الثورة – حسن العجيلي:
أطلقت الهيئة العامة لمستشفى ابن خلدون للأمراض النفسية والعقلية بحلب، سلسلة من المحاضرات العلمية والتوعوية، في إطار التزام المستشفى بمسؤوليته المجتمعية وسعيه المستمر لتعزيز الصحة النفسية في المجتمع، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي للوقاية من الانتحار، الذي يصادف العاشر من أيلول من كل عام.
الأمل موجود
تهدف هذه الفعاليات إيصال رسالة واضحة لكل من يعاني من ضغوط نفسية، مفادها أن الأمل موجود، وأن الدعم والمساعدة المتخصصة متوفران دائماً، كما يسعى البرنامج إلى كسر حاجز الصمت المجتمعي المحيط بقضايا الصحة النفسية، والتصدي للوصمة الاجتماعية المرتبطة بها من خلال نشر الوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
يشارك في المحاضرات عدد من الأطباء النفسيين والمرشدين والمعالجين النفسيين، إضافة إلى باحثين اجتماعيين، وذلك استجابة للحاجة المتزايدة لرفع الوعي العام حول خطورة ظاهرة الانتحار، والتأكيد على أن الانتحار ليس قدراً محتوماً، بل يمكن الوقاية منه من خلال الدعم المجتمعي والتدخل الطبي المبكر.
الفعاليات افتتحت بمحاضرة علمية بعنوان ” الانتحار: اضطراب نفسي- مسببات ونتائج”، قدّمتها الطبيبة المقيمة في المستشفى الدكتورة إيمان عواد، وذلك في القاعة البانورامية بحضور المدير العام للمستشفى الدكتور موفق عموري، إلى جانب عدد من الأطباء الاختصاصيين والمقيمين والمهتمين بالشأنين النفسي والاجتماعي.
استعرضت المحاضرة عدداً من المحاور الجوهرية، من أبرزها العوامل النفسية والاجتماعية المؤدية للسلوك الانتحاري وعوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإقدام على الانتحار، مؤكدة على العلاقة الوثيقة بين الاضطرابات النفسية والانتحار، وعلى أهمية التشخيص المبكر والتدخل العلاجي في مراحل مبكرة.
تراكم عوامل
من جانبها، شددت الباحثة الاجتماعية منار نعيمي، العاملة في المستشفى، على أن الانتحار لا يُختزل برقم إحصائي، بل هو معاناة وألم شديد يدفع الشخص إلى محاولة إنهاء حياته هرباً من واقع نفسي مرير.
وأوضحت أن قرار الانتحار غالباً ما يكون نتيجة تراكم عوامل عدة، منها: الاضطرابات النفسية والاكتئاب الحاد والفصام واضطراب ما بعد الصدمة، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، والفقر، والمشكلات الأسرية والوصمة الاجتماعية والإدمان بمختلف أنواعه.
وأكدت نعيمي أن الوقاية من الانتحار، هي مسؤولية جماعية، تبدأ من الأسرة التي يقع على عاتقها تقديم الدعم والاحتواء للفرد، وصولاً إلى المؤسسات الصحية والاجتماعية التي يجب أن توفر برامج علاج نفسي وسلوكي، ومبادرات دعم وتمكين فعالة.
في السياق، ذاته أوضحت المرشدة الاجتماعية بانة خربوطلي أهمية إشراك الأسرة في الخطة العلاجية للفرد المعرض لخطر الانتحار، لضمان وجود شبكة دعم نفسي واجتماعي حوله.
كما شددت على أهمية عدم ترك المريض وحيداً، ودمجه في أنشطة اجتماعية ومجموعات دعم تساهم في تحسين حالته النفسية وتعزيز شعوره بالانتماء والأمان.
تؤكد الهيئة العامة لمستشفى ابن خلدون من خلال هذه الفعاليات على التزام المستشفى بمواصلة جهوده التوعوية والعلاجية في مواجهة ظاهرة الانتحار، ونشر رسالة أمل بأن التعافي ممكن، والدعم متاح، وأن حماية الصحة النفسية مسؤولية يتشاركها الجميع.