همزة وصل بين المواطن والدولة ..”لجان الأحياء”.. شراكة مجتمعية في مواجهة التحديات الخدمية

الثورة – ثورة زينية:

في ظل التحديات الخدمية والمعيشية التي تعيشها العاصمة دمشق، تبرز “لجان الأحياء” كأحد أهم الأذرع المحلية الداعمة للإدارة الحكومية، لما تضطلع به من دور حيوي في رصد احتياجات السكان ونقل صوتهم إلى الجهات الرسمية، وتقديم حلول واقعية لمشكلات الأحياء التي تمثل الواجهة الحقيقية للحياة اليومية للمواطن.

الاجتماع الأخير الذي جمع لجان الأحياء مع مخاتير المدينة ضمن سلسلة لقاءات دورية شكل محطة مهمة لتجديد التواصل المباشر بين الإدارة المحلية والمستوى الشعبي، بما يسهم في تحسين الواقع الخدمي والمعيشي ويعزز من فاعلية لجان الأحياء كلجان تمثيلية قريبة من هموم الناس، في إطار السعي لتفعيل دور المجتمع المحلي وتحقيق استجابة أكثر فعالية لاحتياجات المواطنين والاستماع إلى أبرز التحديات التي يواجهها الأهالي، ومتابعة القضايا العالقة مع استعراض آخر التعميمات والقرارات الإدارية الصادرة عن المحافظة، والتأكيد على ضرورة تفعيل دور لجان الأحياء باعتبارها همزة الوصل الأساسية بين المواطن والمؤسسة الحكومية، وتكثيف التنسيق بينها وبين الوحدات الإدارية والخدمية لمعالجة الشكاوى اليومية وتنظيم المبادرات المجتمعية ضمن نطاق كل حي.

ليس مجرد ناقل للشكاوى

واعتبر أحد المعنيين في المحافظة خلال حديثه لـ”الثورة” أن اللقاء الذي احتضنته دائرة لجان الأحياء في دمشق يأتي ضمن خطة المحافظة لتعزيز نهج التشاركية بين المواطن والدولة، وتطوير آليات العمل المحلي بحيث تصبح لجان الأحياء جزءاً أساسياً في دورة اتخاذ القرار الخدمي وليس مجرد جهة ناقلة للشكاوى.

لطالما لعبت لجان الأحياء في دمشق دوراً محورياً في نقل صوت الشارع إلى دوائر القرار من خلال رصد المشكلات الخدمية كالنظافة والكهرباء والمياه والصرف الصحي ومتابعة الشكاوى اليومية للسكان، وتوثيقها عبر تقارير ميدانية.

عضو لجنة حي الشاغور سمير أقبيق بين لصحيفة الثورة، أن عمل لجان الأحياء يتم ضمن هيكلية محلية تضم المخاتير، وممثلين عن الفعاليات الاجتماعية، بالتنسيق مع الجهات الرسمية، وبيّن أنه مع تزايد الضغوط على البنية التحتية في المدينة باتت هذه اللجان تتحمل مسؤوليات إضافية تتجاوز الطابع الإداري إلى جوانب مجتمعية وإنسانية، ولاسيما في ظل التحديات المعيشية الراهنة.

وأشار عضو لجنة الحي إلى الصعوبات التي تعاني منها لجان الأحياء وتتمثل بنقص الموارد المالية واللوجستية وضعف الاستجابة لبعض الجهات التنفيذية وغياب التدريب والتأهيل الكافي لأعضائها، إضافة للحاجة إلى إطار قانوني واضح ينظم صلاحياتها ويعزز فاعليتها، مشدداً على ضرورة تمكين اللجان عبر توفير أدوات العمل المناسبة وتخصيص موازنات تشغيلية إضافة إلى تكثيف ورشات التدريب الإداري والمجتمعي لأعضاء اللجان.

على طريق التشاركية الفاعلة

الخبير في شؤون الإدارة المحلية وعضو لجنة حي المهاجرين نبيل دكاك، أكد أنه وفي ظل ما تعانيه العاصمة دمشق من تحديات خدمية وضغوط متزايدة على المرافق العامة تبقى لجان الأحياء أداة لا غنى عنها في تحسين الأداء المحلي، فهي الأقرب إلى المواطن والأكثر احتكاكاً بالواقع، وإذا ما جرى تمكينها ودعمها بشكل فعلي فإنها قادرة على إحداث تغيير حقيقي يبدأ من الحي وينعكس على مستوى المدينة بأكملها.

ويرى أن الرهان يبقى على استمرار اللقاءات الدورية، وترسيخ ثقافة الحوار المجتمعي، وتكريس شراكة حقيقية بين المواطن والإدارة، باعتبارها المدخل الأساسي لأي عملية إصلاح أو تطوير مستدام، موضحاً أنه على الرغم من أن هذه اللجان تعد في الأصل كياناً شعبياً ذا طابع خدمي وتنسيقي، إلا أن طبيعة المرحلة ومتطلبات الواقع فرضت عليها مسؤوليات مضاعفة تجاوزت المهام التقليدية، لتشمل جوانب إنسانية وتنموية ومجتمعية.

