الأطراف الصناعية .. مساحة تنبض بالأمل وتفتح أبواب حياة جديدة

الثورة – لينا شلهوب:

في أروقة معرض دمشق الدولي، حيث تختلط ألوان الأجنحة المختلفة بروائح التفاؤل، يلفت الانتباه جناح صغير لكنه كبير بمعناه، جناح الأطراف الصناعية، هنا، لا تُعرض منتجات فحسب، بل تروى قصص بشرية تبدأ من الألم، وتنتهي بالقدرة على الحركة أو السير من جديد.

مفتاح لباب حياة جديدة

من بين الزوار، كان أبو شادي، يسير ببطء متكئاً على عكازه، عيناه تتأملان بحذر الأطراف المعروضة أمامه، فهذا الرجل فقد ساقه منذ سنوات بسبب إصابة حرب، ومنذ ذلك الوقت شعر أن حياته توقفت عند حدود العجز، لكنه عندما جرب أحد الأطراف الذكية المعروضة، لم يتمالك دموعه، قال بصوت متأثر: لم أتخيل أنني سأمشي بهذه الخفة مرة أخرى، لذا أشعر أنني استعدت جزءاً من نفسي، وتابع قائلاً: لقد دعوت صديقي لزيارة المعرض والاطلاع على الجناح الانساني، لأنه مقبل على تركيب أحد الأطراف، فهذا الطرف الصناعي لم يكن مجرد قطعة معدنية أو بلاستيكية، بل هو مفتاح لباب حياة جديدة.

إلى جانبه كانت سارة، شابة فقدت ذراعها في حادث سير، قالت: لم يكن أصعب ما مررت به فقدان الذراع فقط، بل فقدان استقلاليتي، إذ كنت أحتاج دائماً من يساعدني في أبسط الأمور، اليوم وأنا أرى هذه الأطراف الحديثة، أشعر أنني سأستعيد استقلاليتي، وسأعود فتاة قادرة على مواجهة العالم ومتطلبات الحياة بكلتا يدي.

يمان عمران، يقول: لدي أطراف صناعية تسكن أجساد اللحم، مررت برحلة عذاب بتر الأطراف، لكن بين قلب صابر وعزيمة من صخر، استطعت أن أتجاوز الحالة، وعندي أصدقاء وأقارب، لديهم أجساد بشرية على حدائد عمودية متحركة، مشاهد تؤكد صعوبة الحالة التي ينتقل فيها المرء من حالة الجسد الكامل إلى حالة فقدان عضو من أعضائها.

قصص مثل قصة أبو شادي وسارة، تتكرر في هذا الجناح، حيث يجد المصابون بأن التكنولوجيا لم تخلق فقط للتطوير والرفاهية، بل أيضاً لترميم ما كسرته الحروب والحوادث، فالأطراف الصناعية الجديدة مزودة بحساسات دقيقة تستجيب لإشارات العضلات، فتمنح حاملها مرونة وقدرة قريبة من الطبيعية، ومع كل حركة ناجحة، يزداد شعور المصاب بأن الحياة ما زالت تمنحه فرصة أخرى.

تحسّن نفسي

الأطباء المتواجدون هنا يؤكدون أن الأمر لا يتوقف عند الجانب الحركي، فالقدرة على المشي أو الإمساك بالأشياء من جديد ترفع الروح المعنوية للمصابين بشكل كبير، وتعيد لهم الثقة بالنفس، بل إن بعض الحالات تتحسن نفسياً بدرجة تفوق التحسن الجسدي، لأن الشعور بالاندماج في المجتمع يبدد عزلة طويلة من الانكسار.

وعن الأثر الطبي لهذه الأطراف، يوضح الدكتور مروان الحسن اختصاصي التأهيل الحركي المتواجد في الجناح، أن الطرف الصناعي لا يعوض فقط وظيفة مفقودة، بل يمنع أيضاً ضمور العضلات ومشكلات العمود الفقري الناتجة عن العجز، والأهم أنه يرفع معنويات المصاب ويعيد له الثقة بنفسه، وهذا نصف العلاج إن لم يكن أكثر.

بدورها رئيس جناح وزارة الصحة ابتسام عباس، تحدثت عن مشاركة الوزارة التي تأتي لتسليط الضوء على الخدمات التي يتم تقديمها ضمنها برامج الرعاية الصحية التي تشمل اللقاحات، التغذية، الحد من موضوع التدخين، التبرع بالدم، كذلك وجود عيادة متنقلة موجودة بأرض المعرض على مدى ساعات المعرض، بالإضافة إلى منظومة إسعاف متكاملة بأربع سيارات إسعاف مع العتاد الكامل من فريق مديرية صحة دمشق، المتمثل بالكادر الطبي وجميع المستلزمات.

