الثورة – منهل إبراهيم:
برزت سوريا في قمة الدوحة وهي تخوض بنشاط في قلب العمل العربي، وضمن ظروف معقدة وصعبة، تناصر القضايا العربية، وتتضامن مع قطر الشقيقة في إدانة العدوان الإسرائيلي السافر على سيادتها الوطنية.
وبالرغم من المرحلة الصعبة التي تمر بها سوريا، وما تحدثه آلة حرب الاحتلال الإسرائيلي من توغلات في أراضيها، سارعت الجمهورية العربية السورية بالانخراط في منظومة العمل العربي والإسلامي المشترك لنصرة القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، وإدانة الحرب الإسرائيلية الوحشية المستمرة على قطاع غزة، وتسجيل حضور بارز واستثنائي لدعم الدوحة في وجه العدوان الإسرائيلي الجبان الذي شكل سابقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
وبالرغم من كثرة الملفات التي حملها معهم القادة العرب إلى الدوحة، فرضت غزة حضورها، فهي كما يقال مركز القضية، وحجة الاحتلال في شن عدوانه الأخير على الأراضي القطرية.
إن القمة التي أنهت أعمالها في الدوحة، لاشك ستشكل أساساً لواقع جديد وتؤسس لبداية عمل عربي مشترك على قاعدة الدفاع بوجه الأخطار التي تهدد السيادة الوطنية، وقد جاءت القمة في ظل صراعات وأزمات تعاني منها الدول العربية، شكلت الأزمات الداخلية في بعض الدول العربية جزءاً من هذه الملفات، تليها الأزمات البينية بين بعض الدول العربية، وأما الملفات الأهم فهي الأخطار الإقليمية المحدقة بالدول العربية ومنها قضية غزة، وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبها.
لذلك فإن عقد القمة العربية الإسلامية بالدوحة في ظل هذه الظروف القاسية، هو بداية لإنجاز عربي إسلامي وعلامة فارقة ستترك أثراً كبيراً، وتحمل مفاتيح النجاح للأيام القادمة، ومن المؤكد أن اجتماع القادة العرب بعد ما تتعرض له بعض الدول العربية من عدوان خارجي، خصوصاً ما حصل مع قطر مؤخراً، وأزمات داخلية، يعتبر حدثاً مهماً وضرورياً يجب الوقوف عنده، فهو لملمة للذات العربية، فالخطر المحدق بأي دولة في المنطقة لاشك في النهاية سيطال الجميع، ويجب الوقوف الجماعي في وجهه ودحره بشكل سريع وناجع.
قمة الدوحة مختلفة تماماً عما سبقها من قمم، فهناك محاولة هذه المرة للدخول لعمق القضايا المصيرية والملحة في العالم العربي، بعد محاولة بث الفرقة، وطمس العنوان الجامع للدول العربية، ومحاولة كسر إرادة الاتفاق بين القادة العرب وزرع بذار الصمت حيال مشهد المجزرة الكبرى في غزة، التي تختصر عناوين كثيرة تصدرت مشهد القمة الاستثنائية.
القمة لم تناقش فقط قضية العدوان الإسرائيلي على قطر، بل كانت مظلة جامعة، نوقش فيها وعلى هامشها الكثير من القضايا والأزمات، وحضور سوريا كان رافعة حقيقية للتعاضد العربي رغم أزمتها وجراحها التي تداويها بحكمة وصبر، وتحاول أن تداوي معها جراح غيرها من الدول العربية الشقيقة في نقاش أزماتها ودعم حلولها.
البيان الختامي لقمة الدوحة جاء قوياً ولاقى صدى كبيراً في العالم العربي والإسلامي، وأسس لدفع جديد في العلاقات العربية العربية، مهما كانت الظرف، هذه العلاقات تسمى في علم السياسة علاقات الضرورة الاستراتيجية والمصيرية بين الدول، ودوائر القرار في الدول العربية تدرك أهمية التعاضد في الوقت الراهن، وهي تراقب بعين ثاقبة انتصار سوريا الجديدة في ثورتها، وانتصارها أيضاً في المحافل الدبلوماسية الغربية.
والنقطة المهمة التي أشارت إليها العديد من وسائل الإعلام هي حضور السيد الرئيس أحمد الشرع القمة العربية في الدوحة، ويتفق معظم الخبراء على أن الرئيس الشرع ركز في مشاركته، على أهمية النقاش والبحث في الملفات العربية، وتوحيد الصفوف، وترسيخ العمل العربي المشترك.
لذلك لا يمكن أن يُقرأ حضور الرئيس الشرع في القمة إلا أنه حضور بكامل قوة الرئيس، وبكامل مواقفه، وكان واضحاً في دعمه لقطر، وفي أن سوريا وشعبها يلتفون حول العناوين العربية الكبرى، ويعملون مع منظومتهم العربية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، باعتباره مفتاح تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ولعل أعمق الكلمات التي قيلت في القمة، ما قاله الرئيس الشرع، “إنه لمن نوادر التاريخ أن يُقــتل المفاوض، ومن سابقة الأفعال أن يُستهدف الوسيط”.