حياتنا.. بين زر الإعجاب وصمت الجدران!

الثورة – ميساء السليمان:

في عالمنا المعاصر، أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، الهواتف الذكية، الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي جعلت التواصل أسرع وأسهل من أي وقت مضى، لم نعد بحاجة للانتظار لأيام لإرسال رسالة أو معرفة أخبار أحبائنا.

لكن مع كل هذه الفوائد، يطرح السؤال: هل كل هذا الاتصال جعلنا أقرب لبعضنا البعض فعلياً؟ أم أننا رغم القرب الرقمي، أصبحنا نشعر بالانعزال أحياناً؟

بين السحر والفائدة

التكنولوجيا ليست مجرد شاشات وأجهزة، بل أدوات تجعل حياتنا أكثر راحة، لجهة تسهيل الحياة اليومية والتطبيقات البنكية، المساعدات الصوتية، التي توفر وقتاً وجهداً ثميناً.

والتعلم عن بعد.. الإنترنت ومنصات التعليم الإلكتروني فتحت أبواب المعرفة لكل الأعمار، مع أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقدم تجربة تعليمية شخصية.

الصحة والطب، أجهزة تتبع النشاط البدني، الجراحة الدقيقة بالروبوت، والمتابعة الطبية عن بعد تجعل رعايتنا الصحية أكثر دقة وسهولة.

التواصل والعمل، القدرة على التواصل الفوري والعمل عن بعد والمشاركة في الاجتماعات عبر الفيديو جعلت حياتنا المهنية والشخصية أكثر مرونة وكفاءة.. فإيجابيات التكنولوجيا كثيرة، لكنها تحتاج منا وعياً لتجنب الآثار السلبية.

القرب الرقمي والبعد الواقعي

وسائل التواصل الاجتماعي تجعلنا قريبين من أصدقائنا وعائلاتنا على بعد آلاف الكيلومترات، لكنها أحياناً تجعلنا أكثر وحدة في الواقع.. وأن الاستخدام المفرط للشاشات يقلل من التواصل وجهاً لوجه، فكثير من الأشخاص لديهم المئات من الأصدقاء الرقميين، لكنهم يشعرون بالعزلة في الحياة الواقعية.

اللحظات الصغيرة من الحديث، الضحك، والتفاعل المباشر يصبح أقل مع انغماسنا في الهواتف، كذلك صراع الشاشات واللقاءات الواقعية، وبالتالي الأطفال والمراهقون هم الأكثر تأثراً بالشاشات، فالدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يومياً أمام الأجهزة قد يواجهون صعوبة في تطوير المهارات الاجتماعية، مثل فهم لغة الجسد أو التعبير عن المشاعر.

فيما توفر، التكنولوجيا فرصاً تعليمية واجتماعية، مثل مجموعات التعلم عبر الإنترنت والألعاب التربوية، والتواصل مع أصدقاء من خلفيات مختلفة، فالأمر يحتاج لتوازن استخدام التكنولوجيا كأداة للتعلم وليس كملاذ من الواقع.

منشغلون طوال الوقت

فاطمة سليمان ربة منزل تقول: “ألاحظ أن أولادي منشغلون طوال الوقت بهواتفهم، حتى أثناء تناول الطعام معاً.”أحمد المصري طالب جامعي: “التكنولوجيا تساعدني على التعلم والتواصل، لكن أحياناً أفتقد اللقاءات الواقعية التي تمنحني شعوراً حقيقياً بالقرب من الآخرين.” سارة أحمد موظفة تقنية: “أحب التكنولوجيا لأنها تجعل عملي أكثر كفاءة، لكن أحياناً أشعر أنني مرتبطة بالأجهزة طوال الوقت.

“في إطار ذلك تؤكد المرشدة النفسية دارين السليمان لـ”الثورة”، أن العزلة الاجتماعية في عصر التكنولوجيا غالباً ما تكون مرئية لكنها غير محسوسة، فالكثير من الناس متصلون رقمياً طوال الوقت، لكنهم يشعرون بالوحدة داخلياً، والسبب أن الاتصال الرقمي لا يعوض التفاعل الواقعي: لمسة اليد، الابتسامة، أو لحظة ضحك مشتركة مع الأصدقاء.

