كيف نتغلب على هوس الإنجاز؟ 

الثورة – منال السماك :

” هل أنا الأفضل ” سؤال يردده البعض بينه وبين نفسه، بينما هو في سعي حثيث لتحقيق المزيد من الإنجازات، وإحصاء كمّ الأهداف وحجم الطموحات التي استطاع تحقيقها، معيار نجاحه العمل والانضباط والالتزام، متناسياً أن لنفسه عليه حقاً.

فالعمل بات هويته التي يقدمها للآخرين للتعريف بنفسه، فلا ينعم بالراحة ولا يستمتع باللحظات السعيدة، وتحت قناع النجاح يفقد ذاته وصحته النفسية والجسدية، وتتوترعلاقاته الاجتماعية بسبب إهمالها، فلا وقت لديه إلا لإثبات قيمته الذاتية من خلال المزيد و المزيد من الإنجازات والنجاحات، بينما هو في طريقه إلى هوس يحتاج إلى علاج، تفادياً لتداعيات اختلال في التوازن بين العمل و الراحة..

 دون مبالغة

إن تحقيق الإنجازات مصدر فخر واعتزاز لأي منا، وترجمة الأهداف والأمنيات الواقعية المتناسبة مع القدرات على أرض الواقع تزيد من قيمة الإنسان، هذا ما أكدته الاختصاصية النفسية ماريا حتاحت في حوار مع ” الثورة ” و تابعت قائلة: لكن الإنجازات المحققة ينبغي أن تهدف لتحقيق النجاح قبل أن تكون للفت أنظار الآخرين، ولتحقيق ذلك يجب أن يكون الهدف واضحاً وقابلاً للتحقيق الواقعي، كي لا يتحول السعي للنجاح وتحقيق الطموحات والشغف بالإنجاز إلى نتيجة عكسية.

عندما يبدأ السعي للإنجاز إلى هوس يمكن أن يؤدي إلى نتائج ضارة، وترى حتاحت أن هوس الإنجاز سيقلق الراحة، حيث العمل سيتحول إلى إدمان وسيأخذ كل الوقت ويستولي على ما خصص للراحة، ثم سينتاب هذا الشخص تأنيب الضمير لو أخذ قسطاً من الراحة، فتضعف علاقاته الاجتماعية، ومن ثم سيشعر بعدم الرضا عن الذات، مع تراجع صحي وإهمال لمتطلباته الشخصية كالنوم والأكل، كما ستسيطر عليه مشاعر الخوف من الفشل، لأنه ربط حياته بالإنجاز وكأنه إن لم يحققه هو فاشل.

إن تحقيق أي شي ولو كان بسيطاً يعد إنجازاً، ويختلف مفهوم الإنجاز وحجمه من شخص لآخر، حسب طبيعة عمله وحياته، فإنجازات المرأة العاملة تختلف عن ربة المنزل، وصاحب الشركات عن طالب المدرسة أو الجامعة، فلا نجاح أو فشل بالمطلق. ضعف تقدير الذات

ولفتت حتاحت إلى أن هناك عوامل عدة تقف وراء شعور الخوف من الفشل في تحقيق الإنجازات منها، تجارب سابقة بالفشل صاحبتها انتقادات قاسية، أو تربية صارمة تركز على الكمال والمقارنة مع الآخرين، وقد يكون سبب الخوف ضعف تقدير الذات، وربط القيمة الشخصية بالنجاح فقط، والخوف من نظرة الناس أو فقدان المكانة الاجتماعية، أو ضغطاً بيئياً وثقافياً يربط الفشل بالعار أو النقص.

