الثورة – منهل إبراهيم:
في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة السورية بإرساء دعائم الاستقرار على كامل الجغرافيا السورية، وتثبيت السلم الأهلي بالطرق السياسية والتفاهمات، وآخرها احتواء الأحداث في السويداء، يعمل الاحتلال الإسرائيلي على تأجيج الأوضاع لتحقيق مكاسب على الأرض السورية، وفي عموم منطقة الشرق الأوسط، بمنطق الاستعلاء والقوة. وفي هذا الصدد كشفت مصادر سياسية في “تل أبيب” أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم وتستغل الأحداث الأخيرة في السويداء لتثبيت انتهاكاتها وتوغلاتها الجديدة في الجنوب السوري، بزعم أنه “ضرورة حيوية لأمن إسرائيل” و”مصدر استقرار في الجنوب السوري”.
وبحسب صحيفة “يسرائيل هيوم” الناطقة بالعبرية، التي تعبر عن سياسة اليمين الحاكم، فإن الإدارة الأميركية أيضاً تعترف بهذا الدور، حسب ادعاء الصحيفة الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: إن “الأحداث الأخيرة في السويداء دليل على أن إسرائيل لن تستطيع التخلي في المستقبل القريب عن المنطقة العازلة التي سيطرت عليها في كانون الأول الماضي”.
وفي الوقت الذي تسلك فيه الحكومة السورية طرق الدبلوماسية والحوار، وتطلق خطاباً متوازناً يخدم ظروفها الحساسة وظروف المنطقة الدقيقة، يدأب المسؤولون الإسرائيليون على إطلاق التهديدات تجاه سوريا، وأبرزهم رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، الذي قال خلال تقييم للوضع العسكري: إن “الجيش الإسرائيلي مطالب بالعمل هجومياً على عدة جبهات إلى جانب الدفاع الحيوي على الحدود”.
وفي سياق تحركاتها الاستفزازية توغلت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس الأربعاء باتجاه قرية الحلبي في الريف الأوسط من محافظة القنيطرة جنوب البلاد، ونقل عن مصادر محلية أن قوات الاحتلال نصبت حاجزاً عسكرياً مؤقتاً على الطريق العام قرب مدخل القرية، إضافة إلى انتشار عدد من العناصر في محيط القرية.
وأشارت الشبكة الإخبارية البريطانية “بي بي سي” إلى استهداف إسرائيل بعدوانها عدة مناطق داخل سوريا، من بينها منشآت حكومية داخل العاصمة دمشق، تحت مزاعم شتى للبقاء في مناطق توغلاتها في الجنوب السوري.
بموازاة ذلك أكدت مجلة نيوستيتسمان البريطانية، أنه يمكن تعقُّب هذه الاستراتيجية الإسرائيلية التوسعية منذ سقوط نظام الأسد، حين سارعت إسرائيل بضرب مئات الأهداف العسكرية السورية بينما السوريون منشغلون، وسرعان ما عبر الجيش الإسرائيلي الخط الحدودي مع سوريا الذي حدّدته الأمم المتحدة في عام 1974، متوغلاً في الأراضي السورية. وتؤمن إسرائيل، بحسب الصحيفة البريطانية، بأن الأوضاع الإقليمية الراهنة مواتية لتنفيذ استراتيجيتها في سوريا، في ظل تراجع النفوذ الإيراني، وسقوط النظام المتحالف مع إيران في دمشق، واستغراق القيادة السورية الجديدة في مجموعة من التحديات العسكرية والاقتصادية والأمنية.
وتؤكد الصحيفة، أن التدخل الإسرائيلي الأخير في سوريا، فيما يخص أحداث السويداء لم يكن بدافع إنساني، وإنما جاء في إطار استراتيجية قائمة على أساس الواقع السياسي بهدف السيطرة والتوغل.
في المقابل، تؤكد القيادة السورية أن إسرائيل همها الوحيد السعي إلى تمزيق سوريا، وتفتيت وحدتها وتحويلها إلى ساحة فوضى غير منتهية، وتتعهد بالدفاع عن تراب سوريا ومصالحها.
وتلفت وزارة الخارجية والمغتربين إلى أن السلوك الإسرائيلي يأتي ضمن سياق سياسة ممنهجة ينتهجها الكيان لإشعال التوتر وخلق الفوضى وتقويض الأمن والأمان في سوريا، وهذا وضع غير طبيعي تعمل الحكومة السورية على مواجهته ضمن الأطر القانونية وبشتى الوسائل السياسية برعاية وبمساندة الدول الشقيقة والصديقة.