الثورة – وداد محفوض :
“برج الصبي” أحد المعالم الأثرية البارزة التي بقيت شاهدةً على تاريخ الساحل السوري العريق، يقع على تلةٍ صخريةٍ ترتفع نحو خمسةٍ وعشرين متراً عن سطح البحر، وعلى بُعد كيلومترين غرب قلعة المرقب في بانياس بمحافظة طرطوس، محتفظاً بشموخه منذ أواخر القرن الثاني عشر الميلادي.

أستاذ التاريخ والمهتم بالآثار أحمد شمسين أكد لصحيفة “الثورة” أن البرج شكل في تصميمه خطّاً دفاعياً متقدماً لقلعة المرقب، إذ بُني على شكل مربع بأبعاد متساوية تبلغ “16.2 ×16.2 متراً” وبارتفاع يقارب ثمانية عشر متراً، ويتألف من طابقين، يحتوي أحدهما على خزان محفور في الصخر. خُصص البرج لمراقبة التحركات العسكرية وعرقلة أي هجمات معادية باتجاه القلعة، كما زُوّد بمرامي سهام وشرفات حجرية دفاعية تحيط به من مختلف الجهات والزوايا.

شيّد البرج أساساً من الحجارة البازلتية الصلبة، فيما استُخدمت الحجارة الرملية في الأقواس والشرفات الدفاعية، والحجارة الكلسية في بعض الجدران الداخلية وقوائم الفتحات، أما المونة الكلسية التي ربطت الأحجار فهي مطابقة لتلك المستخدمة في قلعة المرقب، ما يدلّ على وحدة الطابع المعماري والتقني بين المعلمين. ويعد مع قلعة المرقب ومجموعة الأبراج المحيطة بها، جزءاً من شبكة دفاعية متكاملة كانت تتحكم بخطوط التجارة والملاحة في شرق المتوسط، كما تُعدّ منطقة بانياس وريفها من أغنى المناطق السورية بالمعالم الأثرية والقلاع البحرية.

اختلفت الروايات حول سبب التسمية، فإحداها تشير إلى أن البرج بُني على يد ابن أحد الملوك، بينما ترى رواية أخرى أنه سُمّي “الصبي” لأنه يشبه الابن الصغير لقلعة المرقب الأم، نظراً لصغر حجمه مقارنةً بها. أُدرج البرج على قائمة التراث الوطني عام 1958، وخضع لعدة مراحل من الترميم،

أبرزها عام 2001 حين عُثر فيه على لوح يُظهر سمكةً بنية في حوضٍ أزرق اللون، وتم خلاله ترميم جداريه الشمالي والشرقي وإصلاح أقواسه وسطحه، وتزويده بموانع صواعق، كما جرت أعمال ترميم أخرى عامي 2004 و2006 شملت سدّ الفجوات الجدارية وإصلاح الأجزاء المتصدعة بمواد بناء مطابقة للأصل. واليوم لا يزال البرج بحاجة إلى ترميم إضافي، نظراً لقيمته التاريخية والسياحية الكبيرة.