ما لا تراه عين الإعلام..”اقتصاد الظل” في معرض دمشق الدولي

الثورة – عبد الحميد غانم:

فيما تتوجه عدسات الكاميرات والاهتمامات الإعلامية نحو الأجنحة المزينة، والوفود الرسمية، والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحرفية، والحضور الشعبي الواسع في معرض دمشق الدولي، يغيب عن المشهد الإعلامي شطر أساسي من القصة.. أولئك الذين شيدوا هذه الأجنحة، ورتبوا الأرض، ونظفوا المساحات، وعملوا طوال أيام المعرض على حسن الترتيب والنظافة والإضاءة وتجهيز المعرض كي يبقى في أحسن صورة.

إنهم العمّال المؤقتون، رأس المال البشري الذي يشغّل فعلياً معرض دمشق، ويجسد صورة مصغّرة للاقتصاد غير المرئي في سوريا.

أيادٍ تعمل ولا تُذكر

الاقتصاد غير المرئي يرتكز على آلاف العمال المؤقتين الذين يعملون من دون عقود رسمية أو ضمانات قانونية، ما يجعل مساهماتهم غير معترف بها رسمياً رغم أهميتها الجوهرية في إنجاح المعارض.. فهم يغطون أوجه النقص ويشكلون قوة عمل حيوية تتفاعل مع متطلبات العمل المتغيرة بسرعة.

وهؤلاء يعملون وفق فرص عمل متنوعة تشمل موظفي خدمة عملاء، عمال زراعة وتنظيف، ومهام أخرى براتب محدد مع دوام صباحي ومسائي، ومؤهلات بسيطة، مثل تحمل ضغط العمل والالتزام بالمواعيد.

طبعاً، يضاف إلى هؤلاء كل من يشترك بتجهيزات تحضيرية للمعرض، مثل تخصيص موظفين مساعدين مؤقتين يتواجدون في أجنحة المعرض، فضلاً عن متطلبات المعرض من طباعة بروشورات وتجهيز الهدايا ودفاتر وقرطاسية وطباعة صور كبيرة وإحضار فنيين للعمل على آلات العرض والكثير منهم يدخل لتلبية حاجات العارضين والأجنحة.

صحيفة الثورة تحدثت إلى بعض عمال النظافة والحراسة والزراعة، وأشاروا إلى حاجة العوز والفقر التي كانت وراء السعي للعمل في هذه الخدمة، ومنهم خريجو جامعات، وأنهم غالباً ما يعملون بشكل مؤقت في هذا المعرض وغيره من الفعاليات الاقتصادية التي تتطلب عمالاً مؤقتين.

إدارة المعارض توضح

مدير الشؤون المالية في إدارة المعارض عماد السوقي أشار إلى أن العاملين الذين استجلبتهم الإدارة في مختلف مجالات الخدمة لإدارة العمل في المعرض بلغ عددهم 1103 عمال، منهم 203 عمال نظافة، و150 عامل زراعة، و50 عاملاً في ورش دهان والصيانة، و300 عامل لتجهيز الأجنحة، و300 حراسة و100 سائق.

وبين السوقي أن راتب عامل النظافة يبلغ مليون ليرة سورية، فيما بقية العمال في مجالات الخدمة الأخرى، راتبهم مليون ونصف، من دون الحصول على تأمينات اجتماعية أو تعويضات.

ولفت إلى أن لدى إدارة المعارض موظفين وعاملين تابعين لها عددهم 257، يسهمون في عمل المعرض، منهم 132 عاملاً دائماً، و96 عاملاً موسمياً و29عاملاً بعقد.

تدوير جزئي

تعليقاً على ذلك، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد السليم: بعيداً عن الاعتبارات الرسمية والحكومية يظهر في معرض دمشق الدولي نوعاً موازياً من الاقتصاد يعرف على المستوى الأكاديمي باقتصاد الظل أو الاقتصاد الموازي.. الذي يشكل في بعض الدول العربية ما يقارب من الأربعين بالمئة من حجم الاقتصاد الكلي.

وأشار إلى أن هذا النوع من الاقتصاد لا تلتفت له كثيراً القنوات الحكومية في جميع البلدان، ولكنه ركن أساسي في التدوير الجزئي لعجلة الاقتصاد دون أن يكون للحكومة دور محرك له بشكل مباشر.. على سبيل المثال اقتصاد الظل في معرض عالمي كمعرض دمشق الدولي يشمل جميع أنواع البسطات الشعبية التي تقدم جميع أنواع المأكولات والعصائر، وما يمكن لك أن لا تتخيله من معروضات.

