الثورة – وفاء فرج:
تحديات وضغوطات كبيرة تواجهها الصناعة السورية جعلتها في حالة خطر تهدد وجودها و مستقبلها، وبالتالي السؤال المطروح ماهي هذه التحديات، وكيف يمكن التغلب عليها؟
عضو غرفة صناعة دمشق وريفها السابق حسام عابدين أكد أن الصناعة السورية قادرة على تجاوز التحديات الراهنة، مشيراً إلى أنها مرت بأوقات أصعب في الماضي.
وبيّن أن الصناعة السورية كانت رائدة على مستوى الوطن العربي في بدايات عهد الاستقلال، إذ أُطلقت عليها تسمية “يابان الشرق الأوسط” نظراً لقدرتها على التنوع والتصدير.
حوامل الطاقة
وأشار عابدين إلى أن الصناعة بحاجة ماسة إلى حوامل طاقة بأسعار مماثلة لدول الجوار، مؤكداً أن أسعار الكهرباء والمحروقات (الفيول، المازوت، البنزين) يجب أن تكون مماثلة لدول الجوار، وألا تكون أعلى منها، وذلك لتخفيض تكلفة المنتج النهائي، ما يعزز القدرة التنافسية للصناعة السورية.
وشدد عابدين على أن حوامل الطاقة ليست مجرد استهلاك للصناعات الكيميائية فقط، حيث إن الصناعات الكيميائية تدخل في كافة الصناعات الأخرى (النسيجية، الغذائية، الهندسية).
وأوضح أن الصناعات النسيجية تحتاجها في مواد التعبئة والتغليف ومواد التحميل في صباغة الأقمشة، كما أنها تدخل في الصناعات الهندسية كمواد مساعدة وللتعبئة والتغليف، وكذلك الأمر في الصناعات الغذائية.
وفي سياق متصل، أشار عابدين إلى ارتفاع أسعار المذيبات في مصفاة بترول حمص، حيث يصل سعر الطن إلى حوالي 1400 دولار، بينما الأسعار العالمية تبلغ حوالي 800 دولار للطن.
وأكد أن المذيبات هي مدخلات صناعية أساسية، وأن كافة الدول تبيعها للصناعة بالأسعار العالمية أو أقل، حتى يتمكن صناعيوها من المنافسة والتصدير، منوهاً إلى أن التجارة والصناعة يكملان بعضهما البعض، وأن الصناعة بحاجة إلى أدوات تمكنها من المنافسة في السوق المحلي وأسواق التصدير.
دعم الصناعات الصغيرة
بدوره أوضح رئيس لجنة صناعة الأحذية والجلود في غرفة صناعة دمشق وريفها محمد البوشي أن الوضع الاقتصادي الحالي للحكومة لا يسمح بدعم الصناعات المتعثرة التي تحتاج إلى تمويل كبير لمواكبة التطورات العالمية، مشيراً إلى وجود قطبين متعارضين في سوريا هما التجارة والصناعة.
وأوضح البوشي أن مطالب التجار غالباً ما تكون معاكسة لمطالب الصناعيين، ما يؤدي إلى إغراق الأسواق ببضائع غير مناسبة للمواطنين.
وأشار إلى أن غياب الرقابة على الجودة يجعل المستهلك في حالة خوف وعدم ثقة بالمنتج المستورد والوطني على حد سواء، والذي أنهكته ظروف الحرب ومشكلات عديدة ، مشيراً إلى أن الحكومة تسير ببطء نحو قوانين إسعافية تحاول إرضاء التجار والصناعيين معاً، وهو ما وصفه بأنه “أشبه بالمستحيل”
واقترح البوشي أن الحلول الممكنة تكمن في دعم الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، التي تشكل “خلية نحل اقتصادية”، وتوفر فرص عمل لأعداد كبيرة. واستشهد بتجربة الصين ودول شرق آسيا في النهوض الاقتصادي من خلال دعم هذه المشاريع البسيطة، التي أصبحت نواة رئيسية للتنمية المستدامة.
وأكد رئيس لجنة الجلود في غرفة تجارة دمشق محمد خير درويش، على ضرورة وضع ضوابط لحماية المنتج المحلي من المنافسة غير المتكافئة مع المنتجات الأجنبية والعربية، مشيراً إلى أن أي مادة تنتج محلياً يجب أن يؤخذ رأي المنتج المحلي فيها قبل السماح باستيراد ما قد يؤذيه.
وأوضح درويش أن بعض المنتجات المستوردة، مثل الأحذية، تصل بضوابط قد لا تحمي المنتج المحلي، حيث أن الرسوم الجمركية المفروضة قد تجعل المنتج المستورد أرخص من المنتج المحلي، مؤكداً على أهمية أخذ رأي المنتج المحلي، سواء كان حرفياً أو صناعياً، والغرف التجارية والصناعية واتحاد الحرفيين، عند النظر في استيراد أي مادة قد تضر بالإنتاج المحلي.
مكافحة التهريب
وشدد درويش على أهمية دعم الإنتاج المحلي، الذي يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتشغيل الأيدي العاملة، ودعم التصدير، وإدخال القطع الأجنبي لخزينة الدولة.
ولفت إلى مشكلة التهريب، مؤكداً على ضرورة قمعها وعدم السماح بدخول البضائع المهربة إلى البلاد.
وأشار إلى أن الخزينة السورية تخسر يومياً ما بين 850 ألف دولار إلى مليون دولار بسبب التهريب، ما يستدعي ضبط المنافذ الحدودية.
كما طالب درويش، بتخفيض أسعار المحروقات مقارنة بالأسعار في الدول المجاورة، مثل تركيا ومصر، التي تدعم منتجيها بأسعار مخفضة للمحروقات والكهرباء، ما يساهم في تخفيض تكلفة المنتج النهائي.
وأشار إلى أن الصناعة بحاجة إلى دعم أسعار المحروقات لتكون قادرة على المنافسة في السوق.
و أكد أن تقلبات سعر صرف الدولار، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، تؤثر بشكل مباشر على أسعار المواد الأولية للإنتاج في الصناعات المختلفة، خاصة تلك التي تعتمد على استيراد مكوناتها بالقطع الأجنبي.
وأوضح أن صناعة الجلود، على الرغم من أن مادتها الأولية (الجلد الخام) محلية المصدر، إلا أنها تتأثر بتراجع الإنتاج الحيواني.
ولفت إلى أن قلة الجلود المتوفرة نتيجة انخفاض أعداد الذبائح في المسالخ، والتي كانت تصل سابقاً إلى 6000 ذبيحة، يعود بشكل كبير إلى ارتفاع أسعار اللحوم نتيجة الحرب وتأثيرها على الثروة الحيوانية.
وبين درويش، أن هذا التراجع في توفر الجلد الخام، بالإضافة إلى تأثير سعر الصرف على المواد الأولية الأخرى التي قد تدخل في بعض مراحل الإنتاج، يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الجلدية النهائية، مثل الأحذية الجلدية الطبيعية والصناعات الجلدية الأخرى كالجواكيت والحقائب.