الثورة:
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط تواجه أسوأ موجة جفاف منذ عقود، الأمر الذي انعكس مباشرة على سوريا التي تعيش واحدة من أصعب مراحلها، حيث تجف الأنهار والبحيرات، وتذبل المحاصيل، فيما تعاني المدن الكبرى من انقطاعات متكررة في المياه.
أوضحت الصحيفة أن معدلات الأمطار في سوريا تشهد تراجعاً متواصلاً منذ سنوات، ما فاقم الأوضاع المعيشية في بلد أنهكته حرب استمرت 14 عاماً، ونقلت عن مزارع من ريف دمشق أن مزرعته التي تضررت خلال الحرب لم تصمد أمام موجة الجفاف، بعد أن جفت الآبار التي كانت ترويها، مضيفاً أن هذه الضربة قضت على ما تبقى من أمله في إعادة إحياء أرضه.
أشارت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) إلى أن المزارعين في سوريا يفتقدون إلى القدرة المالية لمواجهة آثار الجفاف بعد سنوات طويلة من الخسائر، وأكد جلال الحمود، مسؤول الأمن الغذائي الوطني في المنظمة، أن إنتاج القمح الذي كان يتجاوز 4 ملايين طن قبل الحرب، لن يتجاوز هذا العام مليون طن فقط، ما يجبر البلاد على استيراد ما يقارب 70% من احتياجاتها.
وحذّر سعيد إبراهيم، مدير التخطيط الزراعي والاقتصادي في وزارة الزراعة السورية، من أن الاعتماد الكلي على الواردات يمثل خطراً استراتيجياً، مشيراً إلى جفاف نهر العاصي في إدلب للمرة الأولى وتراجع المياه الجوفية بأكثر من عشرة أمتار.
وبيّنت الصحيفة أن تداعيات الجفاف لا تقتصر على الداخل السوري، إذ شهد لبنان شتاءً جافاً أدى إلى تقلص بحيرة القرعون إلى بركة صغيرة لا تتجاوز نسبة تدفقها 45 مليون متر مكعب، مقارنة بـ350 مليون متر مكعب في الأعوام المعتادة، ما حرم سوريا من جزء مهم من حصتها المائية القادمة عبر نهر العاصي.
وأكد التقرير أن الجفاف يتقاطع مع تحديات إعادة الإعمار في سوريا، مما يجعل الأزمة أكثر تعقيداً. ونقل عن المتحدث باسم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مضر ديوب، أن محصول القمح لن يغطي حاجة البلاد لأكثر من ثلاثة أشهر، وأن الحكومة تسعى إلى سد الفجوة عبر الاستيراد والتبرعات، بما في ذلك من العراق.
خلصت الصحيفة إلى أن استمرار التغير المناخي ينذر بمزيد من الجفاف والتصحر في المنطقة، وحذرت من أن تجاهل إجراءات عاجلة، مثل تخزين مياه الأمطار والتحول إلى محاصيل مقاومة للجفاف وتطوير أنظمة ري حديثة، قد يجعل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية غير قابلة للزراعة في المستقبل القريب.