الثورة – علاء الدين محمد:
الصحة النفسية ليست رفاهية، بل هي حق أساسي من حقوق الإنسان، ودعمها يحتاج تكافلاً وتضامناً من كل مؤسسات الدولة وضمنها مؤسسات التأمين والمؤسسات البحثية، لذلك توجب تضمين حقوق المرضى النفسيين في جميع القوانين والاستراتيجيات والخطط التي تضعها الدولة.
حول هذا الموضوع قدمت المحامية رهادة عبدوش محاضرتها في النادي العربي بدمشق مؤخراً تحت عنوان “قوانين الرعاية النفسية وفق الإعلان الدستوري والقوانين المتممة”، مبينة كيف تدعم القوانين المحلية الصحة النفسية، فإذا كان الإعلان الدستوري قد نص في مادته 12 احترام المواثيق والمعاهدات الدولية واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الإعلان الدستوري، فإن هذا يعطي التأكيد على اهمية الاتفاقيات الدولية المصادق عليها في سوريا ومنها اتفاقية حقوق الطفل، وإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، المحامية عبدوش أوضحت أيضاً كيفية تنفيذ سوريا التزاماتها تجاه الاتفاقيات الدولية، مشيرة إلى أن اتفاقية ركزت على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عندما صادقت سوريا على هذه الاتفاقية في 10/7/2009 فتوجب علينا التنفيذ وتغيير القوانين.. لكن هل نفذت سوريا عهودها، وما الذي يجب على الدولة اليوم العمل عليه لأجل تنفيذ هذه العهود والاتفاقيات، كي يتم تنفيذ اتفاقيات ذوي الإعاقة، وأي اتفاقية أخرى يجب إنشاء مؤسسة وطنية مهمتها التنفيذ والرصد على الصعيد الوطني، وهذا ما لم تقم به الحكومات السورية طيلة حكم خمسة عقود.
وبينت أنه تأتي أهمية هذه المؤسسة من استقلاليتها وتعاونها مع المواطنين والمنظمات غير الحكومية، ومختلف الهيئات الدولية والإقليمية لمعالجة مجموع من القضايا، إضافة إلى إمكانية العمل على قضايا عديدة، ضمنها العدالة الانتقالية والتي أيضاً أعطاها الإعلان الدستوري أهمية كبرى في المادة 49 منه، كي تقوم بإنصاف الضحايا والناجين.
والأهم – حسب المحامية عبدوش، أنها تراقب تغيير القوانين المحلية لتواكب الاتفاقيات المصادقة عليها، وهذا التغيير في القوانين يحتاج دعم القضاة لفهم الأسس العلمية للطب النفسي، واتخاذ قرارات عادلة، ويحتاج دعم المحامين لتوسع المعرفة بحقوق المرضى النفسيين للدفاع عنهم، وكذلك نحتاج من الأطباء النفسيين تقديم تقارير طبية دقيقة وموضوعية، ومن علماء الاجتماع دراسة التأثيرات الاجتماعية والثقافية على الصحة النفسية والقانون، إضافة إلى التوازن بين حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية وحماية المجتمع هو الذي يصنع قانوناً متكاملاً يحمي حقوق ذوي الإعاقة، أي يتحقق ذلك بحماية حقوق المرضى النفسيين في تحديد الحقوق التي يتمتعون بها ووضع الضوابط والإجراءات التي يجب اتباعها في التعامل معهم.
إضافة إلى توفير آليات للشكوى في حال انتهاك حقوق المرضى، مع احترام حقوقهم في الرعاية الصحية المناسبة لهم في اختيار نوع العلاج والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهم وعلاجهم قدر الإمكان، وضمان حفاظ المرضى النفسيين على خصوصيتهم وحماية معلوماتهم الشخصية، ومراعاة سلامتهم وسلامة الآخرين ومعاملتهم معاملة متساوية وعادلة من دون أي تمييز على أساس حالتهم الصحية.