الثورة- حسين صقر:
تشهد المناطق السورية هذا العام احتباساً غير مسبوق في الأمطار، الأمر الذي أشعر الناس بالقلق، وترك آثاراً واضحة على البيئة والنشاط الزراعي ومصادر المياه.
ومع استمرار موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، يعيش الفلاحون قلقاً متزايداً على مصدر رزقهم، بينما يحذر خبراء المناخ من تداعيات طويلة الأمد على النظام البيئي.

تأثيرات بيئية خطيرة
خبير البيئة والمناخ المهندس الزراعي حسن دعبول يشير خلال لقاء لصحيفة الثورة إلى أن انحباس الأمطار لا يؤثر فقط على التربة والنباتات، بل يمتد أثره إلى التوازن البيئي بأكمله، لأن قلة المياه تؤدي إلى تراجع الغطاء النباتي، وتزايد معدلات التصحر، وانخفاض التنوع الحيوي، كما تسهم في ارتفاع نسبة الغبار والعواصف الترابية التي تؤثر على جودة الهواء وصحة الإنسان.
وأضاف: إن “الاحتباس المطري أصبح ظاهرة دورية نتيجة التغيرات المناخية العالمية، وهي تتفاقم بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة واستنزاف الموارد الطبيعية، ما يجعل الأنظمة البيئية أكثر هشاشة أمام التقلبات الجوية”.

قلق من تراجع الإنتاجية
وقال دعبول: على الصعيد الزراعي يعاني الفلاحون من تراجع الإنتاجية وارتفاع تكلفة الري، لأن غياب الأمطار لفترات طويلة يجبرهم على الاعتماد المفرط على المياه الجوفية، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض منسوبها وزيادة ملوحتها.
ما يهدد الأمن الغذائي
ورأى خبير المناخ أن استمرار هذه الظاهرة قد ينعكس سلباً على الأمن الغذائي الوطني، إذ يؤدي انخفاض المحاصيل إلى ارتفاع الأسعار وتراجع الاكتفاء الذاتي، كما أن المزارعين الصغار هم الأكثر تضرراً لضعف إمكانياتهم في مواجهة الجفاف.
ويوضح أن الحل يكمن في “تبنّي سياسات مائية مستدامة، وتشجيع الزراعة الذكية، وتنويع مصادر المياه عبر مشروعات الحصاد المائي، أي الاعتماد على تجميع مياه الأمطار والجريان السطحي وتخزينها للاستخدام لاحقاً، بهدف تعزيز توفر المياه في المناطق التي تعاني من ندرتها.
و تشمل هذه التقنيات جمع المياه من الأسطح غير المنفذة للمياه، مثل أسطح المنازل أو من مصادر أخرى، ثم تخزينها في خزانات للاستخدامات المنزلية أو الزراعية أو لتغذية المياه الجوفية، كما نصح بإعادة استخدام المياه المعالجة، وترشيد الاستهلاك بعيداً عن التنظير وجعل ذلك منجزاً بالقول والفعل .

مسؤولية جماعية
وشدد دعبول على أن مواجهة آثار التغير المناخي أصبحت مسؤولية جماعية تتطلب وعياً وسلوكاً بيئياً رشيداً من الجميع.

الأصعب منذ سنوات
من ناحيته يقول المزارع محمود شعيب للصحيفة: إن الموسم الحالي هو “الأصعب منذ سنوات”، مشيراً إلى أن المحاصيل هذا العام لم تنضج كما يجب بسبب نقص المياه، وأن التربة أصبحت أكثر قساوة وجفافاً، واليوم تأخر المزارع عن قطاف الزيتون في بعض المناطق بسبب عدم نزول المطر، فهو فضلاً عن أنه يغذي الشجرة ويزيد الإنتاجية يغسل الشجر من غبار الصيف.
فيما أكد المزارع علي نصر الدين أن انحباس المطر لفترات طويلة، والمعروف بالجفاف، يؤدي إلى جفاف التربة والموارد المائية، ما يؤثر بشدة ليس على الزراعة ومياه الشرب وحسب، بل على المواشي والحياة الاقتصادية بشكل عام، وبالتالي انخفاض الدخل وتأثير ذلك على المشاركات والحياة الاجتماعية، والنفسية أيضاً تؤدي إلى الاكتئاب من تزايد الخسائر.