن الماضي”.
وعقد الرئيسان الشرع وترامب جلسة مباحثات رسمية في البيت الأبيض بمشاركة وزيري خارجية البلدين وعدد من المسؤولين فيهما، تركزت حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية السورية-الأميركية، وتطوير التعاون في مختلف المجالات.
وفي بيان لها أمس الاثنين، قالت وزارة الخارجية والمغتربين: إن الرئيس ترامب عبّر عن إعجابه بالقيادة السورية الجديدة وبالشعب السوري، وأشاد بجهود سوريا في قيادة المرحلة السابقة بنجاح، وبما تحقق من إنجازات على صعيد التحرير وإعادة الاستقرار إلى ربوع البلاد، كما أكد استعداد الولايات المتحدة لتقديم الدعم اللازم الذي تحتاجه القيادة السورية لإنجاح مسيرة البناء والتنمية في المرحلة المقبلة.
ملف العقوبات
وحول ملف العقوبات، أوضح الرئيس الشرع : تحدثنا خلال اللقاء مع ترامب عن رفع العقوبات أيضاً، وكان هناك قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برفع العقوبات عنّي وعن أشخاص آخرين أيضاً.
وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قال في تصريح للصحفيين نقلته وكالة “الأناضول” التركية: إنه بحث مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن أمس وجهات النظر حول سوريا، والقضايا المتعلقة بتنميتها ووحدتها واستقرارها وأمن المنطقة.
وأضاف فيدان، أنه شارك لاحقاً في اجتماع موسّع في “البيت الأبيض”، وتابع: “بحثنا تفاصيل العمل على إلغاء قانون قيصر بشكل كامل ودائم من أجل إعادة إنعاش الاقتصاد السوري، وطرحنا وجهات نظرنا ومواقفنا، وخاصة ضرورة إلغائه بالكامل وإعادة تمريره عبر الكونغرس، بحيث لا تكون هناك حاجة لاستثناءات رئاسية”.
محاربة “داعش”
وفيما يتعلق بانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، شدد الرئيس الشرع على ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية بهذا الخصوص، وقال: “لقد شاركنا في العديد من المعارك ضد تنظيم داعش على مدى عشر سنوات، وتكبدنا الكثير من المعاناة خلال تلك المعارك، وفقدنا جزءاً كبيراً من الرجال فيها، هناك أسباب لوجود الولايات المتحدة عسكرياً في سوريا، لكن هذا الوجود يجب أن يتم الآن بالتنسيق مع الحكومة السورية- لذا- نحتاج إلى مناقشة هذه المسائل، وعلينا التوصل إلى اتفاق بشأن داعش”.
وبشأن احتمال انضمام سوريا إلى اتفاقات “أبراهام” مع إسرائيل، بيّن الرئيس الشرع أنه نظراً لوجود حدود لسوريا مع إسرائيل التي تحتل مرتفعات الجولان منذ عام 1967، فهذا يجعل من بلادنا في وضع مختلف عن الدول التي انضمت إلى تلك الاتفاقات، وقال: “لكن ربما تساعدنا إدارة ترامب في الوصول إلى اتفاق أمني مع إسرائيل أو العودة إلى اتفاق عام 1974”.
وفيما يخص تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة مرتكبي الجرائم والمجازر المروعة ضد أبناء الشعب السوري وبينهم المخلوع بشار الأسد، أشار الرئيس الشرع إلى تشكيل لجنة للعدالة الانتقالية لمحاسبة كلّ من ارتكب الجرائم بمن فيهم بشار الأسد، وبيّن أنه رغم أن لدى روسيا رأياً مختلفاً بخصوص ضرورة تسليم المطلوبين إلى سوريا، لكنّه شدد على ضرورة أن تأخذ العدالة مجراها.
مصير أوستن تايس
أما عن إجراءات الحكومة السورية لمعرفة مصير الصحافي الأميركي، أوستن تايس، الذي فُقد داخل سوريا عام 2012، قال الرئيس الشرع: “هناك أكثر من 250 ألف شخص مفقود في سوريا خلال الحرب، ولا نعرف أين هم، لقد التقيت بوالدة تايس، وهي سيدة رائعة، وقد التقت بوالدتي أيضاً التي مرت بنفس التجربة، حيث فقدتني لمدة سبع سنوات، وكانت تعتقد أنني ميت، لكنّها صمدت وتمسكت بالأمل، وكانت تؤمن أنني لا أزال حياً، رغم أن الجميع من حولها قالوا : إنني على الأرجح قد توفيت”.
وتابع الرئيس الشرع: “لذلك، طلبت من والدتي أن تروي لوالدة تايس تجربتها، وأن تخبرها كم أشعر بما تشعر به من ألم فقدان ابنها، إنها امرأة قوية، وسأبذل كلّ ما في وسعي لتوفير معلومات كافية عن ابنها، لها ولجميع المواطنين الأميركيين، وكلّ من فُقد خلال السنوات الماضية”.
وعقب الاجتماع مع الرئيس الشرع، وفي منشور له على منصّة ” تروث سوشيال”، كتب الرئيس الأميركي: “كان لي الشرف بلقاء الرئيس الشرع، وأتطلع للقائه والتحدث معه مجدداً”، مشيراً إلى أن وجود سوريا مستقرة وناجحة أمر بالغ الأهمية لجميع دول المنطقة.