الثورة_ راغب العطيه:
لقد أثبتت سنوات الثورة السورية المؤلمة أن السوريين شعب واحد بجميع أطيافهم ومكوناتهم، وأن آلامهم واحدة وآمالهم واحدة ومستقبلهم واحد، وهو ما أكدت عليه القيادة السورية الجديدة منذ فجر انتصار الثورة وسقوط نظام الأسد المخلوع.
بالمقابل عكست أفراح السوريين واحتفالاتهم في جميع المدن والمحافظات منذ إعلان سقوط النظام الدكتاتوري في 8 كانون الأول 2024، أنهم مع دولتهم الجديدة وأنهم سيكونون عوناً لها في تجاوز كل التحديات التي أفرزتها 14 سنة من الحرب المدمرة.
ومنذ ذلك الحين انطلقت مسيرة السوريين في إعادة بناء مؤسسات الدولة وبناء ما دمرته الحرب، كل من موقعه، إلا فئة قليلة قد اختارت طريق الشيطان، واضعة يدها بيد أعداء الوطن، وراحت تعيث فساداً في الأماكن التي تسيطر فيها، مستخدمة السلاح الذي وفره لها النظام البائد، لفرض رؤيتها خدمة لأجندات خارجية مشبوهة، مرتبطة بالاحتلال الاسرائيلي بشكل وثيق كما يفعل المدعو “الهجري” في محافظه السويداء، متخذاً من الطائفة الدرزية الأصيلة شماعة لتنفيذ رغبات الإرهابي نتنياهو.
وقد اختصر خطاب السيد الرئيس أحمد الشرع اليوم بعد إعلان وقف شامل لإطلاق النار في السويداء كل هذه الحقائق المجتمعية والتاريخية عندما قال: لقد كانت محافظة السويداء ولا تزال جزءاً أصيلاً من الدولة السورية، كما أن الدروز يشكلون ركناً أساسياً من النسيج الوطني السوري، علينا أن ندرك أن أي محاولة لتفكيك وحدة الشعب السوري أو إقصاء أي مكوّن من مكوناته تُعد تهديداً مباشراً لاستقرار سوريا، فقد أثبتت الأحداث خلال الأشهر الماضية أن أبناء السويداء بجميع أطيافهم يقفون إلى جانب الدولة السورية، ويرفضون مشاريع التقسيم باستثناء مجموعة صغيرة تحاول دفعهم بعيداً عن هذا الموقف الوطني، وقال: لا يجوز أن نحاكم الطائفة الدرزية بأكملها بسبب تصرفات فئة قليلة انزلقت في مواقف لا تمثل تاريخ هذه الطائفة العريق.
الرئيس الشرع فند ما يجري في محافظة السويداء بالقول: إن المصالح الضيقة لبعض الأفراد في السويداء ساهمت في حرف البوصلة حيث ظهرت طموحات انفصالية لدى بعض الشخصيات التي استقوت بالخارج، وقادت مجموعات مسلحة تمارس القتل والتنكيل بشكل متسارع، ورغم أن الدولة السورية وقفت إلى جانب السويداء بعد تحرير سوريا وحرصت على دعمها وتقديم الخدمات الأساسية لها، إلا أن هذه الشخصيات وقوى الفوضى أساءت لتلك المدينة ودورها في الاستقرار الوطني، مؤكداً أن الاستقواء بالخارج واستخدام بعض الأطراف الداخلية للسويداء كأداة في صراعات دولية لا يصب في مصلحة السوريين عامة بل يفاقم الأزمة ويهدد وحدة البلاد.
ولأن سوريا دولة لكل السوريين دون تمييز، أكد الرئيس الشرع أن الدولة تلتزم بحماية الأقليات والطوائف كافة في البلاد، وهي ماضية في محاسبة جميع المنتهكين من أي طرف كان، ولن يفلت أي شخص من المحاسبة، مشدداً على أهمية تحقيق العدالة وفرض القانون على الجميع”.
وشدد الرئيس الشرع على ضرورة الالتزام التام من جميع الأطراف بما فيها العشائر بإيقاف إطلاق النار والامتثال لأوامر الدولة، وقال: على الجميع أن يتفهم أن هذه اللحظة تتطلب وحدة الصف والتعاون الكامل من أجل تجاوز ما نمر به جميعاً، والحفاظ على بلدنا وأرضنا من التدخلات الخارجية أو الفتن الداخلية، فالدولة السورية.. وحدها القادرة على الحفاظ على هيبتها وسيادتها في كل بقعة من الأراضي السورية.
وكانت رسالة الرئيس الشرع إلى أبناء محافظة السويداء من دروز وبدو تدعو الى تصفية النفوس وتجاوز الخلافات العابرة، حيث قال: “إلى الأخوة من أبناء الدروز والبدو احرصوا على بعضكم البعض، فالجوار الذي جمعكم لقرون طويلة والروابط العميقة التي تجمعكم من تاريخ مشترك وقرابة ومصير واحد ووطن جامع، هي أسمى وأقوى من أن تعصف بها خلافات طارئة أو أحداث عابرة، وأضاف: “تؤكد الوقائع أن سوريا ليست ميداناً لتجارب مشاريع التقسيم أو الانفصال أو التحريض الطائفي، فقد اختار البعض طريق الاختلاف والانفصال واصطدموا بنتائج مأساوية أثبتت خطورة هذا المسار، واليوم بات من الضروري العودة إلى جادة الصواب والالتقاء على أرضية وطنية جامعة تشكل منصة حقيقية لبناء مستقبل سوريا”.
ولم تغفل كلمة الرئيس الشرع أهمية دور بعض الدول في دعم سوريا في تحقيق الاستقرار والتهدئة ورفض الاعتداءات الاسرائيلية، إلى جانب الدور الداخلي، فقد أكد ان قوة الدولة السورية تنبع من تماسك شعبها، ومتانة علاقاتها الإقليمية والدولية وترابط مصالحها الوطنية ما يرسخ استقرارها ويعزز نهضتها على المدى البعيد.
