العناية المشددة في المشافي الخاصة .. (عربة أمام الحصان) 15000 ألف ليرة سورية أجر الليلة الواحدة بالمشفى الخاص
ثورة أون لاين – موسى الشماس:
بعد كل علامة دهشة ترتسم على ذوي مريض بحالة حرجة من سماع عبارة (( الليلية الواحدة عندنا ب 15000 ليرة سورية )) يأتيهم التهكم على شاكلة إذا لم تعجبكم التسعيرة، اقصدوا المشافي العامة»، «ابحثوا في مكان آخر. فمستشفانا لا يقدم العناية المشددة».. عبارات متعددة يواجهها ذوو مرضى الحالات الطارئة التي تتطلب إدخالهم العناية المشددة .على جناح السرعة
وبين الأخذ والرد، وتأمين الدفعة الاولى ( طبعا قبل الدخول ) أو الانضمام إلى طوابير المنتظرين، يكون المريض غدا في «حالة يرثى لها »،
وفي ظل الأزمة التي تمر بها البلاد، ومع خروج العديد من المستشفيات عن نطاق العمل، أضحى أمر الدخول إلى واقع خدمة العناية المشددة أمراً لا بد منه، إذ أصبح نقص أسرّتها يقض مضاجع الأصحاء قبل المرضى، لعلنا نقف على أسباب النقص، وإمكانية اختيار وجهة العلاج المناسبة، في حال تعرضت إدارات تلك المستشفيات إلى حالات مستعصية تأتيها بغتتة ؟!
ساعات من الانتظار
لم تشفع ساعات الانتظار الثلاث التي قضاها المريض « معتصم الرفاعي » في مستشفى الأسد الجامعي، أمام غرفة العناية المشددة التابعة لشعبة الأمراض الداخلية بإيجاد سرير له، رغم حالته الصحية الحرجة، نتيجة عدم توافر أمكنة شاغرة، حسب ما أكد الكادر الطبي المسؤول، الذي أفاد أيضاً أن ما واجهه المريض يتكرر يومياً مع عشرات غيره، ما اضطر ذويه إلى البحث خارج أسوار «المستشفى الجامعي» لعلّهم يهتدون إلى بارقة أمل تنير نفق مريضهم المظلم، وتنقذ ما يمكن إنقاذه. فاهتدوا إلى أحد المستشفيات في شارع بغداد الذي استقبلهم أياماً معدودات، لكن تكلفته المرتفعة اضطرتهم إلى العودة إلى مستشفى الأسد الجامعي وتوديع مريضهم فيه؛ حيث وافته المنية.
صدمته سيارة أجرة
في لحظة غادرة صدمت سيارة أجرة الطفل محمد أسعد ( 12 سنة ) عند عودته من بيت جده ، و بسبب عدم توافر سرير عناية مشددة في مستشفى حكومي لاستقباله، يقول والده، عبد العزيز :»أسعف السائق ابني إلى المستشفى وهو بين الحياة والموت، إلا إن المختصين اكتفوا بإجراء الإسعافات الأولية فقط، لعدم توافر أسرّة عناية شاغرة، حيث قال لي طبيب الإسعاف: «ابحث عن مستشفى يمكنه استقبال ولدك، لأن حالته حرجة لا تحتمل الانتظار , و صلنا الى مشفى خاص فطلب 15000 ألف ليرة عن كل ليلة بحجة أن وضع ولدي صعبة و العناية المشددة مستلزماتها كثيرة
أصحاب الشأن المحلي
عرّفت منظمة الصحة العالمية، الرعاية الصحية الأولية: على أنها «تلك التي تتاح على نحو شامل للأفراد والأسر في المجتمع المحلي، بوسائل يمكنهم قبولها، وتكاليف يستطيعون تحملها، على اعتبارها نواة البلد الصحي، التي ينطلق منها إلى التنمية الاقتصادية».
في حين، يؤكد أصحاب الشأن المحلي، أن الوفاء بمتطلبات النظام الصحي حسب التعريف العالمي، يحتاج إلى مزيد من التخطيط، والمتابعة، معترفين بأزمة العناية المشددة. فعدد أسرة مستشفياتهم العامة والخاصة، لا يكفي حاجة المواطنين، رغم منع وزارة الصحة إنشاء أي مستشفى إلا إذا ضم 50 سريراً على الأقل، 10% منها للعناية المشددة، حسب اختصاصاتها، ملقيةً اللوم تارة على عدم تزايد عدد المستشفيات ليواكب الزيادة السكانية، وأخرى على تسعيرة المستشفيات الخاصة، التي يشكّل المرضى الهاربون من غلاء أسعار خدمتها «المرعبة » ضغطاً مستمراً على أسرّة العناية في المستشفيات العامة متسببين في وقوع أزمة تطال المرضى جميعاً، وقد يدفع بعضهم حياته ثمناً لتلك الصورة المأساوية
قواميس و أجندات
ما تعانيه مستشفيات القطر من الضغط الكبير ، أدى إلى ضعف الاهتمام بواقع غرف العناية المشددة، إضافةً إلى اعتبارات أخرى، دخلت إلى قواميس وأجندات تلك المستشفيات وغرف عنايتها المشددة.
وفي السياق، يوضّح الدكتور أحمد الدرة، نقيب أطباء ريف دمشق، أن العقوبات التي فرضتها بعض الدول على سورية، وعلى القطاع الصحي والطبي خاصةً، أدت إلى إعادة ترتيب للأولويات وفقاً للمرحلة الراهنة التي تمر فيها البلاد، والبحث عن بدائل من أجل استيراد الأدوية، والمعدات الطبية، مضيفاً:» تأمين الدواء خاصةً للأمراض السارية والمزمنة ضروري جداً، وتوفير المعدات الطبية الضرورية، والتي تعمل وزارة الصحة على توفيرها بشتى الوسائل، ومن ثم يأتي التفكير بما يلي من ضروريات ؟!
