ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
يثير الحديث عن تحالف إقليمي أو دولي لمكافحة الإرهاب الكثير من الأسئلة المعلقة وبعضها يكاد يأخذ طريق الأحجية، في وقت تُثار الزوابع والتكهنات عن مغامرات عسكرية تلوح في سماء المنطقة على خلفية معطيات تتحرك في اتجاهات مختلفة ومتباينة،
ووسط حسابات لا تستقرّ على معادلة واحدة بقدر ما تحاكي سلسلة لا تنتهي من الاحتمالات المفتوحة على المجهول.
فتغيير العقيدة السياسية من دعم وتمويل الإرهاب إلى محاربته ومواجهته تحتاج إلى جملة من المحددات التي سيكون من الصعب التفكير في التعاطي معها دون أن تأخذ في الاعتبار ما نتج في الواقع وما استقر في الميدان، حيث السياسة وحدها لا تستطيع أن تحدث ذلك التقاطع المطلوب إذا لم تترافق بالحد الأدنى من المؤشرات تبدأ بتجفيف منابع تمويل الإرهاب ولا تقف عند حدود انتهاء المهمة الوظيفية لوجوده أميركياً!!
في المبدأ.. ليس هناك من يرفض العمل على مواجهة الإرهاب، وثمة عشرات المواقف التي تتقاطع معها وحولها الحلبة السياسية الدولية بمختلف مشاربها واتجاهاتها، لكنها على الدوام كانت تفتقر إلى الجدية من جهة، وتحتاج إلى ما يدعمها على الأرض بخطوات جادة في سياق العمل على المواجهة وتحضير البنية الفعلية لهذه المواجهة من الناحية السياسية على الأقل من جهة ثانية.
وإذا كان التساؤل مشروعاً عن المؤشرات.. تحت أي عنوان جاءت، فإن السؤال الأكثر مشروعية: هل ثمة ما يؤشر إلى توفر تلك المحددات في سياق هذه الدعوة وما سبقها ؟!!
في التجربة.. كانت جميع المحاولات الماضية تأتي في سياق (بروباغندا) دعائية محضة وخرجت إلى العلن بشكل مشوه، وغالباً ما كانت مخرجاتها أكثر تشوهاً، فيما الحصيلة لم تكن هزيلة فحسب، بل أيضاً معاكسة تماماً للشعارات المرفوعة ومتناقضة معها إلى حد الإلغاء، وبدت متعارضة مع أي مقاربة نتجت وعلى كل صعيد خرجت، وهذا ما بدا يُسلّم به عالمياً على الأقل حتى لو ادعى الأميركيون غير ذلك وحاولت أدواتهم في المنطقة تجيير ما يجري على أنه نتاج الحالة أو المشهد، ومن البوابة التي اصطفت بها على مسار الأحداث التي انزلقت بها ساحات المنطقة، وارتج على وقعها الكثير من المحظورات التي كان يُعمل بها على مدى عقود خلت.
في الحديث اليوم عن التحالف الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، ثمة مفارقات حاضرة ومشاهد لافتة في اتجاهات متناقضة ومتعارضة من حيث المبدأ، إذ إن نقل البندقية من كتف إلى كتف لا يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها، ولا تستطيع البندقية التي كانت في خندق الإرهاب وجنباً إلى جنب مع الإرهابيين أن تكون في الخندق الآخر، وسيكون من العسير أن يجتمع تحت سقف واحد شتاء الإرهاب وصيفه، ومن المثير أن تُصبح الغرف المغلقة التي احتوت خطط تدريب الإرهابيين هي ذاتها موقعاً لخطط مواجهتهم.
ومع ذلك لن نستبق المشهد ولن نخوض في سجال الأولويات والمحددات وما تمليه من وقائع في السياسة وما قد تفرضه لاحقاً في الميدان، وندرك أن للسياسة حساباتها وربما (معجزاتها)، لكن من المهم أن نعيد تدوير الأسئلة المؤجلة بانتظار ما بعدها، بمعيار الفارق بين اتجاهات رقعة شطرنج الإرهاب وتموضع البيادق داخلها..!!
الطموح الروسي في تحالف إقليمي أو دولي لمكافحة الإرهاب مشروع بما فيه من أحجية، وتمتلك روسيا فائضاً من أوراق القوة والتأثير.. لكن ثمة مسافة فاصلة سيكون من الصعب تخطيها دون الأخذ بما تراكم في سنوات صعبة وخطرة، ليس من بوابة النتائج بقدر ما هي من نافذة الحصيلة السياسية المنتظرة وتراكماتها، وما تحمله في مواجهة رياح عاتية تستنفر أعاصيرها على المنطقة والعالم.!!
a.ka667@yahoo.com