بانتظار قانون التمويل العقاري.. خبراء لـ “الثورة”: يُحرّك الاقتصاد ويحدُّ من البطالة والمشكلة في الدخل

الثورة – إخلاص علي:

لن تحلَّ كل الطروحات المقدمة مشكلة امتلاك منزل في سوريا لأن المشكلة في الدخل وليس في التمويل، فلن تنفع كل شركات التمويل شخصاً كامل دخله أو راتبه لعشرات السنين لا يكفي لشراء منزل، فكيف سيكون الوضع مع نسبة من الراتب وليس كله؟ حينها سيحتاج لمئات السنين.

المشكلة الأخرى للسكن في سوريا تكمن في ارتفاع أسعار المنازل وتكاليفها لأن طرق البناء بعيدة كل البعد عن التقنيات والمواد الحديثة المستخدمة في البناء، ولذلك أسعار المنازل في سوريا أعلى منها في كثير من عواصم العالم رغم فارق الخدمات.

تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية حول وضع قانون يتضمن نظاماً متكاملاً للتمويل العقاري وفق أسس علمية ومستدامة، كان محطّ جدل واختلاف بين الخبراء الاقتصاديين والعقاريين.

وضمن هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أن المشكلة العقارية في سوريا لا تحل عن طريق إحداث هيئات تمويل وتطويرها رغم أهميتها، فهناك خطوات أهم لابد من العمل عليها قبل ذلك لعل أهمها رفع دخل المواطن الذي يحتاج، وبحسب يوسف إلى 300 أو 400 عام حتى يستطيع شراء بيت في حال ادخر راتبه وامتنع عن الأكل والشرب.

وأشار يوسف في حديثه لـ”الثورة” إلى أن المستفيد الوحيد من إحداث مثل تلك الهيئات هم التجار والشركات العقارية الضخمة التي ستدخل إلى سوريا في المستقبل، جازماً أن المواطن لن يستفيد منها بأي شكل من الأشكال في حال لم يتم تحسين مستوى الدخل والمعيشة للمواطنين بشكل عام.

يُحرّك 160 قطاعاً

من جانبه الخبير الاقتصادي الدكتور محمد كوسا يرى في تطوير التمويل العقاري نقلة نوعية لتحريك سلسلة من القطاعات ويقول: عندما يتم تطوير منظومة التمويل العقاري بشكل فعال، فإن ذلك لا يقتصر على بناء منازل جديدة وحسب، بل يمتد إلى قطاعات أخرى متعددة متداخلة تزيد عن 160 قطاعاً مرتبطاً ليشمل تحريك عجلة الاقتصاد بأكمله، فكل وحدة سكنية تُبنى تخلق فرص عمل في قطاعات متعددة مثل البناء، والمواد الخام، والخدمات، مما ينعش الاقتصاد المحلي ويخفض معدلات البطالة، كما أن توفير قروض ميسرة للسكن يمكن أن يساعد الأسر السورية على الاستقرار والعيش بكرامة، خاصة بعد سنوات من النزوح والتشرد.

وحول حجم التمويل المطلوب لإحداث حراك عمراني يحد من مشكلة السكن يقول: الإحصاءات الحديثة لعام 2025 تشير إلى أن نسبة تغطية التمويل العقاري لا تتجاوز 26.4 بالمئة من حجم الإنفاق على العقارات السكنية، مما يعني أن أكثر من 73بالمئة من المشترين لا يعتمدون على القروض العقارية، وهو مؤشر على ضعف قدرة النظام المصرفي على تلبية الطلب الكبير على السكن، كما أن الطلب السنوي على وحدات سكنية جديدة يُقدر بـ 900,000 وحدة، نتيجة النمو السكاني وعودة المهجرين، في حين يُقدّر عدد المنازل المدمرة بفعل الحرب بنحو 2.9 مليون منزل، منها 850 ألف مبنى مدمر كلياً.

وتابع كوسا: رغم ذلك فإن معظم التمويل العقاري المتاح يأتي من المصرف العقاري بنسبة 85.24 بالمئة، بينما تشارك المصارف الخاصة بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 14.76 بالمئة، مما يبرز الحاجة إلى تنشيط دور البنوك الخاصة والمؤسسات التمويلية البديلة.

