الثورة – رفاه الدروبي:
“تظهر علاقة السينما مع غسان كنفاني وفق مستويين”، هذا ما أكده المخرج موسى مراغة في بداية حديثه ضمن ندوة استذكارية بعنوان “غسان كنفاني.. والفن السابع”، نظَّمتها أكاديمية دار الثقافة في مخيم اليرموك بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لرحيله.
ويتابع “مراغة” حديثه، مشيراً إلى أن كنفاني يبدو في المستوى الأول أنَّه هاوٍ ويتابع الأفلام لحد الولع بها، ويمكن بوساطة الفن أن تكون مجالاً لخدمة القضية الفلسطينية، وأن تكون الصورة خادمة وناقلة للفكر وللوعي، يقول: “حين بدأ الفن السابع يتشكَّل كان غسان من المشجِّعين للسينما الفلسطينية”.
واعتبر أن المستوى الثاني يتمثل بأكثر ما أُخذ من كتابات كنفاني كأفلام “رجال في الشمس، عائد إلى حيفا، المتبقي”، كما أُخذ فيلم “المخدوعون” بتصرُّف عن رواية “عائد إلى حيفا”، وعندما قرأ المخرج توفيق صالح قصته وجد إمكانية تحويلها إلى فيلم سينمائي، ولكن عندما قدَّمها لمؤسسة السينما المصرية لإخراجها كفيلم قوبل بالرفض لذا توجَّه إلى دمشق وأنجز الفيلم عام ١٩٧٠، كاتباً في مذكراته: “إنَّ لحظة استياء وامتعاض واجهته من المخرجين لأشهر فيلم سياسي على مستوى العالم”.
بينما الفيلم الثاني “عائد إلى حيفا” أُنتج عام ١٩٨٢، ثم أتبعه “بالمتبقي” عام ١٩٩٤، إضافة إلى إنجازه أفلاماً وثائقية تتناول الشباب الفلسطيني.
شخصية حالمة
أما الفنان محمود خليلي، فأشار إلى أنَّ كنفاني تناول كلَّ صنوف الأدب والصحافة، لكنَّه لم يكتب في السينما ولم يقتحمها لأنَّه يتمتع بشخصية حالمة، ولا يمكنه الدخول في تفاصيل العمل السينمائي، وربما تدهشه خصوصيته، ولكن لا يهتم به.
في حين تعتمد السينما والإذاعة إضافة للمسرح على العمل الجماعي، وكل ما كتبه يتجه نحو الكتابة الفردية التي تحوي تفاصيل ينبغي ألا يتدخل بها أي شخص بطريقة لا تروقه، لذا اكتفى بالقصة القصيرة والنقد والكتابة الصحفية.
وعندما صور فيلم “النهر البارد” كان حاضراً بشكل يومي في تفاصيل العمل، لكنه لم يكتمل، ثم تسرَّبت معلومة مفادها أنَّه كتب السيناريو لفيلم “زهرة البرقوق” للمخرج المصري الكبير يوسف شاهين، ولم يكن بعيداً عن السينما، لكنَّه لم يتعاطَ معها.
السينما ونقل الواقع
ذكر المخرج هشام فرعون أنَّ كنفاني ربَّما لم يحبَّ السينما رغم أهميتها في نقل واقع القضية الفلسطينية، وكان يرى أن السينما الفلسطينية لم تبدأ في ثمانينات القرن الماضي، فقد عرض أول فيلم في القدس عام ١٩٠٨، لافتاً إلى أنّ السينما تحتلُّ أهميةً لا تقلُّ عن السلاح، ولعلَّ فيلم “عائد إلى حيفا” أنتج في فترة تشهد الفقر السينمائي الواضح، وضعف الإنتاج، والأدوات.
ومن جهته دعا الدكتور حسن حميد إلى تشكيل لجنة لكتابة سيرة غسان كنفاني الذاتية لما تحمله من أخطاء، فكل عمل من أعماله له سردية، وخاصةً الروايات المنقولة للسينما، حيث تظهر في كيفية نقلها كفيلم “رجال في الشمس” إذ كتب السيناريو له غسان نفسه وأصبح فيما بعد اسمه “المخدوعين”، مؤكداً أن كنفاني لا يحمل إجازة في اللغة العربية كون ظروفه صعبة ولا تسمح بإكمال المرحلة الجامعية لانشغاله في الصحافة اللبنانية.