من الفيسبوك إلى السوق العالمية.. استراتيجية جديدة لتنظيم التجارة الإلكترونية في سوريا

الثورة – ناديا سعود:

في زمن لم تعد فيه الحدود تقاس بالجغرافيا بل بسرعة الإنترنت، يطلّ الاقتصاد الرقمي كأحد أهم التحولات العالمية التي تعيد صياغة مفهوم التجارة والعمل والاستثمار، من ضغطة زر يمكن أن تتحرك ملايين الدولارات، ومن تطبيق بسيط قد تنشأ شركة عملاقة تنافس أعتى المؤسسات التقليدية.. اليوم، تدخل سوريا هذا المضمار بخطوات متسارعة، واضعة نصب عينيها الانتقال من مرحلة “التحول الورقي” إلى بناء منظومة رقمية متكاملة، قادرة على خلق فرص عمل للشباب، وتنظيم السوق الإلكترونية، وفتح أبواب الاستثمار على مصراعيها أمام الداخل والخارج.

ملامح التحول الرقمي

على هامش فعاليات معرض دمشق الدولي، تحدث مدير مديرية الاقتصاد الرقمي في وزارة الاقتصاد ونقيب الاقتصاديين في محافظة حمص عبد السلام عوف لصحيفة الثورة عن ملامح استراتيجية التحول الرقمي التي تعمل عليها الوزارة، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات نوعية في أتمتة المؤسسات الحكومية وتنظيم التجارة الإلكترونية في سوريا بما يتماشى مع التجارب العالمية الرائدة.

أوضح أن العمل جارٍ على أتمتة مديريات وزارة الاقتصاد، إضافة إلى مديريات الصناعة والتجارة الداخلية، وصولاً إلى المدن الصناعية في الشيخ نجار، وعدرا، وحسيا، وباب الهوى.

والهدف – كما يقول عوف، رقمنة بيانات المصانع والمعامل، ليتمكن المستثمر المحلي أو الأجنبي من الاطلاع على الخريطة الاستثمارية بشكل واضح وشفاف عبر تطبيقات أو مواقع إلكترونية، مما يسهل اتخاذ قرارات الاستثمار.

وفيما يتعلق بالإجراءات الإدارية، شدد عوف على أن الوزارة تسعى إلى تطوير آلية ترخيص أكثر مرونة وسرعة، إذ يحصل المستثمر على الترخيص خلال فترة وجيزة، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية التي كانت تستغرق شهوراً.

وأضاف: نحن نعمل على تقسيم دقيق للتراخيص، ترخيص للتجارة الإلكترونية، ترخيص للتسويق الإلكتروني، ترخيص للوساطة المالية… ولكل منها رسوم محددة ورمزية.

الهدف أن يكون العمل منظماً ومتابعاً، لا عشوائياً.

التدريب وبناء القدرات

وأشار عوف إلى خطة لتأهيل الشباب والشرائح الاجتماعية الأكثر حاجة من خلال برامج تدريبية على ثلاثة مستويات:

1. الموظفون في الوزارات عبر مديرية الخدمات الإدارية.

2. الفئات المهمشة مثل الأرامل والأيتام والمطلقات عبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لإيجاد فرص عمل لهم عن بُعد.

3. خريجو كليات الاقتصاد عبر اتفاقيات تعاون مع الجامعات السورية، لتأهيلهم لإدارة الملفات الرقمية والاقتصادية الجديدة.

ولفت إلى أن الوزارة تدرس محاكاة تجارب دول مثل الإمارات، سنغافورة، وإستونيا في مجال تنظيم التراخيص الرقمية، مؤكداً: نحن نسعى لإصدار تراخيص رسمية للوساطة المالية، الفوركس، والكريبتو، بحيث نحصي العاملين في هذا المجال ونحمي السوق من النصب والاحتيال.

التجارة الإلكترونية للاحترافية

وتحدث عوف عن واقع التجارة الإلكترونية في سوريا حالياً، إذ يعتمد الكثير من الشباب على أسلوب بدائي قائم على التسويق عبر فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، مع تسليم يدوي واستلام نقدي، واصفاً ذلك بالعمل “غير الاحترافي”.وكشف أن الأشهر القادمة ستشهد إطلاق نظام SWIFT جديد وشركة حكومية باسم “إي بي ميرا” للدفع الإلكتروني، ستعمل على ربط التجارة الإلكترونية بالمصارف وتمكين أصحاب المصانع من بيع منتجاتهم إلى أسواق عالمية مثل الصين والهند وأوروبا والدول العربية.

وحول إمكانية ضبط السوق الرقمية، أوضح عوف أن التجارة عبر البلوك تشين تقوم على اللا مركزية ولا يمكن ضبطها بشكل كامل حتى في الولايات المتحدة، لكنه شدد على أن التنظيم القانوني للشركات العاملة سيقلل من حجم النصب والاحتيال، ويتيح للوزارة مراقبة حركة الأموال بشكل أكبر.