بحاجة لمليوني وحدة سكنية

وأشار كوسا إلى أنه مع تصاعد تكلفة إعادة الإعمار، التي تُقدر بما يقارب 400 مليار دولار حسب البنك الدولي، تبدو الحاجة ملحّة لتطوير آليات تمويل سكني فعالة، خصوصاً أن البلاد تحتاج بصورة عاجلة إلى بناء أكثر من مليوني وحدة سكنية لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات السكنية الحالية.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تعيق التمويل العقاري، أوضح أن هناك تحديات جوهرية تُعيق تطوير التمويل منها:- ضعف قدرة البنوك على تقديم القروض العقارية في ظل المخاطر الاقتصادية وعدم استقرار السوق، غياب التشريعات العقارية الحديثة التي تضمن حقوق الملكية وتحمي الأطراف المتعاقدة، وارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء نتيجة تدهور البنية التحتية، مما يصعّب على الكثيرين تحقيق حلم السكن الكريم.

نماذج تمويلية جديدة

وحول تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي المتعلقة بوضع قانون متكامل للتطوير العقاري قال كوسا: هذا أمر جوهري فالحكومة بحاجة إلى بناء استراتيجية شاملة تبدأ بإعادة هيكلة هيئة التمويل العقاري لتكون أكثر كفاءة ومرونة، وإنشاء مؤسسات تمويلية جديدة حكومية وخاصة، تقدم قروضاً ميسّرة طويلة الأجل وهذا ما أعلنه مصرف سوريا المركزي بتوجه جديد يستند إلى نماذج التمويل العقاري في الدنمارك وكندا، ويشمل إنشاء هيئة مستقلة وصندوق ضمان لتنظيم السوق العقاري.

كما يجري العمل على تحديث القوانين العقارية وتفعيل دور الجهات الرقابية لضمان الشفافية وتشجيع الاستثمار.

ودعا الخبير لتنسيق حقيقي وتناغم عالي بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب دعم دولي يساهم في إعادة إعمار المدن وبناء مجمعات سكنية حديثة تلبّي احتياجات المواطنين وتمنحهم فرصة جديدة للحياة والاستقرار ، فالتمويل العقاري بصيغة جديدة وصحيحة ومتكاملة يُعيد الأمل ويؤسس لنهضة عمرانية واقتصادية واعدة ومتجددة .

أخيراً يبقى القول أن مشكلة السكن في سوريا مركبة بين تدني الدخل وارتفاع تكاليف البناء و نقص التمويل وعلى ذلك فالحل يحتاج إضافة لتحسين الدخل و تأمين التمويل إلى إدخال تقنيات حديثة في البناء ( أبنية مسبقة الصنع ) وصل الوفر فيها إلى 40 بالمئة من التكاليف و أكثر من 90 بالمئة من الوقت وتوفير في الطاقة وملاءمة البيئة وهذا ما يجب تضمينه في قانون التمويل العقاري المرتقب .

آخر الأخبار
"الصناعات الغذائية" في معرض دمشق الدولي.. تلاقي النكهة والهوية "الطفل المعجزة".. ذاكرة أمل تعود بعد أحد عشر عاماً "تجارة حلب" تعزز الشراكات ..  لقاءات مع وفود تركية وعربية لدعم الاستثمار   إغاثة عاجلة لأحياء حلب القديمة..  سلال غذائية تدعم صمود العائدين بعد الدمار   "زراعة حلب": خطة لتطوير زراعة  الذرة الصفراء وتعزيز الأمن الغذائي مخلفات الفساد تلاحق محصول القمح في حماة.. وأضرار أولية بـ 4 مليارات ليرة   "صندوق التنمية السوري" بين إعادة الإعمار وبناء الثقة الوطنية  الرئيس الشرع : سوريا تكتب تاريخ البلاد بأيدي وأموال السوريين   استثمار مباشر في سوريا..  وفد شركة SALT الأميركية في حسياء الصناعية   تأهيل مشتل الطعوم ومعالجة الهموم الزراعية في إدلب  2.5 مليون طن الإنتاج السنوي للأشجار المثمرة بعد إلغائها لطلاب الثانوية… "التعليم العالي" تمنح دورة تكميلية لبعض الفئات الجامعية جناح "الأشغال العامة والإسكان".. مبادرات استثمارية وتنموية لتطوير قطاع الإنشاءات إحياء السياحة بالسكك الحديدية  The New Arab  بين السرديات الإعلامية العبرية والإنجليزية، إسرائيل تخفي اعترافاتها بجرائم الحرب الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا.. تهديد خطير للسلم والأمن في المنطقة والعالم  الاتحاد الأوروبي يقدم 22 مليون يورو لتخديم أكثر من 6.5 ملايين  شخص في سوريا صحيا   تعاون  بين الشبكة السورية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية لدعم مسار العدالة  "الأشغال العامة": استكمال أعمال إنشائية في جامعة طرطوس   فرص التصدير في معرض دمشق الدولي