مضيفة: إن هناك إقبالاً من الزائرين، للتعرف على عمليات التحول الرقمي وآليات العمل، مشيرة إلى أنه سجل أمس مركز التبرع بالدم أكثر من 90 متبرعاً بمختلف زمر الدم، مؤكدة على أهمية ثقافة التطوع، والمبادرات للتسجيل على العمليات الجراحية.
منسق الحملات والبعثات الخارجية الدكتور يزن سليمان، لفت إلى أن مديرية الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل، تعمل على تصنيع الأطراف الاصطناعية، والمقومات العلوية والسفلية بمختلف المستويات في وحدة تصنيع الاطراف الاصطناعية، بعد أن يتم الفحص والتقييم في العيادة الاستشارية، وإجراء جلسات تأهيل قبل تركيب الطرف وبعد التركيب عبر التدريب على المشي، مع تحديد نوع المساعدة الحركية في حال استدعت الحاجة، بالإضافة إلى وضع الخطة العلاجية المناسبة لكل حالة على حدة، ويتم إجراء جلسات علاج بالأمواج الصادمة للمرضى مثل التهاب وتر، أو غيره، كما يتم اجراء جلسات علاج بالأمواج فوق الصوتية النبضية منخفضة الشدة لمرضى قصور العظام لتسريع وتحريض التئام من قبل جهاز أخذ براءة اختراع ومشارك حالياً في المعرض الوطني للمبدعين والمخترعين من قبل مهندسة تعمل لدى مديرية الطب الفيزيائي.

لا يمثل ابتكاراً فحسب

هنا من معرض دمشق الدولي، يخرج الزائر من جناح الأطراف الصناعية وفي ذهنه صورة واضحة، هنا تزرع بذور الأمل، فكل طرف صناعي معروض لا يمثل ابتكاراً تقنياً فحسب، بل يمثّل قصة إنسانية جديدة، وخطوة أولى نحو حياة مختلفة.
في بلد عاش سنوات من الجراح، يصبح لجناح كهذا معنى مضاعف، إنه يروي أن الإنسان قادر على النهوض مهما كانت خسارته، وأن التكنولوجيا يمكن أن تعيد له ليس حركته فقط، بل كرامته وابتسامته.

ومن قلب معرض دمشق الدولي، حيث تجتمع الأفكار الجديدة والابتكارات العلمية، يبرز جناح الأطراف الصناعية كمساحة مميزة تنبض بالأمل وتفتح أبواب حياة جديدة لفاقدي الحركة، فقد تحوّل الجناح هذا العام إلى مقصد لزوار كثر، بعضهم جاء بدافع الفضول، وآخرون بدافع الحاجة والأمل في استعادة القدرة على المشي أو استخدام اليدين، بعد إصابات أو إعاقات غيرت مجرى حياتهم.

آخر الأخبار
لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق فرصة ذهبية تجمع المنتج والمستهلك في مكان واحد "السورية للطيران".. حسومات وسحوبات وبطاقات مجانية الأطراف الصناعية .. مساحة تنبض بالأمل وتفتح أبواب حياة جديدة المعارض الزراعية.. وجهة هامة للمزارعين والباحثين والشركات لتعزيز التكامل الرقمي.. سوريا والسعودية تناقشان التعاون في قطاع الاتصالات سوريا.. تجاوز الإرث الثقيل بمواجهة التحديات ووأد مشروعات التقسيم قمة منظمة شنغهاي للتعاون .. اختبار قوة في عالم مضطر الاقتصاد غير المرئي في "دمشق الدولي".. أنشطة صغيرة لكنها داعمة معهد جيل الفرقان يكرّم حفظة القرآن الكريم في الدانا بريف إدلب فنادق الأربع نجوم بوسط دمشق.. عبق التاريخ ودفء الضيافة "التعاون الخليجي" يبحث إطلاق منتدى استثماري مع سوريا ويؤكد رفضه التوغلات الإسرائيلية أزمة النفايات في سوريا بعد الحرب.. تهديد بيئي وصحي يتطلب استجابة عاجلة تقرير حقوقي: 91 ضحية في سوريا خلال آب 2025 بينهم أطفال وسيدات وضحايا تعذيب