الثورة – إخلاص علي:
في قلب الدورة الـ 62 لمعرض دمشق الدولي، يتردّد صخب الأضواء والصفقات الكبرى، لكن خلف الكواليس ينبضُ اقتصادٌ غير مرئيّ يُشكّل شريان حياة للسكان المحليين، وربما تُخفي التغطيات الرسمية الكثير من تفاصيل هذا الجانب الحيوي. الاقتصاد “الخفي”، الذي يتشكّل من مئات الأعمال الصغيرة والمؤقتة والأنشطة التي تدفع عجلة السوق الشعبي، هو ما يجعل هذا الحدث أكثر من مجرد معرض أو اتفاقيات ضخمة، إنه فرصة حقيقية للناس العاديين ليُعيدوا بناء حياتهم وتنشيط مواردهم.
شهادات من قلب المعرض
خلال جولة لـ”الثورة” بين أجنحة المعرض التقينا عدداً من المشاركين للحديث عن تجربتهم بمثل تلك الأنشطة وكان من بينهم بائع منتجات غذائية قال: “المعرض جعلني ألتقي عملاء جدد وأزيد مبيعاتي بشكل ملحوظ، وهذا الدعم يساعدني على توسيع مشروعي رغم الصعوبات التي نواجهها خارج الضوء الإعلامي.
“وفي الجهة المقابلة التقينا بصاحبة ورشة للأعمال اليدوية حدثتنا عن مشاركتها قائلة: “هذه الفرصة هي بمثابة نافذة لي نحو الأسواق، فمع تدفق الزوّار زادت فرص البيع وأصبحتُ معروفة أكثر مما توقعت.”
عزّز الاقتصاد اليومي
وللإضاءة أكثر على هذا الموضوع تواصلنا مع المختص في الشأن الاقتصادي والتنموي ماهر محمد، مؤكداً أن معرض دمشق الدولي ليس فقط محطة للصفقات الكبرى، بل هو منجم للفرص التي لا تراها الأضواء الرسمية، إذ يفتح الأبواب للسكان المحليين ليرتبطوا مباشرة مع آلاف الزوّار، ما يعزز اقتصادهم اليومي ويخلق ديناميكية اقتصادية تفوق ما تُعلِن عنه التقارير.
وأردف بالقول: المعرض لا يقتصر فقط على كونه منصة للصفقات الكبرى والمشاريع الاستثمارية، بل يُشكل فرصة حقيقية للاقتصاد الشعبي الخفي الذي يعتمد عليه مئات المواطنين في كسب رزقهم اليومي. والتغطيات الرسمية- بحسب الخبير، تركز على الاتفاقيات والشركات الكبرى، لكن ما يحدث في الأسواق المحيطة بالمعرض، من بائعين متجوّلين، وحرفيين، ومقدمي خدمات صغيرة هو الذي يضمن استدامة الحدث ويعزز من التنمية الشعبية.
“وأشار إلى أن دخول آلاف الزوّار يخلق طلباً متزايداً على السلع والخدمات المحلية، مما ينعش دورة الاقتصاد غير الرسمي، ويشجع على خلق فرص عمل مؤقتة ومستديمة، مبيناً أن هذا الجانب لا يُرى في البيانات الرسمية لكنه يُشكل العمود الفقري للاقتصاد الحقيقي داخل المدن، خاصة في ظل تحديات التمويل والبيروقراطية.”
يُقوّي الشركات الصغيرة
وحول الآثار الاقتصادية على المدى القصير والمتوسط لهذه النشاطات قال محمد: الآثار قصيرة الأمد هي زيادة الطلب على قطاع الخدمات (مطاعم، نقل، محال تجارية صغيرة) مما يولّد مضاعفات اقتصادية تمنح دفعة للسكان المحليين، فيما الآثار متوسطة الأمد فتكمن في فتح قنوات لتقوية الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال التعارف والشراكات التي تنشأ داخل الحدث.
ونوّه بأن دعم الاقتصاد غير الرسمي يجب أن يكون جزءاً من السياسة الاقتصادية الوطنية لتعزيز تعافي السوق، مضيفاً أن اقتصاد الظل لا يعني ضرراً بالضرورة، بل هو إطار حيوي سيدعم عمليات إعادة الإعمار إذا ما تم تنظيمه وضمّه تدريجياً ضمن إطار رسمي يدعم مرونة السوق.
في المحصلة يمكن القول إنه كما يُحكى عن اقتصاد الظل فإن المعارض تُخفي خلفها نشاطاً واسعاً يعتاش منه عدد كبير من الأشخاص، ودون أن يكونوا في دائرة التنظيم يبيعون ويروّجون لمنتجات وبضائع وخدمات لا تتواجد في أجنحة المعارض واستاندات العرض.