المعارض الزراعية.. وجهة هامة للمزارعين والباحثين والشركات

الثورة – مريم إبراهيم:

المعارض الزراعية من أبرز المنصات العلمية والاقتصادية والاجتماعية التي تجمع بين القطاع الأكاديمي والصناعي، لاسيما تلك التي تُقام في سوريا خلال السنوات الأخيرة.
كلية الهندسة الزراعية بجامعة دمشق لها مشاركاتها، وتبرز أهمية هذه المشاركة في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع الزراعي السوري من تحديث تقني، واستدامة، وتوجه نحو اقتصاد السوق، ونقص الموارد، والحاجة لإحداث نهضة في التعليم الزراعي وتعزيز القدرات البحثية وربط الطلاب بواقع العمل وتلبية احتياجات السوق.

دور فاعل

عميد كلية الزراعة الدكتور أحمد الحاج أحمد بيَّن في لقاء لصحيفة الثورة أهمية مشاركة الكلية في مدينة المعارض بدمشق، والدور الحيوي لهذه المشاركة في تعزيز التعليم والتدريب الزراعي، وتطوير البحث العلمي، بناء الشراكات، دعم التنمية المجتمعية، فالمعارض الزراعية لقاءات تعليمية وإيضاحية تُقام في أماكن متخصصة لعرض الابتكارات والتقنيات والخدمات الحديثة من قبل العارضين المختصين، بهدف تبادل المعرفة وتقديم المشورة وبحث حلول لمشكلات الإنتاج الزراعي، إضافة لدعم التسويق وإيجاد قنوات تعاون جديدة.

ولفت إلى الأدوار الأساسية للمعارض الزراعية، فهي منصة ابتكار وتحديث تقني، وتستعرض الشركات والهيئات أحدث ما لديها من تقنيات الإنتاج الزراعي والحيواني، وأدوات الحصاد، وأنظمة الري، والطاقة المتجددة، والأتمتة الزراعية، وتتيح منصة للعارضين والمنتجين الزراعيين لمناقشة التحديات والبحث عن حلول مبتكرة من خلال الحوارات المباشرة، وتبادل التجارب العملية حول مشكلات التسويق والتصنيع وجودة المنتجات والموارد البيئية، ووسيلة دعاية وترويج للأفكار والشركات، فهي لا تقتصر على العرض التجاري، بل تسهم أيضاً في التأثير على المتلقين وبناء سمعة المؤسسات لدى جمهور واسع من الفاعلين في القطاع الزراعي والمجتمع، مع تعزيز رؤية الدولة في الأمن الغذائي والاستدام.

وأوضح أن المعارض تشكل امتداداً لجهود الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، والاكتفاء الذاتي، وتطوير سلسلة القيمة الزراعية، والتوعية بأهمية الاستخدام الأمثل للموارد ومستلزمات الإنتاج، وتتجلى هذه الأبعاد بشكل ملموس في معارض دمشق الزراعية التي أصبحت وجهة هامة للمزارعين، والباحثين، والشركات المحلية والدولية، بما توفره من فرص لعرض المنتجات وابتكار الحلول، ومناقشة التحديات في مناخ تفاعلي غني بالتنوع الفكري والتقني.

تعزيز التعليم الزراعي

وأوضح د. الحاج أحمد دور المعارض الزراعية في تعزيز التعليم الزراعي كواقع من النظرية إلى التطبيق، وللكلية دورها في نقل التعليم الزراعي من المنظومة النظرية إلى التطبيق العملي المباشر، إذ توفر للطلاب بيئة تعليمية حية تدمج بين المعرفة الأكاديمية والخبرة العملية، ويبرز ذلك عبر تنظيم ورش عمل وندوات تطبيقية للطلاب أثناء المعرض، وتتيح لهم التفاعل مع التقنيات المستخدمة على أرض الواقع، وتجريب حلول حديثة في الري، والتسميد، والإنتاج الحيواني، وعرض مشاريع تخرج وابتكارات طلابية.

فالمعارض مناسبة بارزة لتقديم مشاريع طلاب الكلية أمام جمهور واسع من أصحاب الاختصاص والشركات، مما يتيح للطلاب فرصة اختبار أفكارهم وإظهار قدراتهم العلمية والبحثية، وتعزيز مهارات التواصل والعمل الجماعي من خلال مباشرة الطلاب لأدوار تنظيمية في المعرض، وعرض مشاريعهم، والإجابة على استفسارات الجمهور وزملائهم في القطاع.

