الثورة – لينا شلهوب:
أعلنت المؤسسة العامة للمطبوعات عن إنجاز خطة واسعة لطباعة ما يقارب 24 مليون كتاب مدرسي للعام الدراسي 2026، وذلك بتوجيه من وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، وتأكيداً على أن الكتاب المدرسي يشكل حجر الزاوية في نجاح المنظومة التعليمية، في إطار الاهتمام الحكومي المتواصل بتعزيز العملية التعليمية وتطوير مقوماتها الأساسية.
وفي هذا المجال، أوضح مدير المؤسسة العامة للمطبوعات فهمي الأكحل لصحيفة الثورة، أن هذه الخطوة تأتي استجابةً للحاجة الملحة لتوفير الكتب لجميع طلاب مرحلة التعليم الأساسي في مختلف المحافظات السورية، بما يضمن وصول المادة التعليمية إلى جميع المتعلمين دون استثناء، مؤكداً أن الكتب ستوزّع بشكل مجاني للطلاب في هذه المرحلة، انسجاماً مع توجهات الدولة التي تضع حق التعليم في مقدمة أولوياتها، وتعمل على إزالة أي عوائق مادية قد تحول دون حصول الطالب على أدوات التعلم الأساسية.
وبيّن الأكحل أن بعض المناطق في البلاد تحتاج إلى توفير كتب جديدة بالكامل نظراً لغياب ما يُعرف بالكتب “المدوّرة” أو المستخدمة في الأعوام السابقة، في حين أن مناطق أخرى سيتم فيها الاعتماد على مزيج من الكتب الجديدة والمدورة، بما يسهم في ترشيد الموارد من دون المساس بجودة العملية التعليمية.
هذه السياسة المزدوجة تعكس مرونة في التخطيط، وقدرة على تلبية الاحتياجات المتنوعة بحسب خصوصية كل منطقة وظروفها.
فيما تبرز أهمية هذا المشروع في عدة مستويات، فعلى الصعيد التربوي، كما يقول الأكحل، فإن تأمين الكتاب المدرسي لجميع التلاميذ يتيح فرصة متساوية في متابعة دروسهم والالتزام بالمناهج الرسمية المعتمدة، وهو ما يشكل أساساً لتحقيق العدالة التعليمية بين أبناء الوطن الواحد.
أما على الصعيد الاجتماعي، فإن مجانية الكتب المدرسية تخفف عبئاً كبيراً عن كاهل الأسر السورية، ولاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ما يضمن استمرارية العملية التعليمية، ويحد من نسب التسرب المدرسي.
من ناحية أخرى، بين أن المشروع يحمل منعكسات إيجابية على المستوى الوطني العام، إذ يعزز ثقة المجتمع بالمؤسسات الحكومية، ويؤكد جدية الجهود المبذولة لتطوير التعليم رغم التحديات، كما يسهم في ترسيخ قيمة الكتاب الورقي بوصفه مرجعاً أساسياً للتعلم، ويغرس في نفوس الطلاب تقديراً لمكانة المعرفة وأدواتها.
إن طباعة 24 مليون كتاب مدرسي، ليست مجرد عملية فنية أو لوجستية، بل هي تعبير عن رؤية استراتيجية للدولة تجاه التعليم باعتباره استثماراً طويل الأمد في بناء الإنسان، الذي يعد الركيزة الأولى للتنمية والتقدم، وبذلك يشكل هذا الإنجاز خطوة محورية في مسار النهوض بالعملية التعليمية في سوريا، ويعكس إصرار القائمين عليها على توفير بيئة تعليمية لائقة، تتيح للطلاب التعلم وبشروط عادلة، تمهيداً لصياغة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.