الثورة- منهل إبراهيم:
في مرحلة مفصلية، وضمن توجه وطني نحو تعزيز الاستقرار في سوريا، أعلنت الحكومة السورية مراراً التأكيد على وجوب الإسراع في تنفيذ اتفاق العاشر من آذار الذي أبرمته مع قوات (قسد) التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا، هذا الاتفاق الذي وصف بالتاريخي لاقى دعماً دولياً لأنه يهدف إلى تعزيز وحدة البلاد ودمج مؤسساتها المدنية والعسكرية، ويأتي استجابة للتحديات الراهنة، مع التأكيد على ضرورة توحيد الصف الوطني لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، والحفاظ على سيادة الدولة السورية.
ولعل أهم ما جاء في بنود اتفاق 10 آذار، هو إدارة حقول النفط والغاز والثروات الوطنية، بما يضمن استفادة جميع السوريين من هذه الموارد والثروات، والتي هي حق لهم جميعاً دون استثناء.
وقال المحلل السياسي مضر حماد الأسعد مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: إن “قسد” تسعى في كافة المجالات لإحكام قبضتها على منطقة الجزيرة والفرات والسيطرة على الأرض والإنسان في منطقة تشكل ثلث مساحة سوريا، وهي سلة غذاء سوريا بنسبة 80 بالمئة، وكذلك موطن للثروات الباطنية من نفط وغاز وغيرها، إضافة إلى الثروة المائية والزراعية والحيوانية.
وأوضح الأسعد في تصريحات لصحيفة الثورة، أن الحكومة السورية تعمل على إيجاد حل سلمي وسياسي لتنفيذ اتفاق العاشر من آذار بين الحكومة السورية و”قسد”، لإنهاء ما يجري في منطقة الجزيرة والفرات من أعمال استفزازية، وسرقة الموارد النفطية والغازية، وإلغاء التجنيد الإجباري والقسري، وإلغاء تجنيد القاصرات والأطفال، ومن أجل توزيع الثروات على كل أبناء الشعب السوري، وهذا يقود لوحدة سوريا واستقرارها، وينعكس استقراراً على المنطقة برمتها.
من جانبه، قال الكاتب والصحفي قحطان الشرقي في تصريحات مماثلة لـ “الجزيرة نت”: إن الدولة السورية سعت منذ توقيع اتفاق 10 مارس/آذار إلى حل سلمي لتجنب الصدام، وأن دمشق منحت “قسد” الوقت الكافي للالتزام بالاتفاق بالتنسيق مع تركيا والولايات المتحدة، إلا أن “قسد” تماطل في تنفيذ الاتفاق مع الحكومة السورية.
وأوضح الشرقي أن “قسد” ما تزال تسيطر على غالبية الموارد النفطية والزراعية بالجزيرة السورية شمال شرق البلاد، معتبراً إياها خزاناً مالياً يصعب التخلي عنه دون ضغوط دولية حقيقية.
وتعتبر الجزيرة السورية، التي تضم محافظات الرقة ودير الزور والحسكة من أبرز المناطق الاستراتيجية في سوريا، بسبب مواردها الطبيعية الغنية مثل النفط والغاز، فضلاً عن كونها مصدراً رئيسياً للثروة الحيوانية وللقمح الذي يمثل أمناً غذائياً أساسياً للسوريين، لذلك دوماً ما يطلق عليها بلاد النفط والقمح.
كما يمر عبرها نهراً الفرات ودجلة، اللذان يشكلان شرايين حيوية للري وتأمين مياه الشرب وتوليد الكهرباء، لمحافظات الجزيرة والمناطق حولها خاصة مدينة حلب.
وسميت الجزيرة بهذا الاسم تاريخياً لوقوعها بمحاذاة نهري دجلة والفرات.
وتجري في منطقة الجزيرة السورية عدة أنهار أخرى، مثل نهر الخابور ونهر البليخ ونهر جقجق وتصب جميعها في نهر الفرات، إضافة لنهر دجلة وعدد من الروافد الصغيرة، ما يجعلها رافداً هاماً لإرواء الأراضي الزراعية التي تمتاز بالخصوبة العالية في سوريا، وتزرع بالحنطة والقطن والشعير والعدس والسمسم وغيرها من الخضراوات.
وتتمتع الجزيرة السورية بموقع استراتيجي حيث يحدها من الشمال تركيا ومن الشرق العراق، وهي تمتد على مساحة تشكل الثلث من إجمالي مساحة سوريا، والتي تقدر بـ37 ألف كيلومتر مربع، ورغم مساحتها الشاسعة إلا أنها من المناطق الأقل كثافة سكانياً في سوريا.