تكرار المشهد
لا يختلف المشهد كثيراً في المستشفيات الخاصة، حيث أُدخل المريض عمر الرز ، البالغ 58 عاماً، غرفة العناية المشددة في مستشفى خاص إثر نوبة قلبية حادة، وبعد أيام، قرر الطبيب المسؤول إخراجه إلى غرفة عادية بعد تحسن حالته، لكن بعد يومين تدهورت حالته الصحية أكثر وزاد وضعه سوءاً، ما استدعى دخوله العناية المشددة مجدداً، وهكذا تنقّل المريض بين أسرّة العناية المشددة، والعادية، كيفما دعت حاجة استغلال مكانه، وذلك كله بسبب تزاحم المرضى على أسرة العناية المشددة على حد قول أهله ؟! ليجد أهله بعد عشرة أيام أنه يستوجب عليهم دفع 195 ألف ليرة سورية ؟!!
ليست في مستشفانا فقط!!
يبرر مدير مستشفى الأسد الجامعي» طريف العيطة» نقص أسرة العناية المشددة في مستشفى الأسد الجامعي بقوله: لاتنحصر المشكلة في مستشفانا فقط، بل تمتد لتشمل مستشفيات سورية عموماً، ودمشق خصوصاً، وذلك بسبب عدم توافق الأسرة مع الزيادة السكانية الحاصلة منذ 15 عاماً، والتي لم يرافقها تطور يذكر في الأقسام المختلفة، وهذا يكفي حاجة المستشفى الذي أنشئ للغرض التعليمي لا الإسعافي.
كما يذكر العيطة، أن الأزمة التي تمر فيها البلاد دفعت إلى خروج العديد من المستشفيات خارج الخدمة، الأمر الذي زاد من حدة المشكلة
مرضى اضافيين
رغم تأكيد الدكتور العيطة أن مستشفى الأسد الجامعي صمم للتعليم لا للإسعاف، وأن عدد أسرته محدد للغاية نفسها، إلا أنه يستقبل بعض المرضى الإضافيين، ويرفض الباقي حسب شروط معينة، حيث يقول الدكتور العيطة: «يشكل توافد المرضى الآتين من مستشفيات أخرى ضغطاً يومياً لا يمكن استيعابه، لكن نضطر أحياناً إلى قبول بعضهم بسبب السمعة الطيبة للمستشفى بين الناس، وأجوره التي تلائم مختلف الشرائح الاجتماعية قياساً بتسعيرة المستشفيات الخاصة عموماً. أما الحالات التي نرفضها، فيكون سببها الرئيس أن المريض الخارجي، لا يأتي معلولاً فقط، وإنما ترافقه إنتانات المستشفى الذي كان فيه، لذا لا نستقبل مثل هذه الحالات أبداً، علماً بأن الذي توضع له منفسة خارج المستشفى تكون رئته مليئة بالإنتانات المعديةو هذه معضلة يتحملها المشفى الخاص و لا يستطيع العام تحمل تبعاتها و لا تضيع في النهاية الا على الحلقة الاضعف و هو المريض
أفكار توسعية
يوضح الدكتور العيطة أن إدارة المستشفى في صدد توسيعه، متضمناً قسم عناية مشددة أكبر، رغم ارتفاع تكاليفه، كون سرير العناية ليس مجرد غرفة وسرير، وإنما «منافس، وأجهزة صدمات كهربائية، وتنفس اصطناعي، وحقن ومراقبة..»، إضافةً إلى ميزات أخرى تختلف عن الأسرّة العادية، مضيفاً: «إن التوسع لخلق أقسام عناية مشددة جديدة ليس سهلاً، إنما يجب اختيار المكان والتجهيزات المناسبة، وكادر عمل متخصص؛ فما فائدة تشييد أقسام عناية على حساب مستلزمات المرضى الأساسية؛ على سبيل المثال، تعادل تكلفة جهاز أشعة بسهولة، معتبراً أن واجب الدولة إيجاد الحلول عبر خلق نظام تأمين صحي، يحفظ كرامة المواطن، سواء أراد العلاج في مستشفى عام أم خاص.
رفع سوية خدماته
تعد وزارة الصحة المستشفيات الخاصة رافداً للقطاع العام الصحي، لذا تسعى إلى رفع سوية خدماته؛ إذ إنها لا ترخّص لأي مستشفى إلا بعد توفيره جملة شروط أساسية، منها توفير أسرّة كافية وقسم إسعاف وصيدلية ومخبر، إضافةً إلى أقسام عناية مشددة، في حين تتابع الوزارة وضع المستشفيات القديمة وإمكانية تحقيقها الشروط السابقة تحت تهديد تحويلها إلى مراكز صحية أو تجمع عيادات».و رغم ذلك تتصرف المشافي الخاصة على هواها و كأنه لا توجد أية رقابة
و تبقى مهنة الطب من أنبل المهن التي يبدو أنه يعمل فيها حاليا بعض الاطباء الذين يحاولون أن يحولوا انسانيتها الى مجرد صفقات تجارية على حساب المريض الذين يكون بحالة يرثى لها و ليس بيده حيلة الا بالقبول صاغرا بشروطها المجحفة بحقه , و يبقى لسان حاله يرنو الى غد أفضل لمن يأتي بعده عله يجد أن خدمات تلك المشافي باتت تحت الضوء مباشرة لتظهر للعلن تداعيات تصرفات بعض أفرادها التي لا تمت للاخلاق الطبية لا من قريب و لا من بعيد