الثورة – رولا عيسى:
يثير تشكيل اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير، تساؤلات حول الدور المتوقع منها في ضبط التجارة الخارجية، وتعزيز الصادرات، وترشيد الاستيراد بما يخدم الاقتصاد المحلي، وما إذا كانت بنيتها التنظيمية تؤهلها لتكون أداة حقيقية لمواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق استقرار السوق.
وبحسب المرسوم رقم 263 الصادر عن الرئيس أحمد الشرع، تعتبر هذه اللجنة الجهة المسؤولة عن إقرار السماح أو المنع للسلع بالاستيراد والتصدير، وتتبع للأمانة العامة لرئاسة الجمهورية العربية السورية.
وتتولى اللجنة دراسة وإقرار مقترحات السماح أو المنع لإدخال البضائع والمنتجات إلى سوريا، وإقرار إدراج أو رفع المواد من القائمة السلبية للاستيراد أو التصدير، إضافة إلى إصدار القرارات التفسيرية المتعلقة بالسياسة الاقتصادية في هذا المجال.
ويترأس اللجنة رئيس الهيئة العامة للمنافذ والجمارك، وعضوية معاوني وزراء المالية والاقتصاد والصناعة والزراعة والإدارة المحلية، إضافة إلى مدير الجمارك. ويجوز لها دعوة من تراه مناسباً من الخبراء أو ممثلي الجهات ذات العلاقة لحضور اجتماعاتها، دون أن يكون لهم حق التصويت.

خبرات متنوعة
ترى الخبيرة التنموية والاقتصادية الدكتورة سلوى شعبان أن تشكيل اللجنة يمثل “خطوة مهمة وناجحة”، لاعتبارات عدة أبرزها ضبط الاستيراد بما يخدم توفر السلع، موضحة أن وجود “لجنة مركزية” يتيح تحديد أولويات الاستيراد استناداً إلى بيانات دقيقة، بما يسمح بدخول المواد الأساسية ويحد من السلع التي تثقل فاتورة الاستيراد دون ضرورة.
وتؤكد شعبان لصحيفة “الثورة”، أهمية تنوع الخبرات والجهات داخل اللجنة، التي تضم مسؤولين من وزارات متعددة، ما يمنحها قدرة على فهم سلسلة القيمة الإنتاجية من بدايتها (الزراعة) حتى نهايتها (التصنيع والتسويق)، ما يضمن اتخاذ قرارات واقعية وغير معزولة.
وتشير إلى ضرورة أن تعمل اللجنة بالتوازي على دعم الإنتاج القابل للتصدير، وبناء قاعدة بيانات واضحة حول ما تنتجه البلاد وما تحتاج إليه، بما ينعكس إيجاباً على الميزان التجاري.
كما تشدد على أولوية ترسيخ الشفافية والحوكمة، إذ ترى أن الاجتماعات الدورية والانفتاح على الخبراء يعززان الشفافية ويحدان من الانحيازات البيروقراطية، ما يجعل قرارات اللجنة “أكثر أماناً وموضوعية”.
الفرص والتحديات
تتوقع شعبان أن فرص نجاح اللجنة تتمثل في إمكانية ترشيد الاستيراد بما يخفف الضغط على العملة الصعبة، وزيادة الصادرات ذات القيمة المضافة، خاصة المنتجات الزراعية والصناعية، وجذب استثمارات جديدة عبر آليات ترخيص واضحة، إضافة إلى دعم السياسات ببيانات واقعية من الميدان والخبراء.
وبالنسبة للتحديات، تلفت الخبيرة التنموية والاقتصادية إلى احتمال حدوث تضارب أو بطء نتيجة تعدد الجهات، ومدى امتلاك اللجنة لصلاحيات تنفيذية كافية، إضافة إلى ضعف البيانات الاقتصادية في بعض القطاعات، واستمرار العقوبات التي تحد من حركة التجارة والتمويل.
وترى أن تشكيل اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير يمثل فرصة لإعادة هيكلة السياسة التجارية باتجاه أكثر انضباطاً وفعالية وفق رؤية تشاركية، لكن نجاحها يبقى مرتبطاً بمدى قدرتها على التنفيذ، وتوفر المعلومات الدقيقة، والدعم الحكومي، إلى جانب قدرتها على مواجهة الظروف الاقتصادية الخارجية.
الميزان التجاري
ويأتي تشكيل اللجنة في وقت يشهد فيه الاقتصاد السوري تحديات في ميزان التجارة الخارجية. فقد بلغ العجز التجاري، وفق أحدث البيانات المتوفرة، نحو 2.7 مليار دولار في عام 2023، وفق منصة “China Economic Information Center” (CEIC)، وهي منصة بيانات اقتصادية دولية متخصصة تجمع معلومات وإحصاءات عن الاقتصادات العالمية.
وفي مقارنة تاريخية، تُظهر تقارير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية في سوريا (SCPR) أن الصادرات كنسبة من الناتج المحلي انخفضت من 29% في عام 2010 إلى نحو 14.3% في عام 2019، بينما بقيت الواردات ضمن نطاق مرتفع تراوح بين 34 و37%.