الثورة – منار الناعمة:
إحياء التراث، فكرة عادت لتطرق الأذهان من جديد بعد الكم الهائل من التطور والتكنولوجيا التي تغزو حياتنا يوميا، فالتراث يعيد عبق الماضي، ويسترجع الذكريات، ويحفظ التاريخ الفني والقيمي للأجيال القادمة، ويحرك في الإنسان مشاعر الحنين وينمي الإبداع لابتكار شيء جديد يتوافق مع الحاضر ومستلزمات العصر الحديث.

وبالتالي لايمكن اغفال الجانب العملي واكتساب الخبرات،مع تغيير شيء من الروتين في حياة البعض،ناهيك عن المردود المادي المساعد من خلال تصريف المنتجات في الأسواق المحلية، أو الخارجية بحسب الجودة.
وفي تأكيد على هذه الجوانب تستمر مديرية ثقافة حمص -قسم التراث بمتابعة جلسات الدورة التدريبية التي بدأت في الثاني من الشهر الجاري حول صناعة القش.
وللتعريف بالدورة التقت صحيفة الثورة مسؤولة قسم التراث بمديرية الثقافة آية سليم، التي بينت أن إطلاق مديرية الثقافة لهذه الدورة هي خطوة ضمن مشروع إحياء المهن التراثية والتقليدية، وإعادة الحياة للمهن القديمة، إذ بدأت الدورة مطلع الشهر الحالي ، ومستمرة على مدار /١٢/ جلسة تدريبية، ثلاثة أيام في الأسبوع.
تضم الدورة أكثر من /١٥/ متدربة من شابات وسيدات المجتمع في المحافظة، الهدف من الدورة برأي سليم هو تعليم المتدربات الأساسيات الأولية لصناعة القش، وتطرح على مدار الجلسات مراحل متقدمة من العمل حتى نصل إلى المنتج النهائي.
وبينت أن الاعتماد الأول على مادة “الحصير” لأنها الأقرب لمادة القش، وطريقة العمل أسهل، كونها متوفرة بشكل أكبر، بعد ذلك ندخل مواد جديدة.

لافتة إلى أن المديرية قدمت المواد مجاناً للدورة من باب تشجيع السيدات وتعليمهن الأساسيات، باعتبارها مهنة مرغوبة من قبلهن ، فيها الفن والأناقة والأنامل المبدعة، وكذلك الاستفادة في الاستخدامات المنزلية، والمادية في المستقبل، من حيث بيع المنتجات للراغبين وبذلك نحقق الهدف، من حيث تعليم حرفة تعبر المرأة من خلالها عن نفسها، وتشارك بإحياء التراث بطريقة عصرية، وتحقيق الاستدامة للمهنة، وتعود لها بفائدة مادية، وتعطي مساحة للإبداع.
ولادة إبداع جديد
كما أوضحت عضو الجمعية الحرفية للأشغال التقليدية والتراثية في محافظة حمص، المدربة فاطمة طعمة، أن الدورة هي تعريف بهذا التراث، فصناعة القش قديمة وموروثة من الأجداد نحاول تجديدها مع ولادة إبداع جديد وإنتاج يعود بمردود مادي.

ومع الإقبال المستمر على الدورة، تمنت طعمة إقامة العديد من الدورات حول الصناعات التراثية مثل ” العجمي – الحرير”، ويكون لها تشجيع وحافز للمحافظة على التراث من قبل الأجيال القادمة.
المشرفة في الدورة، رماء ديب ،أكدت أيضاً في لقاء معها أن هذه الدورات تشجيع للحرف التراثية، والتدرب على صناعة أشياء منزلية للاستخدام أو للزينة، وقد تصبح في المستقبل لبعض المتدربات المتقنات للعمل حرفة، أو مهنة تعود بكسب مادي، وبالنسبة للعديد من هذه الدورات تكون هناك معارض تضم هذه الحرف والصناعات، نأمل المشاركة في معارض قادمة.

وخلال متابعة جلسات الدورة التقينا بعض المتدربات: ديانا وهبة متدربتان شاركتا بالدورة لتعلم حرفة جميلة تراثية فيها الكثير من الإبداع، وتحدثتا عما كانتا تقومان بصنعه، وهو عبارة عن الخطوات الأولية لصناعة “طبق القش ” مبديتان سعادتهما بهذه الدورة ومدى اندماجهما بالتدريب.
أما المتدربة كوثر فأكدت أن هذه الصناعة التقليدية -التراثية لايمكن أن تندثر فهي تذكرنا بآبائنا وأجدادنا، وفيها الكثير من الجمالية، ويمكن منافسة البضائع الحديثة إذا دخل فيها الإبداع والتجديد، وبذلك يدمج التراث بالإبداع ونحصل على منتج حديث وملفت يحقق إقبالاً لامتلاكه أكثر من غيره.