وأكد أن معظم العاملين في الوساطة المالية والتجارة الإلكترونية يرغبون في الحصول على تراخيص رسمية، لكنهم يجهلون آلياتها، وأضاف: الترخيص سيمنحهم ثقة أكبر ورأسمال أعلى، من يعمل من دون ترخيص يظل خائفاً ومحصوراً بمبالغ صغيرة، بينما المرخص يستطيع أن يتعامل بملايين الدولارات.

وفي ختام حديثه، أوضح عوف أن الوزارة انتقلت من مفهوم “التحول الرقمي الورقي” الذي كان يقتصر على ربط المديريات بشبكات داخلية، إلى بناء اقتصاد رقمي متكامل قائم على التطبيقات والمنصات الإلكترونية القادرة على خلق نماذج عمل تحقق أرباحاً مستدامة.

وأكد أن البنية التحتية للإنترنت في سوريا تحتاج إلى تعزيز، خصوصاً أن أي انقطاع ولو لثوانٍ قد يسبب خسائر بمئات آلاف الدولارات.

وختم بالقول: نحن نعمل بشكل مكثف لوضع الأسس القانونية والتقنية لهذا التحول، ونتوقع انطلاقة حقيقية للاقتصاد الرقمي السوري قبل عام 2026.

البنية التحتية أولاً

يؤكد عدد من المبرمجين أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي خطوة حتمية، لكنها تحتاج إلى أساس تقني قوي، المبرمج مازن عثمان يرى أن: المشكلة ليست في الأفكار أو الكفاءات، فالشباب السوري يمتلك قدرات عالية في البرمجة وتطوير التطبيقات، لكن العائق الأكبر هو ضعف البنية التحتية للإنترنت، أي منصة مالية أو تطبيق للتجارة الإلكترونية يحتاج إلى استقرار وسرعة عالية، لأن أي انقطاع ولو لثوانٍ قد يعني خسائر بمبالغ ضخمة.

ويضيف: إن التحول الرقمي الناجح لا يقوم فقط على إصدار تشريعات أو إطلاق منصات، بل يجب أن يترافق مع بنية تحتية قوية، وخدمات دفع إلكتروني آمنة، وبيئة حاضنة للمبرمجين وأصحاب الشركات الناشئة.

ويختم بقوله: إذا تم الاستثمار جدياً في البنية التقنية والتشريعات الحديثة، يمكن لسوريا أن تتحول إلى مركز إقليمي واعد في مجال البرمجيات والخدمات الرقمية، خاصة أن السوق المحلية مازالت بكراً وفيها فرص كبيرة.

آخر الأخبار
الأمن الداخلي بريف دمشق يحبط عملية تهريب أسلحة إلى مناطق “قسد” الداخلية ترحب بتقرير "العفو" الدولية حول الأحداث في السويداء بينهم "المخلوع".. فرنسا تصدر 7 مذكرات توقيف ضد مسؤولين من النظام البائد مدخل دمشق الشمالي.. أرصفة جديدة وتنظيم مروري لتحسين الانسيابية محافظة دمشق: معالجة الانحدارات وتعزيز السلامة الانشائية في "مزة 86" بعد ترميمه بحجر اللبون.. عودة المشاة إلى شارع الأمين أردوغان: لن نترك سوريا وحدها وسنقف إلى جانبها دائماً سوق البيع في المعرض..إقبال على الغذائيات والشركات الصاعدة نحو الواجهة "غلوبال بيس ميشن" الماليزية..من الإغاثة الطارئة إلى دعم التنمية المستدامة في سوريا وزير المالية: خطوات جديدة لتحسين صرف رواتب المتقاعدين "الذرية" تعثر على آثار يورانيوم في موقع بدير الزور وتؤكد تعاون دمشق الجوز في طرطوس.. بين مشقّة الجني وغلاء الأسعار هل تقدم قمة "شنغهاي" نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية محوره الصين؟ تحسين التغذية الكهربائية في دوما سوريا وإيطاليا.. تعزيز مسار العلاقات والتواصل لخدمة المصالح المشتركة تخفيضات تصل إلى 40بالمئة.. إقبال كبير على بازار "عودة المدارس" في طرطوس مركز البوابية الصحي.. خطوة تعزز خط المناعة الأول في الريف الجنوبي لحلب خطة لزيادة أقساط التأمين 18 مرة خلال عشر سنوات  "لن يبقى قريباً أحد لينقل ما يحدث"..  هل يحمي القانون الدولي الإعلاميين؟  المصحف الشريف الأكبر في العالم خُطَّ بدمشق..جناح وزارة الأوقاف.. ضيافة ماء زمزم