وبينت أن الحل ليس الابتعاد عن التكنولوجيا، بل استخدامه بوعي، وهنا يمكن تخصيص أوقات محددة للتواصل الرقمي، وفي المقابل الحرص على لحظات تواصل وجهاً لوجه مع العائلة والأصدقاء، وممارسة النشاطات الجماعية، مثل الرياضة، الرحلات، أو التطوع، مما يساعد على بناء علاقات اجتماعية قوية وتشعر الإنسان بالانتماء.

أما بالنسبة للأطفال والمراهقين، فأوضحت السليمان أنه من المهم أن يشاركوا في أنشطة تفاعلية واقعية بعيداً عن الشاشات، مع مراقبة وقتهم أمام الأجهزة، أما الكبار، فيجب عليهم تنظيم استخدامهم للتكنولوجيا في العمل والترفيه، وعدم السماح للشاشات بالسيطرة على حياتهم اليومية.

وأشارت السليمان إلى أن التكنولوجيا أداة قوية يمكن أن تقربنا من الآخرين إذا استخدمناها بحكمة، أو تجعلنا أكثر انعزالاً إذا تركناها تتحكم في أوقاتنا وعلاقاتنا، وللاستفادة من التكنولوجيا من دون أن تتحول إلى مصدر للعزلة، لا بد من تحديد أوقات خالية من الشاشات: ساعة يومياً للتحدث مع الأسرة أو الأصدقاء من دون الهواتف الذكية.

وأشارت إلى أنه في جانب الوعي بالاستخدام الرقمي، لابد من مراقبة الوقت على وسائل التواصل والابتعاد عن الانغماس الكامل، واستخدامها في تعزيز التواصل الحقيقي، والعمل على دعوة الأصدقاء للقاء المباشر بعد محادثات طويلة عبر الإنترنت، أو المشاركة في فعاليات جماعية.

وتضيف السليمان: إن التكنولوجيا أعطتنا فرصاً لا حصر لها من خلال: تعلم أسرع، تواصل أسهل، حياة أكثر راحة، لكنها أحياناً تأتي بالعزلة الاجتماعية، ليبقى المفتاح هو الوعي والتوازن، في استخدام الوسائل الرقمية بذكاء، من دون السماح لها بالسيطرة على حياتنا، مع الحفاظ على الروابط الإنسانية والوقت الواقعي مع من نحب، لنعيش حياة صحية ومتوازنة في عصر الاتصال الدائم.

 

آخر الأخبار
الزبداني .. تعيد النور إلى فصول مدارسها 30 مدرسة بريف دمشق تتحضر لاستقبال طلابها فتح 200 كم "خطوط نار" في ريف اللاذقية الشمالي تكريم حفظة القرآن في تجمع "جديدة الفضل" و"دروشا" افتتاح محكمتي صلح في "دارة عزة" و"الأتارب" ‏ختام فعاليات ملتقى "وجهتك الأكاديمية" في جامعة الفرات إقالة دبلوماسيين أميركيين معنيين بالشأن السوري بشكل مفاجئ  ‏الصيد الجائر يهدد الثروة السمكية في دير الزور إصلاح أم إعادة تموضع بين "العام" و"الخاص" ؟ إدانات دولية متصاعدة لتوسيع الاحتلال عدوانه على غزة الأمم المتحدة: الوضع في غزة يزداد سوءا تحسن في أسعار صرف الليرة في السوق الموازي الشيباني في واشنطن.. دلالات سياسية واقتصادية في توقيت حساس مساع أممية لإيجاد حلول مستدامة للاجئين السوريين في الأردن "الدولرة"...استقرار نقدي على حساب القرار الوطني مراجعة مذكرات التفاهم.. رسالة طمأنة للمستثمرين أم اعتراف ضمني بالفشل ؟ افتتاح مبنى التأمينات الاجتماعية بإدلب… خطوة نحو تحسين الخدمات أكرم الأحمد:  تغطية الأحداث تتطلب إعلاماً أكثر شمولاً وانتشاراً   اجتماع الأسرة الزراعية في إدلب… نحو استراتيجية متكاملة لدعم المزارعين لمواجهة الجفاف في سوريا.. التشبث بالأرض ومواصلة الإنتاج