الثورة – رولا عيسى:
تبدو الخطوات متسارعة نحو تعزيز التعاون الإقليمي، فقد أعلن وزير الطاقة التركي، آلب أرسلان بيرقدار، أن تركيا ستبدأ في تزويد سوريا بالغاز الطبيعي القادم من أذربيجان عبر ولاية كيليس التركية في الثاني من آب المقبل.
كما أكد الوزير أن سوريا ستتلقى نحو 900 ميغا واط من الكهرباء، ما يكفي لتلبية احتياجات نحو 1.6 مليون منزل.
هذه الخطوة تحمل معها العديد من الفوائد والفرص، بالإضافة إلى بعض التحديات التي قد تؤثر على مختلف القطاعات الاقتصادية في سوريا، مثل القطاعات الصناعية، الزراعية، والخدمية.
تزويد سوريا بالغاز الطبيعي والكهرباء من تركيا يمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجهها سوريا في تنفيذ هذا المشروع، إلا أن الفوائد التي سيجنيها القطاع الصناعي، الزراعي، والخدمي ستكون كبيرة. وإذا تم استغلال هذه الإمدادات بشكل جيد، فإنها قد تساهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات.
القطاع الصناعي
تعتبر الطاقة أحد العوامل الأساسية التي تحدد قدرة القطاعات الصناعية على الإنتاج والتوسع، في ظل أزمة الطاقة التي تعيشها سوريا بعد سنوات من الحرب، ويمكن أن يكون تدفق الغاز الطبيعي والكهرباء من تركيا له تأثير إيجابي كبير على الصناعات السورية.
الأمر الآخر المهم هو خفض تكلفة الإنتاج، فالطاقة تعد من أهم مدخلات الإنتاج في الصناعة، مع توفر الغاز الطبيعي والكهرباء، ستتمكن المصانع من تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المكلفة مثل الوقود السائل أو المولدات الكهربائية، وهذا من شأنه أن يساهم في خفض تكلفة الإنتاج بشكل كبير.
في مكان آخر يسهم القرار في زيادة القدرة الإنتاجية، وتحسن إمدادات الطاقة من الغاز الطبيعي والكهرباء سيسهم في رفع الكفاءة التشغيلية للمصانع، مما يتيح لها تشغيل خطوط الإنتاج لفترات أطول وزيادة حجم الإنتاج، وبالتالي، سيؤدي ذلك إلى زيادة الإمدادات المحلية وتحفيز التصدير، خصوصاً في الصناعات الثقيلة مثل الإسمنت، الصلب، والبتروكيماويات.
كذلك دعم الابتكار والتوسع، من خلال توفر الطاقة بكميات كافية يسهم في خلق بيئة ملائمة للاستثمار في الصناعات التكنولوجية والصناعات الحديثة التي تتطلب طاقة مستمرة ومستقرة، مثل الصناعات الإلكترونية والتقنية.
القطاع الزراعي
القطاع الآخر في هذه المعادلة هو الزراعي حيث يعاني من تحديات عديدة أبرزها نقص المياه والطاقة، وتدفق الغاز الطبيعي والكهرباء من تركيا قد يساهم في دعم هذا القطاع بشكل مباشر وغير مباشر، وتحسين الري الزراعي فتوفر الكهرباء أحد العوامل الأساسية لتشغيل المضخات وأنظمة الري الحديثة، مع تزويد سوريا بالكهرباء، يمكن تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة، وهو ما سيسهم في تحسين إنتاج المحاصيل خاصة في المناطق ذات التربة الخصبة.
كذلك فيما يخص توسيع استخدام الآلات الزراعية: توفير الطاقة يمكن أن يدعم استخدام الآلات الزراعية المتطورة التي تعتمد على الكهرباء أو الغاز في عملياتها، مثل آلات الحصاد، المعامل الزراعية، وغيرها، مما يزيد من الإنتاجية ويقلل من الحاجة للعمل اليدوي.
وكل ما ذكر يسهم في زيادة الأمن الغذائي، عبر تحسن استدامة إنتاج المحاصيل ويعزز الأمن الغذائي في سوريا، ويقلل من الاعتماد على الاستيراد ويؤمن احتياجات السوق المحلية من المنتجات الزراعية الأساسية.
القطاع الخدمي
القطاع الخدمي في سوريا، بما في ذلك النقل، الصحة، والتعليم، يحتاج بشكل أساسي إلى استقرار الطاقة، تزويد سوريا بالكهرباء والغاز الطبيعي قد يسهم في تحسين جودة الحياة بشكل عام.
وعليه من المؤكد سيسهم القرار في تحسين إمدادات الكهرباء للمنازل، عبر تزويد سوريا بـ 900 ميغاواط من الكهرباء سيساهم في تحسين إمدادات الكهرباء للمنازل، هذا يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على جودة حياة المواطنين، وسيمكنهم من التمتع بكهرباء مستقرة أكثر، خصوصاً في فصل الصيف، وتزيد الحاجة إلى تكييف الهواء.
وأيضاً تحسين الخدمات الطبية، فالمؤسسات الصحية في سوريا تحتاج إلى إمدادات ثابتة من الكهرباء لضمان تشغيل الأجهزة الطبية الحيوية، مع تحسن إمدادات الكهرباء، ستتمكن المستشفيات من تقديم خدمات أفضل للمرضى، بما في ذلك توفير خدمات الطوارئ والرعاية المركزة.
الأمر ينطبق على تحسين قطاع التعليم، لأن المؤسسات التعليمية تحتاج أيضاً إلى استقرار الطاقة لتشغيل الأنظمة التعليمية الإلكترونية والمرافق المختلفة، فتوفير الكهرباء يساعد في تحسين جودة التعليم عن بُعد واستخدام التكنولوجيا في الفصول الدراسية.
الأرقام والاحتمالات
وفقاً لتصريحات وزير الطاقة التركي، فإن سوريا ستتلقى نحو 900 ميغاواط من الكهرباء، ما يغطي احتياجات نحو 1.6 مليون منزل.
بالنسبة للغاز الطبيعي، فإن الإمدادات ستسهم في تزويد العديد من المصانع بالطاقة اللازمة، إذا تم استغلال هذه الإمدادات بشكل فعّال، فإنها يمكن أن تساهم في زيادة الإنتاج الصناعي بنسبة قد تصل إلى 20- 30 بالمئة في بعض القطاعات، وتحسين الإنتاج الزراعي بنسبة قد تتراوح بين 15- 25 بالمئة، خاصة في المناطق التي تعتمد على الري الكهربائي، وتحسين مستوى الخدمة في قطاعات الصحة والتعليم بنسبة قد تصل إلى 10- 15 بالمئة.