الثورة – عبير علي:
في عالم الحرف اليدوية، تبرز حرفة الفسيفساء الحجري كفن يتطلب مهارات استثنائية، إذ تتناغم الألوان وتتداخل لتشكيل لوحات فنية تأخذنا في رحلة ساحرة عبر الزمن، ومن أبرز الحرفيين في هذا المجال، الحرفي أحمد عبد اللطيف القدور، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في تصميم الفسيفساء وتحويل الحجر إلى قطع فنية تعكس الذوق الرفيع.
وفي حديثه لـ”الثورة” يشير إلى طريقة العمل، والتي تبدأ بتحضير صورة مصغرة واختيارها، فقد تكون شخصية أو منظراً طبيعياً، ثم يتم تكبيرها على الطابعة بالحجم المناسب، وبعد ذلك يبدأ مع فريقه المكوّن من ستة أشخاص ضمن ورشته، في تحضير المواد اللازمة، مثل المشمع الشفاف والغربول، المصنوع من البلاستيك الرقيق، الذي يمسك الحجر بشكل جيد.
تأتي المرحلة التالية عبر استخدام المواد التقليدية مثل الباتيكس أو الشعلة، إلى جانب الحجر الطبيعي والحجر الصناعي الملون. يُقطّع الحجر باستخدام قطاعات خاصة تعطيه أشكالاً دقيقة بطول ثلاثة ميليمترات وعرض سبعة ميليمترات، ما يلبي الاحتياجات الفنية الدقيقة، ومن المثير للدهشة، أن أحمد يستورد أحياناً ألواناً كالأخضر الهندي والأزرق التركي، لإضفاء لمسة إبداعية مختلفة على أعماله.
وفيما يتعلق بعملية تلوين الحجر، فتتمثل في مزج الرزين مع الألوان المطلوبة مثل الأحمر، الأزرق، والأخضر، ما يجعل الألوان ثابتة لا تتغير مع مرور الزمن، وتشمل أعماله أيضاً الجداريات وبلاط الأرضيات، ما يضيف لمسة فنية لأي مساحة.
الفسيفساء ليست مجرد قطع حجرية، بل هي حكايات ملونة تروي قصصاً عبر الأجيال، وتجمع بين الأصالة والمعاصرة. ويواصل أحمد إبداعه، ليحافظ على هذه الحرفة حية في قلوب الناس، ولتكون رمزاً للجمال في كل مكان وفق ما ذكر.
مع كل لوحة، يُثبت أن الفسيفساء الحجري ليست مجرد فن، بل أسلوب حياة، يعبر عن التنوع والجمال، ويعيد إحياء التراث بأسلوب يعكس اللمسة الحرفية الفريدة.



