الثورة – أحمد صلال:
مرة أخرى كان اللقاء على قدر الحضور الرفيع، وتحدّ آخر لجعل من خريف الحياة دائماً فاتحة لربيع قادم بكل ورد وألوان حكاياته الشائقة.
في تظاهرة لافتة وللمرة الثالثة، يبتدع القيمون على “نادي الفن لأجل الحرية” في فيينا مهرجان الخريف للثقافة والفنون في دورته الثالثة، التي أهديت هذه المرة كعربون حضور ووفاء للفنان الراحل أسعد عرابي، الذي غيّبه الموت قسراً عن الحضور، لكنه لم يُثنه مطلقاً عن المشاركة من خلال لوحاته التي رسمت ليكون هو الحاضر الأول.

كانت البداية مع معرض فني كبير شارك فيه أكثر من عشرين فناناً عربياً وأوروبياً، تنوّعت موضوعات اللوحات المشاركة، كما اعتمدت أكثر من منهج فني.
قدّم الفنان السوري إبراهيم برغود، رئيس نادي الفن لأجل الحرية، كلمة قصيرة رحب فيها بالضيوف الحضور وعرف فيها أيضاً بالفنانين والفنانات المشاركين.
كما كان المعتاد، كان الحضور السوري بريشة كل من التشكيليين إبراهيم بوعود، أسعد فرزات، وسهاف عبد الرحمن، حضوراً لائقاً في هذه الفعالية للفن السوري.
حيث امتلأ المكان بعدد من المهتمين بالشأن الفني والثقافي الفيناوي من العرب والنمساويين، إضافة إلى حضور فنانين من عدة دول أوروبية مجاورة للمشاركة أيضاً.
أسعد فرزات: “الفن وسيلة لإعادة التعبير بعد المأساة “رسم الوجوه التي تختصر آلام البشر في زمن الحرب، وهو دور تخطى فيه الفن التشكيلي السوري بالضرورة.
فجاءت لوحاتي ممزوجة بألوان جريحة ومحتجّة وصارخة تقاوم عنف النظام، عبر ريشة تزخر بتفاصيل وإشارات الحرية ورموزها وفضاءاتها، بما فيها من حق وحياة وجمال.
وهذه فرصة للتعبير بالريشة والألوان عن سوريا التي كانت ترتدي الأسود لوناً لا يليق بها، وهي اليوم ترتدي الأبيض لوناً يليق بها دوماً”.
بهذه الكلمات، يعبر الفنان التشكيلي السوري أسعد فرزات عن مشاركته في معرض ثنائي جمعه بالفنانة التشكيلية العراقية أنمار موران في المهرجان.
يتمتع أسعد فرزات بحظوة نقدية تشكيلية في سوريا والعالم العربي وحتى في أوروبا، حيث احتضنت المدن الأوروبية خلال ثورات الربيع العربي العديد من المعارض الجماعية والفردية لفنانين وجدوا في مأساة بلادهم مادة لإبداع جديد، ووجدوا في هجرتهم ومنفاهم بعداً عن وطن لم يعد يفتح أبواب صالاته للوحاتهم.
اختار الملتقى أن يجمع الفنان العربي بنظيره الغربي في حوارات بصرية حرة، تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، ليصبح الفن وسيلة للتفاهم والتعايش، معبراً عن رسائل الإنسانية بألوان تنبع من تجربة المبدع الخاصة وتطلعاته الأعمق.
هذه هي الحوامل التشكيلية الثقافية الدامغة.