 آثاره

أما عن الآثار التي يتركها هوس الإنجاز ، فقد تظهر بعضها كالقلق المستمر بسبب الخوف من الفشل أو عدم تحقيق الأهداف، و ربما يؤدي العمل الزائد من دون راحة إلى الاحتراق النفسي، وفقدان المتعة ببعض الأنشطة المحببة، ما يقلل من الشعور بالرضا والشعور الدائم بالنقص، أما الآثار الاجتماعية فتظهر بالعزلة عن الآخرين، وقضاء معظم الوقت بالعمل، وتوتر العلاقات العائلية بسبب إهمال التواصل مع الأسرة و الأصدقاء، والمقارنة المفرطة، فالشخص المهووس بالإنجاز يقارن نفسه بالآخرين ما يخلق التوتر والحسد.

وأشارت حتاحت إلى بعض الآثار الجسدية، كالإجهاد المزمن بسبب قلة النوم والراحة، ومشكلات صحية كالصداع و ارتفاع ضغط الدم أو ضعف المناعة، كما تظهر آثار على الهوية والمعنى، وذلك بربط القيمة الذاتية بالإنجاز فقط، فيفقد الشخص إحساسه بقيمته بعيداً عن العمل، كما أنه يبتعد بذلك عن ذاته الحقيقية، إذ يصبح الهدف الأساسي هو التقدير الخارجي أو المظهر الاجتماعي.

 التوازن

وللتغلب على هوس الإنجاز تؤكد حتاحت أن الخطوة الأولى تبدأ بالاعتراف بوجود هذه المشكلة من قبل الشخص، لتحقيق التوازن والتغلب عليه على المستويين النفسي والسلوكي، من خلال إعادة تعريف النجاح المتناسب مع طبيعة الشخص وقدراته، وجعل النجاح مرتبطاً بالنمو والتطور وليس فقط بالنتائج، وتغيير طريقة التفكير بالفصل بين القيمة الشخصية والإنجازات، فقيمة الشخص بذاته والنجاح أحياناً يكون بالعيش بهدوء وسلام، وتقبل فكرة الراحة كجزء من الإنتاجية للاستمرار بقوة وتركيز.

وختمت حتاحت حديثها بنصيحة مفادها، كن واقعياً بأهدافك فلا يمكن أن تكون الأفضل في كل شيء، فحدد ما هو كافٍ بدلاً من المثالية، كما ينبغي الاهتمام بالذات ووضع حدود بين العمل والحياة الاجتماعية، ولا بأس من الحديث مع صديق أو اللجوء لمعالج نفسي للتخلص من هذه العقدة، وممارسة الامتنان اليومي لما تم تحقيقه من إنجازات بدلاً من التركيز على ما لم يحقق.

آخر الأخبار
القانون أولاً..العدالة تمهّد الطريق لعودة الاستثمار غرفة تجارة حلب تلتقي وفداً تركياً لتعزيز فرص الاستثمار الاقتصادي الألبسة الشتوية عبء إضافي على القدرة الشرائية   خسائر متلاحقة.. مزارعو البندورة في طرطوس يناشدون بفتح أسواق تصديرية دمشق تطلق شراكة جديدة لتفعيل التنمية في الأحياء الصحة السورية بين النداء الدولي والاستحقاق الوطني إدارة نفايات الطاقة الشمسية خطوة أساسية لضمان الاستدامة سوريا تواجه ذروة الجفاف  طريق تعافي الصناعة المحلية.. طويل وشائك   تنقيب وحفر عشوائي.. ضبط تعديات على مواقع أثرية بدرعا عدلية دمشق تحت المجهر: 100 كاميرا مراقبة لتعزيز الشفافية القضائية ظهرٌ صغير.. وحملٌ كبير.. من المتضرر؟ التعاونيات درع النحالين في مواجهة التغيّر المناخي البيع بالوزن.. حل اقتصادي أم تحد للسوق المحلي ؟ استغلال معلن فياض: مبارك لجماهير حمص الفداء ونحذو حذو كرة السلة الفيفا في انتخابات اتحاد الكرة.. رسالة واضحة المعاني بطولة النصر والتحرير لكرة القدم في حلب الطفل قصي .. صوت يهزم الحزن بالغناء دفعة جديدة من المعهد التجاري الثاني نحو المستقبل