ترك غياب وزارة الزراعة عن مشهد حرائق الغابات في اللاذقية، ومصياف، والغاب، انطباعاً قاتماً للقطاع الزراعي عند الناس، لأن الوزارة هي المعني الأول بالموضوع من خلال مراكز حماية الغابات، وأفواج الإطفاء، وعليه كان يُفترض أن يكون وزير الزراعة هو من يدير ويتابع ويشرف على الإطفاء، وليس وزير الطوارئ والدفاع المدني.
حرائق الغاب ومصياف كانت أكثر وضوحاً للغياب في الإشراف وإدارة عمليات الإطفاء، وتصدر المشهد أبناء القرى والأرياف والفزعات الذين جسدوا ببطولاتهم أسمى معاني التضحية، والانتماء، والغيرة، والحرص على تلبية الواجب الوطني.
غيرة أبناء المناطق المحيطة بالغابات يجب أن تعيد صياغة وترتيب آلية حماية الغابات والحراج وتشريعاتها، ففي كثير من دول العالم أبناء المجتمعات المحلية هم مَن يحمي الغابات، وتعمل الحكومات على ربط مصيرهم ودخلهم بهذه الغابات من خلال توظيفهم في حماية الغابات، وتشغيلهم في استثمارات من طبيعة الغابات، كمصانع النباتات الطبية والعشبية، والنشاطات السياحية، ومراكز النقاهة الصحية والعلاجية، كما تجعلهم يستفيدون من منتجات الغابة، ولاسيما حطب التدفئة الناتج عن عمليات التقليم و القطع المنظم بإشراف الجهات المعنية.
الغابات ثروة وطنية لكل العالم، وليس فقط للمجتمعات المحلية أو البلد التي تتواجد فيه، ومَن يراهن على عودة الغابات سيجد أن التصحر سيكون أسرع، وسيبلغ الشواطئ، كما في دول الخليج، وليبيا، ومصر، وسيضرب الجفاف كل ما تبقى من زراعة، وينابيع ومسطحات مائية في ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات مناخية.
حتى الآن يمكن إنقاذ الكثير مما بقي لدينا من غطاء أخضر بالتركيز على حماية ما تبقى أولاً، وبوضع خطط لإعادة ترميم المناطق المحروقة بأنواع حراجية مناسبة لطبيعة المنطقة ومنع الاعتداء عليها، وإعادة عناصر الحماية لعملهم ورفد مراكز الحماية بعناصر جديدة، وتجهيزات إطفاء حديثة وآليات هندسية، وفتح تنظيف خطوط النار.
ساهمت مراكز حماية الغابات بشكل كبير في إطفاء الحرائق، وكان لخبرة عناصرها وبطولاتهم دور مهم في إخماد الحرائق، وهذا ما يجب أن يُبنى عليه في زيادة عدد المراكز وعناصرها.
الحرائق تضرب في كل العالم، والمعالجات تكون من داخل الغابات، وليس خارجها، وبنظم وتقنيات حديثة، لأن الغابات ثروة وطنية وعالمية، ولذلك نرى تعاون الدول والمنظمات في مكافحة الحرائق، فالغابات تمتص غازات الاحتباس الحراري وتوفر الأكسجين، وتحمي التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، كالمياه وحماية التربة من الانجراف، إضافة لتوفير فرص اقتصادية.