الثورة – متابعات:
أكد السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن الولايات المتحدة تدعم الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وتعتبر أنها تسير في طريق جاد لإعادة بناء الدولة رغم التحديات المعقدة التي تواجهها، مشدداً على أن واشنطن ترفض تماماً أي مشروع فيدرالي أو محاولات لتقسيم السلطة.
وأوضح باراك في لقاء صحفي جمعه بعدد من الصحفيين في مركز الصحافة الأجنبية بنيويورك، أن إدارة بلاده لا تتحمّل مسؤولية سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مشيراً إلى أن واشنطن وجدت نفسها أمام واقع سياسي جديد فرضته التحولات الداخلية في سوريا.
وأضاف: “لم نكن نحن من أسقط النظام، بل حصل ذلك من داخل سوريا، ووجدنا أنفسنا أمام مرحلة جديدة تستحق الدعم”.
رفض الفيدرالية ودعم سوريا موحدة
وشدّد المبعوث الأميركي على أن بلاده ترى في المرحلة الحالية فرصة فريدة لإعادة تشكيل سوريا كدولة موحدة ذات سيادة، خالية من الميليشيات الطائفية والكيانات الانفصالية.
وقال: “لا يمكن أن تكون هناك قوى درزية بلباس درزي أو كردية بلباس كردي، بل جيش واحد وعلم واحد ودولة واحدة”.
وأشار إلى أن اتفاق آذار الذي تم التوصل إليه لدمج “قوات سوريا الديمقراطية” في مؤسسات الدولة قد فشل بسبب غياب آليات التنفيذ، لكن واشنطن تعمل حالياً على وضع اتفاق جديد يضمن دمجاً تدريجياً وعادلًا لتلك القوات ضمن الجيش الوطني السوري.
قسد شريك في محاربة داعش.. ولكن
وبخصوص العلاقة مع “قسد”، أكد باراك أن هذه القوات لعبت دوراً مهماً في الحرب ضد تنظيم داعش، إلا أن دعمها لا يعني السماح لها بإقامة كيان مستقل داخل سوريا. وقال: “نحن ندين لهم بالشكر لمساهمتهم في الحرب ضد الإرهاب، لكننا لا نعترف بأي صيغة لدولة داخل الدولة”.
رفع العقوبات بالكامل وإعادة الإعمار
وفي خطوة اعتبرها كثيرون مؤشراً على تحول في سياسة واشنطن تجاه دمشق، أعلن باراك أن قرار رفع العقوبات عن سوريا، الذي دخل حيّز التنفيذ في 13 أيار الماضي، كان شاملاً وليس تدريجيًا، لإعطاء الحكومة الجديدة دفعة قوية نحو التعافي وإعادة الإعمار. وأضاف: “الرئيس ترامب رأى أن سوريا بحاجة إلى دعم سريع وواسع، فقرر إزالة العقوبات دفعة واحدة”.
نحو شرق أوسط جديد.. وسوريا مركزه
وحول تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كشف المبعوث الأميركي أن واحدة من الركائز الخمس التي وضعتها الإدارة الأميركية لدعم الحكومة السورية تتعلق بانفتاح دمشق على اتفاقيات أبراهام. وقال: “لا نقصد التوقيع الفوري، بل التوجه العام نحو التقارب مع إسرائيل، في سياق يشمل أيضاً لبنان والأردن وتركيا والعراق، وسوريا ستكون في قلب هذه الشبكة الإقليمية”.
وأوضح أن الرئيس أحمد الشرع عبّر بشكل علني عن استعداد بلاده لفتح حوار مع إسرائيل، مؤكدًا أن الأخيرة “ليست عدواً”، وهو ما وصفه باراك بـ”التحول النوعي” في الخطاب الرسمي السوري.
أنقرة لاعب رئيسي
كما أكد المبعوث الأميركي أن تركيا ستؤدي دوراً محورياً في المرحلة المقبلة، نظرًا لقربها الجغرافي وصلاتها بالمجتمعات السورية. وأضاف: “وجود أكثر من 4.5 ملايين سوري يتحدثون التركية والعربية في تركيا، يهيئ لمرحلة اندماج اجتماعي واقتصادي هائل عند فتح الحدود”.
ملف العقوبات الأممية والتحديات المتبقية
وفي ما يتعلق بالعقوبات الأممية، أوضح باراك أن واشنطن تعمل على رفع بعضها، خصوصاً عن “هيئة تحرير الشام” وبعض القياديين في الحكومة، رغم وجود تحفظات داخل مجلس الأمن الدولي، مشيراً إلى أن بعض الدول تشترط تقدماً ملموساً في ملفات الدستور، الأقليات، النازحين، والمقاتلين الأجانب، خصوصاً في مخيمي الهول وروج.
ووصف باراك إدارة المرحلة الراهنة بأنها “تشبه قيادة عائلة كانت في حرب”، مشيراً إلى أن التحديات معقدة وتتطلب وقتاً وتفهماً لكل المكونات السورية، داعياً إلى التدرج في الحلول دون فرض نماذج جاهزة.
أميركا ليست الضامن.. بل الداعم
واختتم باراك تصريحاته بالتأكيد على أن واشنطن لن تلعب دور “الضامن الأمني للعالم”، بل ستكون شريكًا يقدم الدعم من الخلف، موضحًا: “نحن لا نفرض شيئاً، بل نُسهل الحوار ونحترم قرار السوريين أنفسهم”.