الثورة – سهى درويش
تستعد سوريا لخوض انتخابات مجلس الشعب، وسط تطلعات محلية ودولية بأن تكون هذه الدورة الانتخابية بداية مرحلة من الحياة التشريعية في سوريا الجديدة، تستند إلى الشفافية والمشاركة الفاعلة.
وفي ظل التحولات التي طرأت تكتسب هذه الانتخابات بعدًا استثنائيًا، ليس لكونها استحقاقًا دستوريًا فقط، بل لأنها تعبّر عن إرادة المواطنين.
مهام تشريعية جسام للمنتخبين
وللحديث عن الإطار القانوني للنظام الانتخابي الجديد، أكد الدكتور منير عباس مدرس القانون الدستوري في جامعة اللاذقية، كلية الحقوق في حديث لـ”الثورة”، أنه يقع على عاتق مجلس الشعب الذي سيتم انتخابه مهام جسام في المجال التشريعي ومراقبة الأداء الحكومي.
وأضاف الدكتور عباس: إن المجال التشريعي له الأهمية الكبرى، لأنه يوجد الكثير من القوانين التي تحتاج إلى تعديل أو إلغاء، وإصدار قوانين جديدة، وهذا لا يتحقق إلا بوجود مجلس الشعب الذي يتولى وحده سلطة التشريع في البلاد.
أما فيما يتعلق بمراقبة الأداء الحكومي، فإن الأعضاء في مجلس الشعب لهم الحق في استدعاء الوزراء، وأخذ معلومات وتقارير عن الأوضاع، ولا سيّما في المجال الخدمي وتوفير الأمن والأمان للمواطن.
على قدر المسؤولية
الدكتور عباس أشار إلى أن أمام مجلس الشعب مهام كثيرة، ونأمل أن يكون أعضاء المجلس على قدر المسؤولية، وينالون ثقة المواطن، كما نتمنى أن يكون الأعضاء على دراية كاملة بتفاصيل الأمور، وقريبين من المواطنين وهمومهم، وكل عضو قادر على التواصل مع مجتمعه.
صيغة انتخابية تلائم الواقع
ونوّه الدكتور عباس بأن الانتخابات لهذا الدور التشريعي لها أهمية كبرى بعد التحرير، وصدور الإعلان الدستوري الذي نص بموجب الباب الثالث منه على أن يمارس السلطة التشريعية مجلس الشعب، ويشكل رئيس الجمهورية لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب، وتقوم هذه اللجنة بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، تقوم بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، ويعين رئيس الجمهورية ثلث الأعضاء لضمان التمثيل العادل والكفاءة.
وأضاف الدكتور عباس: إن السيّد الرئيس أصدر المرسوم رقم ٦٦ لعام ٢٠٢٥ بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات ضمت ١١ عضواً، من بينهم سيدتان، وبرئاسة د.محمد طه الأحمد.. وهذه اللجنة عقدت لقاءات عدة مع مختلف شرائح المجتمع السوري وفعالياته، وقامت بإعداد النسخة النهائية من النظام الداخلي المؤقت لمجلس الشعب، وسلمت هذه النسخة للسيّد الرئيس، وتم رفع عدد الأعضاء من ١٥٠ عضواً إلى ٢١٠ أعضاء، حصة كل محافظة بحسب تعداد السكان، ونسبة النساء ٢٠% من المقاعد بعد توقيع المرسوم الخاص بالنظام الداخلي.
وسيتم خلال أسبوع اختيار اللجان الفرعية ومن ثم اختيار الهيئات الناخبة، كما سيتم فتح باب الترشح لثلاثة أيام وفق الشروط التي حددتها اللجنة العليا للانتخابات، وستجري مناظرات بين المرشحين ثم ستقوم الهيئات الناخبة باختيار الأعضاء، وتتوزع المقاعد بين فئتين: الأعيان والمثقفون، وسيتم اختيار الأعضاء تحت مراقبة اللجنة العليا للانتخابات، والمجتمع الدولي والمنظمات المعنية.
وأكّد الدكتور عباس أن هذه الصيغة للانتخابات تلائم الواقع الحالي والإمكانات المتاحة ريثما يتم تشكيل مجلس شعب ويضع نظاماً خاصاً به، وأيضاً ريثما يتم وضع دستور دائم للبلاد، لافتاً إلى أن ولاية مجلس الشعب ٣٠ شهراً ولا تجدد إلا بقانون.
التطلعات لمنتخبين أكاديميين
وحول الآمال من هذه الانتخابات التشريعية، قال الدكتور عباس: نأمل أن يخصص لكل عضو مكتب في مبنى المحافظة مثلاً لاستقبال المواطنين والاستماع إلى شكاواهم والعمل على معالجتها من خلال المتابعة مع الجهات المعنية، كما نتمنى أن يكون هناك أعضاء في مجلس الشعب من الجامعة التي تضم كوادر مثقفة وخبرات متعددة، وتواجدها فعّال في المجلس للاستفادة من الخبرات التي تساهم في تطوير العمل التشريعي والمجتمع.
وأخيراً..
ما بين النصوص القانونية التي تنظم العملية الانتخابية، وتطلعات الشعب السوري إلى برلمان يعكس همومه وأمانيه، يبقى الطموح لتأسيس حياة سياسية أكثر توازنًا وتمثيلاً، وتحويل هذا الاستحقاق من إجراء شكلي إلى خطوة فعالة على طريق بناء الدولة الحديثة والمؤسساتية التي ينشدها الجميع.