سمر رقية:
تلك القطعة الدائرية الصغيرة (رغيف الخبز )، أو المقرنات بالزيت كما تسمى بالشيخ بدر في ريف طرطوس، قيمته أكثر من غذاء، وأكبر من فطيرة، فهي مزيج من الأصالة والتراث ومعجون بالطيبة والتاريخ وإعالة المرأة لأسرتها. في قرية برمانة المشايخ، وبمحلها المتواضع التقت مراسلة صحيفة “الثورة” السيدة ميساء سليمان، وعن عملها في خبز الصاج تقول: وهي ترقّ وتحشي تلك القطع الصغيرة الشهية حسب طلب الزبون، عملت بهذه المهنة منذ زمن طويل ويزيد الآن عن 17 عاماً، والبداية كانت هواية وحب، تجربة خبز الصاج وقت اجتماع العائلة في المناسبات، وقتها لم أكن أخبز جيداً، ومع الوقت أحببت هذه الهواية واتقنتها وقررت العمل بها لإعالة أسرتي بعد أن ضاقت بنا سبل العيش بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي مررنا بها في السنوات العشرة الأخيرة.
وتضيف سليمان: الأولاد كبروا وكبر معهم المصروف، وأنا ربة منزل، وزوجي يعمل أعمال حرة “يوم يعمل وعشرة أيام عاطل عن العمل” وقتها قررت أن امتهن هوايتي هذه لإعالة أسرتي وبالأخص مصروف تعليمهم. الأدوات بسيطة وتتابع السيدة سليمان حديثها، قررت العمل جدياً كونها مهنة غير مكلفة، إضافة إلى حب العمل بها، فكل ما احتجته للبدء استئجار محل وشراء صاج وطاولة للعمل وإرادة وشغف وصبر.
طريقة التحضير
وأشارت سليمان، إلى أنها تقوم في الصباح الباكر لتحضر كمية العجين التي تحتاجها ليوم عملها من مكونات بسيطة، طحين أسمر وأبيض والقليل من الملح والسكر والماء الدافئ، وبعد تقطيعه إلى كرات صغيرة يرش فوقها قليل من الطحين لمنع التصاقها وتسهيلاً لرقها، قطع دائرية الشكل ليصبح شفافاً عند خبزه.
المقرنات بالزيت هي الأشهر وتضيف سليمان: بعد ذلك تأتي مرحلة الخبز، وكل يطلب كما يشتهي ويحب فطائر المحمرة والزعتر والجبنة والسلق …. وغيرها، لكن هنا في ريف الشيخ بدر تشتهر بصنع المقرنات بالزيت، وهي قطعة عجين تلف وتحشى بالزيت وترق بشكل مثلث وتشوى وتقمر على الصاج وطعمها شهي فهي أكثر من فطيرة وغذاء، بل تراث وأصالة أهل المنطقة هنا، ولا تجد المقرنات بالزيت إلا في منطقة الشيخ بدر.
رسالة
وتختم سليمان حديثها قائلة: كل عمل مهما كان بسيطاً يحتاج إلى إرادة وصبر وإتقان وتعاون، كما ترين تساعدني في عملي جارتي أم مريم، ليكتمل العمل وفي النهاية عمل المرأة شرف وأخلاق قبل أن يكون إعالة أسرة أو وقوف المرأة جنب زوجها لمساندته في مصروف الأسرة أمام واقع اقتصادي صعب وقاسٍ، فمن أين للزوج أن يتحمل وحده هذه المشاق كلها؟، وناصحة كل امرأة قادرة على العمل أن تعمل بما تحب وتهوى لأنها ستبدع به.
ومعروف عن المرأة السورية عبر التاريخ صبرها وحبها لأسرتها وقدرتها على تحمل المسؤولية، فكيف إذا كانت مسؤولية أسرتها.