ويشير تقرير لكلية الهندسة الزراعية إلى أن المشاركة المتكررة في المعارض ذات الطبيعة التخصصية، مثل معرض الإنتاج الحيواني أو معرض المكننة الزراعية، ساهمت في تحقيق طفرة في مستوى المهارات التطبيقية لدى الطلاب وكذلك توسيع قاعدة معرفتهم حول التطورات العالمية في الممارسات المستدامة والإنتاج الذكي والصناعات التحويلية الغذائية، والمعارض تُثري البيئة التعليمية عبر إشراك الطلاب في إدارة منصات العرض وتنظيم الفعاليات العلمية والتقنية، مما ينمي لديهم روح المبادرة والريادة والبحث عن حلول جديدة للمشكلات الزراعية المعاصرة، مع تبادل المعرفة وربط الطلاب والباحثين بالقطاع الزراعي والصناعي، وتعد جسوراً للانتقال المعرفي ونقل التقانات ولها دور في عملية نقل التكنولوجيا والمعرفة من المختبرات والمراكز البحثية إلى الميدان الزراعي والصناعي، حيث تشهد البلاد جهوداً متواصلة لتطوير قطاعها الزراعي وتعزيز القدرة الإنتاجية الذاتية.
ويؤكد الخبراء أن المعارض الزراعية تمثل منصة ديناميكية لتبادل الأفكار بين الباحثين، والطلاب، والمنتجين، وأصحاب الشركات، عبر اللقاءات العلمية مع ممثلي الشركات الدولية، والتي تسمح باستيراد الخبرات الحديثة والتعرف على أفضل الممارسات العالمية وتكثيف الإنتاج والزراعة الذكية والتقنيات الحيوية وورش العمل الفنية كتنظيم العديد من المعارض والإرشاد حول مبادئ الزراعة المستدامة، التنوع الحيوي، تقنيات الحفاظ على الموارد المائية، وسياسات دعم القطاع الزراعي، مما يُمكّن الطلاب من الاطلاع المباشر على تحديات الواقع وإمكانيات الحلول التطويرية.

ربط مشاريع

وأشاروا إلى أهمية الربط بين مشاريع الكلية والشركات إذ تُتاح فرص لتحويل أفكار الطلبة والمشاريع البحثية إلى منتجات أو عمليات صناعية في مرحلة الحضانة، أو التعاون البحثي بين الكلية وشركات القطاع الخاص أو المراكز الدولية، وقدمت مشاريع بحثية تناولت استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين إنتاجية الدواجن،، وأتمتة أنظمة الري بالنمذجة الذكية، ومحطات معالجة مياه الري.
بالإضافة إلى كم كبير من الاستشارات المتخصصة التي وفرتها الكلية للمزارعين والحضور من أصحاب المصلحة، وهذه المبادرات تفتح مساراً حيوياً أمام الطلاب والباحثين للاندماج في سوق العمل واستيعاب مهارات جديدة، وتدعم خطط التعليم العالي في سوريا نحو إعداد كوادر أكثر تلبية لمتطلبات الاقتصاد الزراعي الحديث، وبناء الشراكات الأكاديمية والصناعية من خلال المعارض، والتعاون مع بعض المنظمات الدولية يتيح للكلية الاندماج في مشاريع إقليمية حول مكافحة التصحر، تحسين إنتاجية المحاصيل، وتطوير أصناف نباتية جديدة ويتم خلال المعارض الاتفاق على البرامج البحثية المشتركة والزيارات المتبادلة، خاصة في محور دعم الدراسات العليا وتطوير البرامج التدريبية للطلاب ضمن القطاع الزراعي التطبيقي بين الجامعات، وهذه الشبكة من الشراكات تعزز من مكانة الكلية في المشهد العلمي وتمهد الطريق لتحويل البحث العلمي إلى قوة دافعة للتطوير الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وتدعم البُعد الريادي لطلاب الكلية عبر الاستفادة من الحاضنات الصناعية الاستثمارية، والتمكين المؤسسي في الريف والمجتمع المحلي.

مشاريع بحثية

ويعد عرض المشاريع البحثية والابتكارات الطلابية لكلية الهندسة الزراعية سجلاً حافلاً في تقديم مشاريع بحثية مبتكرة في المعارض الزراعية، بدءاً من مشاريع التخرج والمبادرات الطلابية وصولاً إلى البحوث التطبيقية متعددة الاختصاصات، وعرض مشاريع رائدة في الذكاء الاصطناعي والري الحديث.

فهناك مشاريع لتحسين تغذية الدواجن بالمواد الهلامية الذكية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في رصد الأمراض، ونماذج معالجة وتدوير المياه في الزراعة، وطُرحت ابتكارات في الطباعة البيئية باستخدام ألوان ونفايات نباتية، وتقنيات أتمتة بيوت البلاستيك الزجاجي بالتحكم عن بعد، وتحويل الأفكار إلى نماذج صناعية، إذ شكّل المعرض نقطة انطلاق لتسويق بعض الابتكارات والحصول على دعم شركات أو رعاة حكوميين من أجل تطويرها للإنتاج الفعلي، كما أن هذه المشاريع تتيح فرصاً للكلية لإظهار منتجها العلمي أمام جمهور متخصص وإقليمي ودولي، وتعزز من ثقافة الابتكار وريادة الأعمال بين الطلاب وتهيئهم للاندماج في سوق العمل الزراعي والصناعي.

