هل يعزز الإنتاج المحلي؟ “الاقتصاد” توقف استيراد جملة من المنتجات الزراعية
الثورة – رولا عيسى:
أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا القرار رقم (1360) لعام 2025، والذي يقضي بإيقاف استيراد مجموعة من المنتجات الزراعية خلال شهر آب من نفس العام.. وتشمل القائمة مجموعة من الفواكه والخضراوات، مثل: البندورة، الخيار، البطاطا، الكوسا، الفليفلة، التفاح، العنب، الخوخ، الدراق، الكرز، الإجاص، البطيخ الأحمر، البطيخ الأصفر، التين، التين المجفف، الثوم، البيض، والفروج الحي والطازج.
ما وراء القرار؟
يعد هذا القرار جزءاً من توجه عملي، من الواضح أن من خلاله تهدف الحكومة السورية إلى حماية القطاع الزراعي الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي.
القرار جاء بناءً على توصية وزارة الزراعة التي أصدرت كتابها رقم 197/ق.ت بتاريخ 27/07/2025، وهي خطوة تهدف إلى ضمان استدامة الإنتاج الزراعي المحلي وحماية المزارعين من المنافسة غير العادلة التي قد تضر بإنتاجهم المحلي.
أهمية الرزنامة الزراعية
من وجهة نظر الخبيرة التنموية الدكتورة زبيدة القبلان: القرار يتماشى مع الممارسات العالمية المتبعة، إذ يوجد ما يُعرف بـ “الرزنامة الزراعية” التي تطبق في العديد من الدول، مشيرة إلى أن الرزنامة الزراعية هي آلية تنظيمية تهدف إلى تحديد الأوقات المثلى لاستيراد وتصدير المنتجات الزراعية وفقاً للمواسم الزراعية المحلية.
وتقول في حديثها لصحيفة الثورة: تعتبر الرزنامة الزراعية أحد الأدوات الأساسية لضمان التوازن بين الإنتاج المحلي والاحتياجات الاستهلاكية من المنتجات الزراعية، فمن خلال تنظيم توقيت استيراد المنتجات، يتمكن المزارع من استثمار فترة ذروة إنتاجه المحلي، مما يسهم في تحقيق ربح جيد ويدعم استدامة الإنتاج. أيضاً، والكلام للقبلان، يساعد تطبيق الرزنامة الزراعية على تجنب الخسائر الناتجة عن المنافسة الأجنبية خلال الموسم، فالكميات المستوردة من نفس المنتجات تؤدي إلى انخفاض الأسعار المحلية بشكل حاد، وهو ما يتسبب في خسائر كبيرة للمزارعين.
ما الأبعاد الاقتصادية للقرار؟
هنا توضح الخبيرة التنموية أن قرار وقف استيراد هذه المنتجات في شهر آب يحمل عدة أبعاد اقتصادية، أهمها.. تحفيز الإنتاج المحلي من خلال وقف استيراد هذه المنتجات، حيث يتم تحفيز المزارعين المحليين على زيادة إنتاجهم خلال الأشهر التي تسبق هذا القرار، ما يؤدي إلى تعزيز النشاط الزراعي في البلاد. وتتابع البعد الثاني هو تحسين الأسعار من خلال تقليل المنافسة مع المنتجات المستوردة، ويمكن للمزارعين بيع منتجاتهم بأسعار أعلى، مما يعزز دخلهم ويحسن قدرتهم على الاستثمار في الإنتاج المستقبلي.
وتشير إلى البعد الثالث وهو الاستدامة الزراعية، فالقرار يعزز من فكرة الاستدامة الزراعية ويشجع على استخدام أفضل الأساليب الزراعية لإنتاج المحاصيل بشكل يتماشى مع احتياجات السوق المحلية.
والبعد الرابع والأهم- بحسب الدكتورة القبلان- الأمن الغذائي، حيث يأتي القرار في وقت حساس يعاني فيه القطاع الزراعي من العديد من التحديات، وتهدف الحكومة من خلاله إلى تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات الزراعية.
من جهة أخرى، يرى العديد من الاقتصاديين أن هذا القرار خطوة إيجابية تعكس حرص الحكومة على حماية مصلحة المزارعين المحليين. فهو يعزز من قدراتهم الإنتاجية ويشجع على الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الزراعية، كما أن هذا التوجه يمكن أن يساعد في توفير فرص عمل جديدة في القطاع الزراعي، وبالتالي يساهم في تقليل البطالة.
المخاوف من نقص في المعروض
من جهة أخرى، قد يواجه القرار العديد من التحديات في تطبيقه بشكل كامل، خصوصاً إذا كان هناك عجز في الإنتاج المحلي لبعض المحاصيل التي يتم منع استيرادها، وأبدى العديد من المواطنين تخوفهم من أنه قد يؤدي القرار إلى نقص في بعض أنواع الخضار والفواكه في الأسواق، مما يرفع من أسعارها ويؤثر سلباً على القدرة الشرائية خاصة من ذوي الدخل المحدود.
وقال المواطن ماهر مصطفى لـ”الثورة”: بالكاد أشتري بين فترة وأخرى الفواكه لأبنائي، فهي أساساً مرتفعة ولا يوجد نوع واحد أقل من 10 آلاف للكيلو، فما بالكم بعد وقف الاستيراد، ربما تتضاعف الأسعار، وهذا ما اعتدنا عليه في المرات السابقة.
لاشك أن الحكومة تحتاج إلى تنفيذ هذا القرار بشكل تدريجي مع وجود سياسات موازية مثل تقديم دعم فني ومالي للمزارعين، بالإضافة إلى توفير مستلزمات الإنتاج وتوسيع مناطق الزراعة لتلبية الطلب المحلي، وهذا سيؤدي إلى تطوير القطاع الزراعي بشكل أكثر استدامة. في الختام، يُعتبر قرار وزارة الاقتصاد والصناعة السوري بتوقف استيراد بعض المنتجات الزراعية في شهر آب من عام 2025 خطوة هامة نحو حماية القطاع الزراعي المحلي وتعزيز الإنتاج الوطني، لكن نجاح هذا القرار يتطلب أن يتم تطبيقه بشكل مدروس، مع توفير دعم كافٍ للمزارعين لضمان توفير المنتجات المحلية بالكمية والنوعية المطلوبة، بما يتناسب مع احتياجات السوق المحلي.