الثورة – إسماعيل قريان:
أطلقت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي حملة تشجير واسعة في محافظة إدلب تحت شعار :”معاً لنعيد إدلب خضراء”، ضمن خطّة تهدف إلى إعادة تأهيل المناطق التي فقدت جزءاً كبيراً من غطائها النباتي خلال السنوات الماضية.
وتشمل الحملة توزيع 200 ألف غرسة زيتون على المزارعين، إلى جانب زراعة غراس حراجية في عدد من المواقع داخل المدينة وريفها، بحسب ما أعلنت وزارة الزراعة.
وتؤكد الوزارة أن هذه الخطوة تأتي في سياق دعم القطاع الزراعي في المحافظة، وإحياء الأراضي التي تعرّضت لتدهور بيئي واسع، وذلك من خلال برامج تشجير تساهم في تحسين المناخ المحلي واستعادة الإنتاج الزراعي.
وشهدت محافظة إدلب خلال السنوات الماضية، وبشكّل خاص بين عامي 2019 و2020 عمليات قطع وحرق واسعة للأشجار المثمرة والحراجية نفذتها قوات النظام المخلوع خلال حملتها العسكرية على المنطقة، ما أدى إلى تدمير مساحات كبيرة من بساتين الزيتون والتين، وإلحاق أضرار عميقة بالبنية الزراعية التي كانت تمثّل مصدر رزق رئيسي لآلاف الأسر.
ولم تقتصر الأضرار على الجانب الاقتصادي، إذ امتدت لتشمل البيئة والمناخ والهوية الزراعية للمنطقة، حيث تسبب حفر الخنادق وإقامة السواتر الترابية وإزالة مساحات من الغابات في تراجع كبير للغطاء النباتي، الأمر الذي استدعى إطلاق مبادرات تشجير لإعادة الحياة لهذه الأراضي.
خطّة لإعادة تأهيل الغطاء النباتي
قال مدير الزراعة في إدلب، المهندس مصطفى الموحد، في تصريح لـ”الثورة”: إن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً بإعادة إعمار الغطاء النباتي بشقيه المثمر والحراجي في المحافظة، مشيراً إلى أن إدلب تحمّلت خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية وكانت منطلقاً لتحرير سوريا، ومن الواجب دعم جهود استعادة المساحات المتضررة فيها.
وأوضح الموحد أنّ خطّة التشجير تشمل إعادة زراعة البساتين المقصوصة من أشجار الزيتون والفستق الحلبي، إضافة إلى تشجير المواقع الحراجية بما يسهم في تحسين المناخ المحلي وجذب المنخفضات الماطرة، مشيراً إلى أن اختيار المواقع اعتمد على توفر شروط الرعاية والري والحماية من الرعي والتعديات.
وتضم أصناف الغراس المزروعة: الزيتون، والفستق الحلبي، والتين، إضافة إلى أنواع حراجية مثل الكازورينا، والسرو العمودي، والخروب، واليغستروم، والغار، والصنوبر المثمري، والصنوبر البروتي، والأزدرخت.
وأوضح الموحد أن الوزارة تعمل أيضاً على تجهيز آبار في المواقع المستهدفة لضمان ري الغراس خلال فصل الصيف، مؤكداً أهمية دور المجتمع المحلي والمتطوعين في حماية الأشجار الجديدة وتنفيذ أعمال السقاية بالتعاون مع دائرة الحراج.
خطّة مشتركة لإعادة الإعمار البيئي
من جانبه، أوضح معاون محافظ إدلب، حسن الفجر، أن عمليات القطع والحرق التي نفذتها قوات النظام المخلوع طالت مناطق واسعة في جنوب وشرق المحافظة، ولا سيما في سراقب، ومعرّة النعمان، وخان شيخون، وجبل الزاوية، فيما شهدت مناطق أخرى مثل حارم وطريق الغاب تراجعاً كبيراً في غاباتها الطبيعية بسبب الاحتطاب والحرائق التي اندلعت خلال السنوات الماضية.
وأضاف الفجر أن محافظة إدلب تعمل بالتعاون مع وزارة الزراعة على تنفيذ خطّة موسعة لإعادة التشجير تشمل زراعة نحو 500 ألف شجرة خلال العام الحالي، بين زيتون وفستق حلبي وتين، إضافة إلى غراس حراجية في مواقعها الطبيعية وداخل المدن لخلق مساحات خضراء تحدّ من التلوث والغبار.
وأشار إلى أن المجالس المحلية ومؤسسة “إي كلين للبيئة النظيفة” ستتولى رعاية الغراس وحمايتها وتأمين مياه الري لها، مؤكداً أن نجاح جهود إعادة الإعمار البيئي يعتمد بشكل أساسي على تعاون الأهالي والمزارعين والمتطوّعين.
وتعكس هذه الحملة توجهاً حقيقياً نحو استعادة الهوية الزراعية لمحافظة إدلب، بعد سنوات من تراجع الغطاء النباتي بفعل العمليات العسكرية والتعديات، ومع استمرار برامج التشجير والمشاركة المجتمعية، تأمل الجهات المعنية في إعادة إحياء الأراضي وتحسين البيئة هناك.