الثورة – ميساء العجي:
لم يعد الروبوت مجرد آلة ميكانيكية نراها بالأفلام أو نقرأ عنها بالمجلات.. بل أصبح علماً متكاملاً يجمع بين الخيال والإبداع والجهد العلمي. بذلك كان لوزارة التربية والتعليم وهيئة التميز والإبداع خطوة رائدة بفتح باب جديد للطلاب، فيه تحد ومتعة بنفس الوقت، وهو عالم الروبوت، حتى يصبح جزءاً أساسياً من حياتنا ومن مستقبلنا.
خطوة رائدة ومميزة
صحيفة الثورة التقت الآنسة ملك مارديني- مدربة روبوت في ثانوية المتفوقين الأولى في دمشق، خلال المشاركة في معرض دمشق الدولي، وقالت: كان التعاون والتنسيق بين وزارة التربية والتعليم وهيئة التميز والإبداع لرعاية المتميزين بمدارس الدولة عامة، ومدارس المتفوقين خاصة، خطوة ممتازة، والتركيز لم يكن على مواد تقليدية متل الرياضيات والفيزياء، الكيمياء والعلوم، بل ضم أيضاً المعلوماتية ومنها الروبوت، باعتبارها بوابة حقيقية لمهارات المستقبل. وتضيف: إن وزارة التربية جهزت قاعة روبوتيك بكل مدرسة بمستوى عالٍ من التجهيزات الخاصة بالروبوت، وكلفت مدربين لديهم خبرة وكفاءة عالية، وإخلاص وحب للعمل، مهتمين بتقديم دورات تدريبية مجانية لطلاب مدارس المتفوقين بدءاً من الصف السابع الذين أعمارهم تتراوح بين 12 و13 سنة.
رحلة التدريب والتعلم
تقول مارديني: خلال الدورات التي أقيمت خلال السنوات السابقة في مدارس المتفوقين، الموضوع لم يكن مجرد تركيب قطع وبرمجتها، بل الفكرة أعمق من ذلك، فقد عمل المدرب على زرع فكرة أن الروبوت ليس لعبة، وإنما مشروع وحلم ممكن أن يتحول لواقع، فالطالب يتعلم أن يحل مشكلة، ويفكر بخطوات واضحة، ويتعاون مع فريقه.
وذكرت أن الدورات تستمر طوال السنة، وعدد الطلاب فيها يصل لـ20 طالباً في كل دورة، والتدريب يكون متدرجاً: مبتدئ، متوسط، متقدم، وبهذه الطريقة يتم اكتشاف ميول الطلاب تدريجياً بعضهم يميل للتركيب الميكانيكي، وآخر يتألق بالبرمجة. والهدف الأساسي كشف المواهب الحقيقية وصقلها.
التحديات والصعوبات
كما بينت أن الطريق لم يكن سهلاً، فقد واجهنا صعوبات متل ضيق الوقت، ضغط المواد الثانية، وحتى صعوبة بعض المهام البرمجية، لكن الطلاب رغم صغر سنهم أظهروا صبراً وإصراراً، فكانوا يبذلون الجهد ليضبطوا برنامجاً صغيراً، أو يكرروا التجربة عشرات المرات ليتأكدوا من تنفيذ مهمة الروبوت بشكل صحيح. هذه اللحظات علمتهم درساً كبيراً، وهو أن النجاح لا يأتي بسهولة، بل يحتاج لتعب وأخطاء وتجارب، وعند النجاح يتعلم الطالب الصبر ليجرب عدة مرات، وعندما ينجح تزرع فيه ثقة لا ينساها طول حياته.
لحظات الفخر
مارديني أوضحت أنه في نهاية كل سنة، يتم اختيار النخبة من الطلاب المتميزين، أحياناً عبر سبر علمي عالي المستوى تقوم به هيئة التميز والإبداع، وأحياناً المدرب بخبرته يختار الطلاب أصحاب الكفاءة. ثم ترفع الأسماء للهيئة التي تنظم البطولة العالمية في الروبوت، هذه البطولة فيها مهمة محددة وهي إنجاز الروبوت حسب خريطة، والمهمات تختلف حسب الفئات العمرية، بدءاً من المرحلة الابتدائية ثم الإعدادية والثانوية، وفي كل سنة توجد مهام جديدة وخريطة جديدة، هذا يؤكد أن التحدي دائماً متجدد. وتابعت: إن الطلاب بهذه البطولات لا يتسابقون لكي يفوزوا فقط بل ليتعلموا كيف يتعاملون مع الضغط والصعوبات والمشكلات ويوزعون الأدوار فيما بينهم، ويعملون كفريق واحد.
المعارض والمشاريع الإبداعية
إلى جانب البطولات، تقول مارديني: يوجد مشاركات بعدة معارض، منها مشاركتنا بمعرض دمشق الدولي، وذلك بمشاريع الطلاب التي تجعل الخيال العلمي يبدع لدى الطلاب أكثر، وتظهر الأفكار التي ليس لها حدود، فنجد عدداً من الطلاب اخترعوا روبوتاً يساعد كبار السن على المشي، وطلاباً صمموا روبوتات صغيرة للزراعة الذكية أو لتنظيف الأماكن العامة. فالمعارض ليست فقط مكاناً لعرض الروبوتات، إنما هي مساحة ليتعلموا كيف يشرحون فكرتهم ويقدمون مشروعهم بطريقة مقنعة، أيضاً تعلمهم كيف يتقبلون الملاحظات من لجان التحكيم والجمهور.
الأثر النفسي والتربوي
فالتجربة لم تغير الطلاب علمياً فقط، بل غيرت شخصياتهم أيضاً، فالطالب الخجول أصبح قادراً أن يقف أمام جمهور ويشرح ويسهب بشرحه، والطالب الذي كان يخاف من الغلط، وأصبح يرى الغلط فرصة للتعلم وتزداد لديه ثقة أكبر بنفسه، حتى الأساتذة لاحظوا تغييراً، فقد أصبح الطلاب أكثر جرأة بالمناقشات الصفية، وأسرع في حل المشكلات، وأذكى بتنظيم وقتهم، لأن الطالب الذي يتعلم كيف يبرمج روبوتاً، ويتعلم كيف يبرمج تفكيره.
تؤكد مارديني أنه من خلال المشاركة بالمعرض أصبح لدى كثير من الطلاب أحلام كبيرة فيما يخص مستقبلهم العلمي أصبحت طموحاتهم بدراسة هندسة الميكاترونيك، أو الذكاء الاصطناعي، أو هندسة الحواسيب.