الثورة – إيمان زرزور:
في حدث غير مسبوق منذ أكثر من نصف قرن، استقبلت الجالية السورية في الولايات المتحدة الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني بحفاوة بالغة أثناء زيارتهما الرسمية إلى نيويورك للمشاركة في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وامتلأت القاعة المخصصة للقاء بالحضور، الذين رفعوا الأعلام السورية، ورددوا هتافات وطنية تعكس مشاعر الفخر والانتماء، في مشهد عاطفي عكس حجم التفاعل الشعبي مع القيادة السورية الجديدة.
ومع دخول الرئيس الشرع القاعة وقف الحاضرون مصفقين ومرددين شعارات مثل “ارفع راسك فوق أنت سوري حر”، وتناقل الحضور عبارات ترحيبية مؤثرة، منها “الله يحيي البطن إلي حملك” و”الله يعزك متل ما عزيتنا” و”مثلك لم تلد النساء” و”أحلى أبو محمد في العالم”.
حمل اللقاء مع الجالية السورية بعداً رمزياً وسياسياً، فالجالية في الولايات المتحدة تُعد إحدى أكبر التجمعات السورية وأكثرها تأثيراً في دوائر القرار الأميركي، وهي قادرة على نقل صورة إيجابية عن التحولات الجارية في سوريا الجديدة إلى الإعلام والكونغرس ومراكز الأبحاث، ويعزز هذا اللقاء جسور التواصل بين الدولة السورية ومواطنيها في المهجر، بما يتيح تعبئة الدعم للمشروعات الاستثمارية والتنموية داخل البلاد.
تزامن الاستقبال مع الاستعداد لإلقاء الرئيس الشرع كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليصبح أول رئيس سوري يعتلي هذا المنبر منذ عام 1967، ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها إعلان رمزي لعودة سوريا إلى المسرح الدولي كلاعب فاعل بعد سنوات من العزلة، وبداية مسار دبلوماسي جديد يستند إلى الحوار والانفتاح.
ظهور الرئيس الشرع بهذا الشكل الإيجابي أمام الجالية قد يترك أثراً على مواقف بعض المشرعين الأميركيين الذين يتابعون عن كثب التطورات السورية، لا سيما في ظل النقاش الدائر حول العقوبات وملفات التعاون الأمني والاقتصادي.
فصورة الجالية الموحدة الداعمة لمسار الدولة السورية قد تسهم في تخفيف حدة الخطاب السلبي تجاه دمشق، وتمهّد الطريق أمام حوار أوسع بين الحكومتين.
ويحمل استقبال الجالية السورية للرئيس الشرع في واشنطن دلالات تتجاوز البعد العاطفي؛ فهو يعكس لحظة تلاقٍ بين الداخل والمهجر على رؤية وطنية مشتركة، ويوجّه رسالة للمجتمع الدولي بأن سوريا الجديدة تمضي في طريق إعادة بناء مؤسساتها وعلاقاتها الخارجية مستندة إلى دعم أبنائها في الداخل والخارج.
هذه المشاهد قد تشكل رصيداً سياسياً ودبلوماسياً إضافياً للقيادة السورية في مرحلة حساسة من تاريخ البلاد.