الثورة
عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة مساء الخميس، بطلب من الحكومة السورية، لمناقشة تداعيات التصعيد الإسرائيلي الأخير على الأراضي السورية، وخاصة الغارات التي استهدفت دمشق ودرعا. وتركزت مداخلات الدول الأعضاء حول خطورة هذه الاعتداءات على الأمن الإقليمي وجهود الاستقرار، لا سيما في ظل تصاعد التوترات في الجنوب السوري ومحافظة السويداء.
المندوب السوري: عدوان ممنهج يعطل جهود الحكومة في السويداء
في مستهل الجلسة، قال المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، قصي الضحاك، إن بلاده تواجه “عدواناً مفتوحاً” تقوده إسرائيل، هدفه تعطيل جهود الدولة في فرض الأمن والاستقرار، وبشكل خاص في السويداء التي تشهد أوضاعاً معقدة.
وأكد أن الاعتداءات الأخيرة تمثل “انتهاكاً صارخاً” للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مشدداً على أن “سوريا لن تتراجع عن واجباتها في حماية شعبها”.
ولفت إلى أن حكومته تدخلت بالتعاون مع وجهاء السويداء لاحتواء الاشتباكات المحلية، غير أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة قوّضت هذه الجهود وأعادت التوتر إلى الواجهة. واعتبر أن الذرائع التي تسوقها تل أبيب لتبرير اعتداءاتها “واهية”، داعياً مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات.
إدانات عربية ودولية متزايدة
تركيا: عبرت عن رفضها القاطع للهجمات الإسرائيلية، معتبرة أنها تعرقل إعادة الإعمار والوحدة الوطنية في سوريا، وأكدت أن “عزيمة السوريين لن تنكسر”، داعية المجتمع الدولي إلى عدم التخلي عنهم في هذه المرحلة الحساسة.
أما الأردن، فشدد على أن أمن سوريا جزء لا يتجزأ من أمنه، قائلاً إن استقرار الجنوب السوري “أولوية وطنية”، وجدّد دعمه للحكومة السورية في سعيها لتحقيق الأمن وحماية المدنيين.
وأدانت المجموعة العربية الغارات الإسرائيلية التي أوقعت ضحايا في صفوف المدنيين والعسكريين، محملة إسرائيل مسؤولية تقويض سيادة سوريا وتجاهل قرارات مجلس الأمن. كما رحبت بالتزام الرئيس السوري أحمد الشرع بمحاسبة المتورطين في انتهاكات السويداء، واعتبرته خطوة مهمة نحو المصالحة الوطنية.
وأعربت السعودية عن بالغ قلقها من استمرار استهداف المناطق المدنية في سوريا، ودعت إلى وقف الاعتداءات واحترام السيادة السورية، مؤكدة على دعمها لحل سياسي شامل بقيادة دمشق.
ودانت باكستان الانتهاكات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن الغارات على مؤسسات مدنية لا يمكن تبريرها، ووصفتها بأنها تدخل مباشر في الشؤون السورية، أما كوريا الجنوبية فدعت إلى وقف فوري لأي انتهاك إسرائيلي للسلامة الإقليمية لسوريا، وطالبت الأمم المتحدة بتقديم حلول عملية لإنهاء حالة عدم الاستقرار.
في حين دعت فرنسا إلى دعم سوريا في بناء دولة جامعة لكل مواطنيها، وشددت على ضرورة أن تمتنع إسرائيل عن أي أفعال تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وأبدت الدنمارك خشيتها من أن يؤدي القصف الإسرائيلي إلى إشعال نزاع جديد في المنطقة، مطالبة بأن تبسط الحكومة السورية سلطتها على كامل أراضيها.
ودعت سلوفينيا إلى احترام استقلال سوريا وسلامة أراضيها، وأكدت دعمها للشعب السوري في مساعيه لإعادة بناء وطنه، في حين وصفت بنما القصف الإسرائيلي لدمشق ودرعا بأنه “مقلق للغاية”، معتبرة أن انتهاك اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 يهدد أمن المدنيين والقوات الأممية المنتشرة في المنطقة.
وعبرت المملكة المتحدة عن قلقها إزاء الغارات على دمشق، وجددت دعوتها لإسرائيل بالامتناع عن أي تصرفات تزعزع استقرار سوريا والمنطقة، في وقت أكدت مندوبة الولايات المتحدة أن واشنطن لا تؤيد الضربات الإسرائيلية على سوريا، مشددة على ضرورة التوجه نحو حوار بنّاء يضمن إنهاء الأزمة الحالية ويعالج جذورها.
وكانت شهدت سوريا في الأشهر الأخيرة تصاعداً مقلقاً في وتيرة الضربات الجوية الإسرائيلية، التي استهدفت مواقع عسكرية ومرافق حيوية في العاصمة دمشق ومدينة درعا جنوبي البلاد، وتأتي هذه الهجمات في وقت حساس تمر فيه البلاد بمرحلة انتقال سياسي وأمني، في ظل جهود حكومية لإعادة فرض السيطرة على الجنوب السوري، ولا سيما محافظة السويداء التي تشهد اضطرابات داخلية.
وقد دفع هذا التصعيد الأخير بالحكومة السورية إلى طلب عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن، في محاولة لكسب موقف دولي واضح يرفض الاعتداءات المتكررة، ويدعم مساعي الدولة لبسط الأمن الداخلي وإنهاء الانفلات المسلح، خصوصاً في المناطق التي شهدت مواجهات دامية مثل السويداء.