الثورة – نيفين أحمد:
لا يحارب رجال الإطفاء في اللاذقية النيران فقط، بل يواجهون عدواً آخر لا يُرى بالعين المجردة بين ألسنة اللهب المتصاعدة، يختبئ الموت في صمت على شكل مخلفات الحرب التي تحوّل كل خطوة إنقاذ إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر هذه ليست مجرد قصة عن حريق بل عن صراع مستمر مع ندوب الماضي.
منذ ساعات الفجر الأولى من يوم الاثنين يخوض رجال الإطفاء في ريف اللاذقية معركة شاقة لإخماد حريق حراجي وزراعي واسع النطاق اندلع في منطقة ترتياح قرب بلدة سلمى، لم تكن سماء ريف اللاذقية صافية، بل غطتها سحابة من الدخان الأسود الكثيف لمواجهة حريق هائل يلتهم مساحات شاسعة من الغابات والأراضي الزراعية. لكن هذه المهمة لم تكن كأي مهمة سابقة، فإضافة إلى التحديات المعتادة كالتضاريس الوعرة التي جعلت الوصول إلى قلب النيران شبه مستحيل والطقس المتقلب الذي يزيد من سرعة انتشار اللهب تظهر مخلفات الحرب من حين لآخر.
وأكد أحد عناصر الدفاع المدني في مقطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذه المخلفات من قنابل وألغام مزروعة منذ سنوات الصراع تسببت في انفجارات مفاجئة، ما حوّل جهود الإخماد إلى سباق ضد خطر مزدوج، فبينما يصارعون ألسنة اللهب التي تتقدم بسرعة كانت كل خطوة يخطونها محفوفة بخطر انفجار قد ينهي حياتهم. هذه الحرائق لم تعد مجرد كارثة بيئية، بل أصبحت شاهداً جديداً على صمود رجال الدفاع المدني في وجه بقايا الصراع التي تلاحقه حتى في لحظات الإنقاذ.