المعاملات العقارية.. لا موافقة أمنية ولا إيداع إلزامياً خبير اقتصادي لـ”الثورة”: يُقلل التلاعب ويُشجع على الشفافية
جاء تعميم وزارة المالية الأخير بشأن تسهيل إجراءات منح براءة الذمة المالية في معاملات البيوع العقارية ليشكل محور نقاش واسع في الأوساط الاقتصادية والحقوقية، نظراً لما ينطوي عليه من تغييرات جوهرية في آلية التعامل مع الضرائب العقارية والعقبات الإجرائية المرتبطة بها. فالتعميم، الذي يُعد من أبرز المؤشرات على توجه إصلاحي ملموس في السياسات المالية والإدارية، لا يقتصر على تعديل تقني في الإجراءات، بل يعكس تحوّلاً تدريجياً في فلسفة الدولة تجاه تنظيم السوق العقارية، من منطق الرقابة المعقدة إلى منطق التيسير المدروس والشفافية.
التعديلات الجديدة- سواء من إلغاء شرط الموافقة الأمنية، أو تخفيض القيمة الرائجة في احتساب الضريبة، أو إلغاء شرط الإيداع المصرفي- لم تُفهم فقط كقرارات إدارية ظرفية، بل فُسّرت على نطاق واسع على أنها مقدمة عملية لقانون جديد أكثر عدالة وواقعية، قادر على مواكبة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
لا مانع

وحول إلغاء شرط الموافقة الأمنية، اعتبر قربي أن هذا القرار جاء في توقيت مناسب ويُعد تطوراً لافتاً، كونه يزيل واحدة من أكبر العوائق البيروقراطية التي كانت تؤخر إتمام المعاملات العقارية، ويستبدلها بوثيقة “لا مانع” تُمنح فورياً، ما يختصر الزمن والجهد، ويعزز الثقة في عدالة الإجراءات.
طرق غير قانونية
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن إلغاء شرط إيداع 50 بالمئة من القيمة الرائجة في المصارف، هو قرار عقلاني ينهي قيداً مالياً صعب التطبيق في الظروف الراهنة، مع الحفاظ على توجيه سليم بتشجيع الإيداع في المصارف كآلية لحماية حقوق الأطراف وضمان شفافية البيع، وضمن أطر تضمن حرية السحب متى اقتضت الحاجة، بما يتماشى مع تعليمات مصرف سوريا المركزي.
عقد رضائي
واختتم الخبير قربي تصريحه بالتأكيد على أن هذا التعميم يشير إلى تحول نوعي في نظرة وزارة المالية إلى إدارة الملف العقاري، حيث باتت الإجراءات تستند إلى منطق التسهيل والمرونة، دون التفريط بحق الدولة أو المواطن، وهو ما يمهد لتطبيق قانون جديد عصري وشامل لضريبة البيوع العقارية يُراعي متغيرات السوق واحتياجات المواطنين معاً.
تشريع منتظر
التعميم ألغى شرط تقديم إشعار تسديد 50 بالمئة من القيمة الرائجة في أحد المصارف السورية عند توثيق عقود البيع، وهو الشرط الذي كان يفرض أعباءً إضافية على المتعاملين، وفي الوقت نفسه، شجعت وزارة المالية المشترين أو وكلاءهم القانونيين على إيداع حصيلة البيع في أحد المصارف حمايةً لحقوقهم، مع التأكيد على أن المبالغ المودعة يمكن سحبها بالكامل عند الحاجة، وذلك وفق تعليمات مصرف سوريا المركزي.
تخفيض 30 بالمئة
واختُتم التعميم بإلغاء العمل بالموافقة الأمنية كشرط أساسي للحصول على براءة الذمة المالية، وهو ما اعتُبر تطوراً مهماً في مسار تسهيل الإجراءات، حيث سيتم استبدال هذا الشرط بإصدار وثيقة “لا مانع من إتمام المعاملة العقارية”، تُمنح مباشرة إلى جانب براءة الذمة وتكون صالحة لمدة ثلاثة أشهر.