ونوه بأنه بدأ يظهر مؤخراً توجه في محافظة دمشق نحو تعزيز دور لجان الأحياء ضمن استراتيجية جديدة للإدارة المحلية تقوم على تفعيل التشاركية مع المجتمع وتقريب المسؤول من المواطن، من خلال اللقاءات الدورية مع المخاتير واللجان واستحداث آليات جديدة للتنسيق.

وقد بدأت هذه اللقاءات- بحسب دكاك، تثمر في بعض المناطق من خلال إطلاق حملات تنظيف موسعة، أو معالجة بعض القضايا العالقة التي طال انتظاره، وذلك بفضل الضغط الإيجابي الذي تمارسه اللجان بفضل قربها من الواقع.

نحو شراكة حقيقية

يؤكد عضو لجنة الحي دكاك، أن المطلوب في المرحلة القادمة هو تعزيز الدعم المادي والتقني للجنة، وتدريب الأعضاء على العمل المجتمعي والتواصل الفعال، وإشراكهم في مراحل إعداد الموازنة المحلية، وتحديد الأولويات الخدمية، وربط تقاريرهم مباشرة بمكتب المحافظ، أو المجالس التنفيذية لزيادة سرعة التجاوب، مشدداً على أن لجان الأحياء تبقى حاجة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، فهي الأقرب إلى هموم الناس، والأكثر قدرة على إيصال صوتهم شريطة أن تحظى بالدعم اللازم، وأن يعاد النظر بدورها القانوني والتنفيذي.

ويتفاءل الخبير دكاك أن المستقبل القريب سيحمل تطوراً في هذا الإطار، خاصة مع ازدياد الاهتمام الحكومي بتحسين الأداء المحلي وتفعيل المبادرات المجتمعية، الأمر الذي قد يمهد الطريق أمام شراكة حقيقية بين المواطن والدولة، تبدأ من الحي وتنتهي عند القرار المركزي، مطالباً بوضع إطار قانوني وتنظيمي أكثر وضوحاً ينظم عمل لجان الأحياء ويمنحهم صلاحيات أكبر للتأثير في صناعة القرار المحلي خصوصاً عند اتساع الفجوة أحياناً بين المواطن والمؤسسة الخدمية.

هيكلية ودور متعدد الأبعاد

تجدر الإشارة إلى أن لجان الأحياء في دمشق تتوزع ضمن النطاق الجغرافي للمدينة، بحيث تغطي كل لجنة حياً، أو مجموعة من الأحياء وتتشكل غالباً من عدد من الأهالي والوجهاء إلى جانب المختار، وممثلين عن مؤسسات خدمية محلية في تكوين يعكس التنوع الاجتماعي والمكاني في العاصمة.

وتضطلع هذه اللجان بمهام رئيسة أبرزها: رصد المشكلات الخدمية كالنظافة، والطرقات، والمياه، والكهرباء، والصرف الصحي، وتقديم تقارير دورية عنها، مع المساهمة في تنظيم الحملات الخدمية والتطوعية داخل الأحياء، ونقل شكاوى ومطالب السكان إلى مجلس المحافظة أو البلديات المعنية، إضافة للتنسيق مع المخاتير والشرطة فيما يخص قضايا السلامة العامة، وتعزيز التواصل المجتمعي، وتنظيم لقاءات شعبية مع المسؤولين.

آخر الأخبار
"دواجن حمص" تنفذ خطتها وتستعد لاستقبال أمّات البياض استضافة أكثر من ألف رجل أعمال.. تحضيرات مستمرة لمعرض ربيع وصيف 2026 بدمشق بين رغيف الخبز وقطعة الجبنة.. المواطن يحسب أنفاسه "بأيدينا سوريا بتحلى".. تعيد حلب إلى وجهها الحضاري ترميم للمدارس وحلول إسعافية..إعادة الأمل للطلاب والمعلمين في منطقة الأتارب بحلب هل "الدولرة الجزئية" حلٌّ مؤقت لأزمة الليرة السورية؟ "المدينة الصناعية في الشيخ نجار".. ركيزة أساسية في النهوض بالقطاع الصناعي "حلب الكبرى".. تشاركية بين المحافظة والمجتمع المحلي الرئيس "الشرع" في واشنطن.. محطة مفصلية في مسار الدبلوماسية السورية شح السيولة وتراجع القوة الشرائية يهددان دوران الإنتاج نيويورك.. بوابة عودة سوريا إلى النظام الدولي هل تُحدث الجولات الميدانية فرقاً لخدمة العمل والعمال!؟ تقلبات في أسعار المواد على وقع ارتفاع الدولار المدارس الخاصة.. إصلاح تربوي أم تجارة بالتعليم؟ تأهيل المتقدمين لمسابقة "الفنون الجميلة" في دمشق استعداد للعام الدراسي ..  طباعة 24 مليون كتاب همزة وصل بين المواطن والدولة .."لجان الأحياء".. شراكة مجتمعية في مواجهة التحديات الخدمية "مونتيسوري" لتعليم اللغة في حديقة سوق الضيعة باللاذقية أردوغان: لن نترك سوريا وحيدة ودعمنا سيستمر بكل ما نملك دمج بلديتي "الشيخ مقصود والأشرفية" ضمن هيكل مجلس مدينة حلب