“المالية” تتشاور وتتشارك الرأي.. هل تتجاوز نظاماً ضريبياً فاسداً خضع للمصالح؟
الثورة – وعد ديب:
تتسارع الخطا اليوم في سوريا لبناء نظام ضريبي جديد يحقق عدالة اجتماعية تناسب جميع الشرائح، ويلغي الخلل الذي كان موجوداً في النظام السابق.
من الأهمية تناول الثغرات التي كانت موجودة بالنظام الضريبي القديم، وما البديل في ظل الانفتاح الاقتصادي؟، وقبل البدء كان لا بد من طرح العديد من التساؤلات حول واقع النظام الضريبي السائد؟.
وعليه، هل الضرائب في سوريا عادلة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن نسبة الأرباح ضئيلة بسبب قلة الطلب عموماً وضعف القوة الشرائية؟.
في هذا الصدد يقول الدكتور إبراهيم العدي أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق لـ “الثورة”: إن النظام الضريبي في سوريا قديم ومضى عليه عدة سنوات وبلغ به أدنى العمر، كما أن الحكومات السابقة عجزت ولم ترغب في تغيير هذا النظام، وبالتالي كان لدينا نظام ضريبي غير عادل ولا ينسجم مع التطورات الاقتصادية، وخاصةً في هذه المرحلة من عمر سوريا الجديدة.
وأشار إلى أن النظام الضريبي كان مرتبطاً بالنظام السياسي، فكيف تغيرت الأنظمة السياسية من عام ١٩٤٩ وبقي النظام الضريبي على حاله، وهذا له خياران، إما أنه كان غير فعال، والخيار الآخر وجود ثغرات استفاد منها الكثير من كبار التجار والصناعيين، بحيث أبقوا النظام الضريبي على حاله، مستغلين نقاط الضعف فيه بما يخدم مصالحهم.
وعن نسب الحصيلة الضريبية من إجمالي الإيرادات العامة، بين الدكتور العدي، أنه بشكلٍ أو بآخر لدينا مصطلح اسمه العبء الضريبي بسوريا، قبل عام 2010 كانت الضريبة متدنية جداً بسبب العبء الضريبي، لكن بعد الثورة الآن اتضحت العديد من الأمور وأصبح هناك معلومات جديدة ولكن المعلومات السابقة هي مؤشر للمستقبل.
فقد كان هناك عبء ضريبي وهو نسبة الضريبة للناتج المحلي، إذ كانت في مصر 21بالمئة وفي سوريا11بالمئة، وهذا الفرق بينهما هو تهرب ضريبي، وبالتالي الضريبة لم تكن مرتفعة بقدر ما كان يوجد فساد وتهرب ضريبي.
وبرأي أستاذ الاقتصاد، فإن التاجر كان يريد أن يدفع الضريبة التي يرغبها وليس الضريبة التي يجب أن يدفعها، فإن ارتفعت المعدلات أو انخفضت هي ظاهرة شكلية.
وأشار إلى أنه في عام 1991وصلت المعدلات الضريبية إلى 93بالمئة نظرياً، وهذا ما كان جريمة بحق الاقتصاد، ولكن فعلياً كان ذلك غير مطبق، وإنما فقط للتباهي بفرض ضرائب على كبار التجار والصناعيين.
ومن ثم بدأت النسب تنخفض من 93 بالمئة إلى 14 بالمئة، ومع ذلك لم يتأثر العائد الضريبي، ما يعني أن العقلية السائدة في زمن النظام المخلوع حقبة الفساد، وأن التاجر كان يدفع الضريبة التي يختارها.
وباختصار- والكلام للخبير الاقتصادي- فإن النظام الضريبي غير ملائم في سوريا وتخلت عنه كل دول العالم، ويسمى بالضرائب النوعية، أي كل نوع من الدخل يخضع لنوع من الضرائب، وهذا يبقينا عاجزين، ورغم كل المحاولات خلال السنوات القليلة الماضية لتطوير وتعديل نظام الضرائب، إلا أنها بقيت عاجزة في ظل التمسك بالنظام الموجود، لكثرة ثغراته ما يمكن من الاستفادة منه، والتاجر كان في مراكز قوى موثرة في الاقتصاد السوري جعلت من القوانين السورية متخلفة.
نظام ضريبي متطور
ويتابع: اليوم في ظل توجه سوريا إلى عهد جديد تعمل الجهات المعنية على صياغة نظام ضريبي متطور يواكب التطورات الاقتصادية وبدأت أولى ثماره تظهر، فالنظام الضريبي بالأصل هو ترجمة للسياسة المالية التي بدورها ترجمة للسياسة الاقتصادية، والأخيرة للسياسة العامة للدولة، ومع تغيير هذه السياسة يجب أن يرافقها نظام ضريبي حديث معاصر مثل بقية دول العالم.
وفقاً للتطورات الاقتصادية الحديثة يجب أن يكون لدينا نظام ضريبي على الإنفاق من خلال الضريبة على القيمة المضافة ونظام ضريبي على دخل الأفراد بحيث تكون ضريبة تصاعدية، وأيضاً ضريبة على دخل الشركات كضريبة نسب، وهناك العديد من الخيارات التي نستفيد منها من الأنظمة الضريبية المتطورة والموجودة بالدول الأخرى.
ورداً على سؤالنا.. أليست الضرائب الأقل بفرض أن المبيعات ستزداد أفضل من الضرائب العادية؟.
هنا يقول: نظرياً الكلام صحيح، ولكن التاجر السوري يريد أن يدفع الضريبة التي يريدها نتيجة الفساد، ودائماً الضريبة على صغار الكسبة أو الموظفين عالية نسبياً، ويجب أن تكون الفائض من الدخل وليس الدخل الضروري.

إقرار رسوم جمركية
ويشدد د. العدي، على أهمية ضبط الحدود الخارجية وإقرار رسوم جمركية لإنقاذ الصناعة الوطنية، فأي سلع تدخل إلى البلد من دون هذه الرسوم تنعكس سلباً على الاقتصاد، وما علينا اليوم إلا بمساندة الاقتصاد ريثما ينتعش وأي نشاط اقتصادي سيؤدي إلى أرباح حتمية، وسيكون هناك ضرائب كحلقة متكاملة والمهم، والكلام للأستاذ الجامعي، تحريك عجلة الاقتصاد من خلال خلق بيئة اقتصادية خلاقة بعهد سوريا الجديدة وإزالة جميع العقبات والتعقيدات بما فيها الأتاوات الظالمة التي كانت تجبى أيام النظام المخلوع، هذه البيئة الجديدة تخلق نشاطاً اقتصادياً يمكن من خلاله تحقيق أرباح يفرض عليها ضرائب تنعكس على الإيرادات العامة للدولة.
ورأى أن الضرائب تحتاج إلى دراسة جذرية، نعرف من خلالها ما هي الآثار الضريبية المالية ليس فقط التفكير بها كنوع من الجباية، وهذا ما كان سائداً أيام النظام البائد، فالدولة سابقاً أثبتت أنها رجل أعمال فاشل لا يمكن أن تقوم بأعمال تجارة إلا بمرافقة الفساد، وأي سلعة تتاجر بها الدولة دائماً وكما هو معروف يصبح فيها فساد، وما نحتاجه في حالة الوضع السوري تبلور اقتصاد حر يواكب تطلعات السوريين.