ولفت د. السليم إلى أنه إضافة للعمال المؤقتين أو المياومين الذين بدؤوا العمل قبل بداية المعرض بأسابيع للتجهيز والتحضير في جميع الأجنحة والصالات الخاصة بالمعرض، لنستطيع تقريب وجهة نظرنا للقارئ، أن تتخيل حجم الأموال المتداولة في هذا الاقتصاد في احتفالية تستمر لعدة أيام بالنظر لحجم الإقبال الشديد من الزوار.

وقال: إن هذا النوع يدعم بشكل غير مباشر التوجهات الحكومية وعن غير قصد في تداول البضائع وتخفيض نسب البطالة بشكل عام، وإضافة وتوفير سلع بتكلفة أقل، إلا أن اقتصاد الظل يشكل خطراً على اقتصاد الدولة بشكل عام لما يحتويه من تلاعب بجودة السلع أو الخدمات المقدمة وعدم المراقبة على الأعمال المرافقة لهذه السلع والخدمات، إضافة إلى إمكانية الاستغلال البشري نتيجة ابتزاز بعض العاملين على القبول بأجور زهيدة جداً، مستفيدين من عدم وجود رقابة حكومية وتأطير قانوني لعملهم.

اقتصاد الظل

وأكد د. السليم أن اقتصاد الظل هو أمر واقع لا يمكن عدم الاعتراف به في أغلب دول الشرق الأوسط، ولكن هنا يظهر دور الرقابة القانونية والاجتماعية للمؤسسات الحكومية لإعطاء تراخيص واضحة البنود بحيث تساهم في دعم الاقتصاد على أسس ثابتة وعلمية مع تساهل مشرعي التراخيص مع تلك الطبقة التي اضطرت للعمل بشكل غير قانوني بسبب العوز والفقر المنقع وعدم قدرتها على الالتزام بشكل كامل لتغطية نفقات عملها والنفقات المرتبطة بالتراخيص والإجراءات المؤسساتية.ورأى أنه يمكن للحكومات الاستفادة من اقتصاد الظل وجعله تحت الأضواء بوسائل قانونية واضحة مترافقة مع المسؤولية الاجتماعية في دفع هذه الافراد أو الجهات من متابعة عملهم والاسترزاق منها ولكن ضمن إطار التراخيص الصادرة عن الجهات المعنية.

وعليه، فإن تجاهل جوانب الاقتصاد غير المرئي في التغطيات الرسمية يحجب صورة كاملة عن واقع المعرض، ويهمش واقع مئات العمال الذين يسهمون في إنجاح النشاطات من دون اعتراف رسمي.

لذلك، من الضروري أن تتبنى التغطيات الإعلامية منظوراً أعمق يشمل قصص هؤلاء العمال وعرض مساهماتهم بشكل شفاف وموضوعي، مع تسليط الضوء على التحديات التي يواجهونها.

آخر الأخبار
الأمن الداخلي بريف دمشق يحبط عملية تهريب أسلحة إلى مناطق “قسد” الداخلية ترحب بتقرير "العفو" الدولية حول الأحداث في السويداء بينهم "المخلوع".. فرنسا تصدر 7 مذكرات توقيف ضد مسؤولين من النظام البائد مدخل دمشق الشمالي.. أرصفة جديدة وتنظيم مروري لتحسين الانسيابية محافظة دمشق: معالجة الانحدارات وتعزيز السلامة الانشائية في "مزة 86" بعد ترميمه بحجر اللبون.. عودة المشاة إلى شارع الأمين أردوغان: لن نترك سوريا وحدها وسنقف إلى جانبها دائماً سوق البيع في المعرض..إقبال على الغذائيات والشركات الصاعدة نحو الواجهة "غلوبال بيس ميشن" الماليزية..من الإغاثة الطارئة إلى دعم التنمية المستدامة في سوريا وزير المالية: خطوات جديدة لتحسين صرف رواتب المتقاعدين "الذرية" تعثر على آثار يورانيوم في موقع بدير الزور وتؤكد تعاون دمشق الجوز في طرطوس.. بين مشقّة الجني وغلاء الأسعار هل تقدم قمة "شنغهاي" نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية محوره الصين؟ تحسين التغذية الكهربائية في دوما سوريا وإيطاليا.. تعزيز مسار العلاقات والتواصل لخدمة المصالح المشتركة تخفيضات تصل إلى 40بالمئة.. إقبال كبير على بازار "عودة المدارس" في طرطوس مركز البوابية الصحي.. خطوة تعزز خط المناعة الأول في الريف الجنوبي لحلب خطة لزيادة أقساط التأمين 18 مرة خلال عشر سنوات  "لن يبقى قريباً أحد لينقل ما يحدث"..  هل يحمي القانون الدولي الإعلاميين؟  المصحف الشريف الأكبر في العالم خُطَّ بدمشق..جناح وزارة الأوقاف.. ضيافة ماء زمزم