الثورة – رانيا حكمت صقر:
عندما تتحول الألوان والخطوط إلى كلمات صامتة، تتحدث عوضاً عن محطات الحياة وتجارب المجتمع، يصبح الفن التشكيلي لغة حقيقية تعكس أعمق المشاعر والأفكار.. هذا ينطبق تماماً على محمد الجزائرلي، الفنان الشاب الذي يروي لصحيفة الثورة كيف بدأ رحلته كطفل مفتون بالرسوم الكرتونية، ليصبح اليوم صانع شخصيات فنية وقصص مرسومة تروي واقعنا المليء بالتحديات، بألوانه وتكنيكه الخاص الذي يحمل توقيع ذاته وألمه الداخلي.. منذ طفولته، كان يجد نفسه مشدوداً إلى عالم الرسوم الكرتونية والصور المتحركة، إذ بدأ التقليد ومحاكاة الشخصيات التي كانت تأسر خياله. يقول: “بداياتي كانت مثل أي طفل يشده أي شيء، وأكتر ما كان يشدني الرسوم الكرتونية والصور المتحركة. شيئاً فشيئاً بدأت أحاول تقليدها ونقلها”.
مع مرور الوقت، تطورت موهبته من تقليد إلى ابتكار، وبدأ يختلق شخصيات من مخيلته ويؤلف قصصاً عنها، وهي عملية ساعدته على تطوير قدراته التعبيرية بعمق أكبر، معتبراً أن التزامه واستمراره قاده إلى تحقيق حلم الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، فوجد البيئة الخصبة التي أكسبته الأدوات والتقنيات اللازمة لبناء أسلوبه الفني الفريد. يضيف الجزائرلي: “بعد دخولي الكلية بدأت أشيّد فني بأسلوبي وألواني، وتكنيك خاص بي يحاكي الواقع والأزمات التي نعيشها بمجتمعنا”، ويعبّر عن فنه بأنه وسيلته للبوح بمكنونات أفكاره ومشاعره تجاه الواقع، مشيراً إلى أن الرسم كان دائماً هو اللغة التي تعبر بها روحه، كما أنه رسالة شاعرية مليئة بالألغاز المعقدة القابعة في خبايا الذات والروح، “هو هويتي وما أستطيع من خلاله التعبير بكل صدق عن أفكاري وتوجّهاتي ومشاعري”. لم يقتصر نشاطه على الرسم فقط، بل شارك في حملات تطوعية وأمسيات ثقافية عدة ضمن فريق “أثرنا الثقافي”، ومنظمة “بنفسج”، واتحاد الكتاب العرب في دمشق، فلامس جانباً أكبر من المجتمع واحتياجاته، ما أثرى فنه بتجارب إنسانية متعددة.
ويختم محمد الجزائرلي.. يُمكن رؤية رسوماته على أنها نوافذ تُطل على الواقع السوري الراهن بكل ما يحمله من آلام وآمال، لكنها أيضاً دعوة للمراجعة والتغيير من خلال لغة بصرية تفيض بالإبداع والإرادة.