ولفت إلى أنه يزداد زخم الدور المجتمعي والأكاديمي للكلية عبر مشاركتها في مدينة المعارض، من خلال تقديم استشارات فنية ودورات توعية للمزارعين وأصحاب المشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة، إذ يخصص جناح الكلية أجزاء لشرح طرق الاستخدام الأمثل للأسمدة والمبيدات، وإدارة الموارد، وحل مشاكل الري والتصحر، ومكافحة الآفات باستخدام حلول بيولوجية وبيئية، وتشغيل ورش ميدانية مباشرة كقياس جودة التربة وتحليل المياه وأثر تغير المناخ على الموسم الزراعي، وإطلاق أنشطة تشاركية كحملات التشجير ومبادرات خدمة المجتمع التي يقودها الطلاب بإشراف أساتذتهم، وتوعية الزائرين حول أهمية الحفاظ على البيئة والمنطقة.

فوائد بحثية

وبيَّن الدكتور الحاج أحمد الفوائد البحثية والعلمية للمشاركة في تعزيز التطوير العلمي والتقني وفق الاستراتيجية البحثية لكليات الهندسة الزراعية عبر مواكبة التطور العالمي في العلوم الزراعية، وهذا لا يتأتى إلا عبر القنوات التطبيقية الميدانية مثل المعارض المتخصصة.

ولفت إلى أنه تزداد أهمية ذلك في ظل متغيرات سوق العمل واشتداد المنافسة على موارد البحث العلمي، وتوجيه الأبحاث نحو الأولويات الوطنية، فالمعارض تعكس احتياجات السوق الحقيقية، وهو ما يُسهم في تحديد المشكلات العملية الأكثر إلحاحاً، سواء في إدارة الموارد الطبيعية أم تطوير تقنيات الإنتاج أم الأمن الغذائي، وبذلك تتجه مشاريع الماجستير والدكتوراه نحو قضايا ذات جدوى.

إضافة لتحفيز ريادة الأعمال الزراعية الناشئة عبر نقل مشاريع الطلاب ومستلزمات البحوث من المختبر إلى التطبيق التجاري والإنتاجي المباشر، وتعميق التعاون البحثي بين الكلية والشركاء الدوليين، كما تتيح للطلاب والباحثين الحصول على فرص تدريب عملي وتطبيق حلول علمية مباشرة في القطاع، وهناك بعد اجتماعي إنمائي، حيث تُسهم الفعاليات في تحقيق التماسك الاجتماعي والاقتصادي، خصوصاً في الأرياف والمناطق التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي و:تعزيز التنمية الريفية والهوية الزراعية من خلال تنظيم حملات توعوية، وعرض منتجات محلية، وتشجيع البيع المباشر من المنتج إلى المستهلك وتقوية أواصر التعاون بين أفراد المجتمع، ونقل نتائج الأبحاث إلى الواقع.

كما تتيح لمخرجات الكلية أن تتجسد فعلياً في الحلول المقدمة للمزارعين كتحسين الجودة، واعتماد الزراعة العضوية، وترشيد استهلاك المياه والطاقة، وتوسيع قاعدة المعرفة والزراعة المستدامة، وتقدم نموذجاً متكاملاً يربط بين المعرفة العلمية والخبرة العملية، ما يجعل من الكلية لاعباً محورياً في دعم المجتمع الاقتصادي السوري، مع التأكيد على أن كلية الهندسة الزراعية ليست مجرد مؤسسة تعليمية تقليدية بل هي محور رئيسي للتنمية المتكاملة في سوريا، وأن مشاركتها في المعارض الزراعية توظف كل إمكاناتها الأكاديمية نحو خدمة المجتمع، وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة والابتكار الاقتصادي معاً.

آخر الأخبار
هل يتحول معرض دمشق  إلى منصة رقمية متكاملة؟ لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق فرصة ذهبية تجمع المنتج والمستهلك في مكان واحد "السورية للطيران".. حسومات وسحوبات وبطاقات مجانية الأطراف الصناعية .. مساحة تنبض بالأمل وتفتح أبواب حياة جديدة المعارض الزراعية.. وجهة هامة للمزارعين والباحثين والشركات لتعزيز التكامل الرقمي.. سوريا والسعودية تناقشان التعاون في قطاع الاتصالات سوريا.. تجاوز الإرث الثقيل بمواجهة التحديات ووأد مشروعات التقسيم قمة منظمة شنغهاي للتعاون .. اختبار قوة في عالم مضطر الاقتصاد غير المرئي في "دمشق الدولي".. أنشطة صغيرة لكنها داعمة معهد جيل الفرقان يكرّم حفظة القرآن الكريم في الدانا بريف إدلب فنادق الأربع نجوم بوسط دمشق.. عبق التاريخ ودفء الضيافة "التعاون الخليجي" يبحث إطلاق منتدى استثماري مع سوريا ويؤكد رفضه التوغلات الإسرائيلية أزمة النفايات في سوريا بعد الحرب.. تهديد بيئي وصحي يتطلب استجابة عاجلة