الثورة – فردوس دياب:
في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها البلد، برزت الحاجة إلى مبادرات وحملات أهلية وخيرية تحمل على عاتقها رسائل التكافل والعطاء والتضامن، فكانت مبادرات “أصدقاء حمص”، و”أبشري حوران”، و”دير العز”، وبعد أيام حملات “ريفنا بيستاهل”، و”الوفاء لإدلب”، ما يجسد صورة حيّة عن قوة التضامن بين أبناء البلد الواحد لنشر الخير وضخ الحياة في شرايين الوطن المنهك والمدمر.
رسالة إنسانية
صحيفة الثورة، التقت منظم ومنسق هذه المبادرات الأهلية عاطف نعنوع- مدير فريق “ملهم” التطوعي، الذي أكد أن هذه الحملات والمبادرات الأهلية، ليست مجرد نشاط خيري عابر، بل هي تعبير صادق عن عمق الانتماء والمسؤولية الاجتماعية، ورسالة إنسانية تؤكد أن التعاضد الاجتماعي قادر على صناعة فرق كبير في حياة الآخرين.
وقال نعنوع: إن فريق ملهم التطوعي يلبي نداء كافة المحافظات السورية، لإجراء حملات جمع تبرعات من أجل إعمار المدارس، وتجهيز البنية التحتية، وإزالة الأنقاض من المدن التي دمَّرها النظام البائد، مبيناً أن هذه المبادرات بدأت من “أربعاء حمص” التي جمعت أكثر من 13 مليون دولار، والتي لاقت نجاحاً واستحساناً شعبياً ورسمياً كبيراً، ما أدى إلى امتدادها إلى بقية المحافظات، فكانت في محافظة درعا تحت اسم “أبشري حوران”، وجمعت نحو 40 مليون دولار، وامتدت إلى محافظة دير الزور تحت اسم “دير العز” وجمعت نحو 32 مليون دولار.
التنظيم والتجهيز
وعن دور فريق “ملهم” التطوعي في هذه الفعاليات، قال نعنوع: إن دوره يتمثل في تنظيم آلية جمع التبرعات من المتبرعين وعرضها بالشاشات تباعاً، بالإضافة إلى تجهيز الإمكانيات لاستقبال أموال التبرعات لهذه الحملات من كل أنحاء العالم أونلاين وبشكل إلكتروني، كون الفريق منظمة مرخصة في كندا، وأميركا، والسويد، وألمانيا، كما أن لديه موقع إلكتروني فيه عدد كبير من طرق التبرع، تتيح للأشخاص السوريين المغتربين التبرع من خلال الرابط، وكان عددهم كبيراً جداً، وساهموا بالتبرع لهذه الحملات من أجل إعمار المدن المدمرة.
وفيما يتعلق بتنظيم الحملات بباقي المحافظات، أشار إلى أن هذا الأمر يرتبط بكل محافظة وحسب الأولوية، إذ يوجد محافظات فيها كم هائل من الدمار والتخريب، وهناك محافظات تسعى إلى ترميم المستشفيات وتجهيزها بالأجهزة الطبية، إضافة الى ترميم المدارس، وإزالة الأنقاض وتأمين مياه الشرب بعد فترة الجفاف التي مرت بها البلد في الصيف.

الشفافية والمصداقية
وبالنسبة للآليات المتبعة لضمان شفافية ومصداقية الحملات، أوضح نعنوع أن ذلك يتم من خلال قيام كل محافظة بتشكيل لجنة مالية ومجلس أمناء مكون من عدد من الأشخاص من أهل الثقة بالمدينة ومن المحافظة، يقومون بالإشراف على استقبال الأموال وصرفها، وإنشاء تقارير دورية وعقد مؤتمرات صحفية لوضع الناس بصورة الأحداث بشكل دائم، خاصة وأن بعض الأموال تأتي كتعهدات، وهناك هاشتاغ ضمن الحملات، يتعهد المتبرعون بتسديد المبلغ ضمن شهر أو شهرين، كما أن هناك بعض الأموال تأتي من الجمعيات لصرفها على مراحل.
وذكر أن هناك حملة في 20 من الشهر الجاري في محافظة ريف دمشق تحت عنوان “ريفنا بيستاهل”، وهناك أيضاً حملة في محافظة إدلب تحت عنوان “الوفاء لإدلب “في 26 من هذا الشهر.
وعن الصعوبات والتحديات التي تواجه تلك الحملات، أشار نعنوع إلى أهمها، والتي تتمثل بصعوبة تحديد الأولويات بالنسبة للمدن، فبعض المدن مدمرة بشكل شبه كامل، إضافة إلى صعوبة تحويل الأموال من الخارج بسبب العقوبات المفروضة على سوريا، وهناك أيضاً المبالغ التي تم التبرع بها يتم دفعها من قبل الأشخاص وهناك أشخاص يحتاجون إلى شهر أو شهرين وأحياناً ستة أشهر حتى يستطيعوا تحويلها من قبل الأشخاص بالخارج.
تعزيز الوحدة الوطنية
وأكد نعنوع أن الحكومة ساهمت أيضاً بدعم هذه الحملة من خلال المحافظين، إذ يقوم أعضاء المحافظة بتنسيق كل أمور الحملات من حجز الفنادق للضيوف وتجهيز وسائل النقل، مشيراً إلى أن تواجد الوزراء وتبرعهم أدى الى إغناء هذه الفعاليات، بالإضافة الى تشجيع بقية الأشخاص على التبرع.
وختم مدير فريق ملهم حديثه: إن هذه الحملات والتبرعات ساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية وروح الانتماء والعمل الجماعي بين أبناء الوطن من مختلف الشرائح والأطياف، مشيراً إلى قصة شاب مسلم تبرع في محافظة حمص من أجل ترميم كنيسة، لأنها ساعدت أهله وآوتهم خلال أيام الثورة، هذا بالإضافة إلى أن المتطوعين والمتبرعين جسدوا معاً رسالة واضحة مفادها أن العطاء قادر على مواجهة المصاعب ورسم طريق الأمل، لذلك فإن هذه المبادرات تشكّل نموذجاً ملهماً يمكن البناء عليه لتوسيع دائرة العمل الإنساني وتعميق ثقافة المشاركة في جميع المحافظات.
