ثورة اون لاين: تكتسي الانتخابات الرئاسية الأمريكية أهميتها من موقع أمريكا على الخريطة السياسية الدولية كونها أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم, ولعلها الدولة الوحيدة التي تعلن عن أن استراتيجيتها السياسية تاتي تحت عنوان كيف نستطيع الاستمرار في قيادة العالم؟ ولعل جوهر المنافسة بين المتسابقين للوصول إلى البيت الأبيض من كلا الحزبين يعكس هذه الحقيقة غير المسكوت عنها حتى في الخطابين السياسي والإعلامي الأمريكي بعيداً عن القول إنها تشكل المادة الثابتة لدى مراكز الدراسات والأبحاث على طول الولايات المتحدة الأمريكية وعرضها .
إن ثمة خصوصية تتفرد فيها الآلية الديمقراطية الأمريكية, وهي طريقة الحصول على أكثرية الأصوات في الانتخابات, وهو ما يسمى الكلية الانتخابية أو الكوليج, بحيث يذهب مجموع الأصوات للمرشح الذي يفوز بالأغلبية النسبية لكل ولاية, ولعل المفارقة الغريبة تحصل عندما نرى أن رئيساً أمريكياً قد فاز بأكثرية الصناديق الانتخابية دون أن يحصل على أكثرية أصوات الناخبين, وهو ما حصل مع الرئيس بوش الابن في الانتخابات ما قبل الماضية, ناهيك بطريقة وآلية التصويت, حيث يقتصر حق الانتخاب على المسجلين فقط في اللوائح الانتخابية وهو ما يشكل فقط حوالي ثلاثة أرباع من يحق لهم الانتخاب, ولعل المفارقة الأخرى هي أن نسبة الذين يشاركون في الانتخابات بشكل فعلي حسب الاحصائيات التي تجري مراكز استطلاع الرأي لا تزيد في أحسن الأحوال عن خمسة وخمسين بالمئة ممن يحق لهم الانتخاب, فإذا علمنا أن الذي يفوز بالانتخابات إلى موقع الرئاسة هو من يحصل على أكثر من نصف الاصوات في حسابات الكوليج الانتخابي, فهذا يعني حسابياً أن من يحصل على حوالي سبعة عشر بالمئة من أصوات المجموع الكلي للناخبين يصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية, ومن هذه الزاوية بالذات تأتي أهمية اللوبي اليهودي في أمريكا حيث ينشط في حشد كافة اليهود الأمريكيين ومناصريهم عبر حملة علاقات عامة واسعة لتأييد هذا المرشح أو ذاك, خاصة أن اليهود الأمريكيين يتركزون في سبع ولايات أمريكية من بينها نيويورك ويشكلون حوالي اثنين ونصف بالمئة من مجموع الناخبين وهي نسبة لا يستهان بها قياسا بما ذكرناه من حيث نسبة المشاركين وفرص الفوز بالنسبة لكل مرشح, ما يعطي أهمية كبيرة لأصواتهم وتأثيرنفوذهم في الجسم السياسي والإعلامي الأمريكي, وهو ما يفسر الى حد كبير اهتمام المرشحين للرئاسة الأمريكية بخطب ود اليهود عموماً والكيان الصهيوني على وجه التحديد في إطار البازار الانتخابي الأمريكي, حيث يلاحظ المراقب السياسي لما يجري في الساحة الأمريكية إن ما يسمى الحفاظ على أمن إسرائيل ودعمها يشكل القاسم المشترك الأعظم لكل المتنافسين للوصول إلى البيت الأبيض, سواء كانوا جمهوريين ام ديمقراطيين .
ولعل السؤال الذي يمكن أن يطرح علينا نحن العرب في إطار هذه اللعبة الديمقراطية هو: هل من دور يمكن أن نلعبه في إطار الحاصل الديمقراطي والسياسي لهذه الانتخابات إذا أخذنا بالاعتبار الوجود العربي والاسلامي في أمريكا ناهيك بالتوظيفات المالية والنفوذ الاقتصادي في مفاصل المجمع الاقتصادي والإعلامي والمؤسسي الأمريكي وهل تستطيع تلك القوى والمكونات أن تدير حملة علاقات عامة منتظمة قادرة على التأثيرولو نسبياً في الحاصل الانتخابي بحيث يأخذها المرشحون للرئاسة وغيرها من من مؤسسات ديمقراطية منتخبة في حسابهم السياسي وبمعنى أدق هل هناك امكانية لصناعة لوبي عربي في أمريكا البلد الذي يعتبر تشكيل اللوبيات أحد مكونات العملية الديمقراطية التي يحق لها الترخيص القانوني لتمارس نشاطها العلني؟ لا شك أن الجواب عن ذلك هو نعم, ولكن هل من ارادة سياسية عربية تنحو هذا المنحى واذا كان الجواب لا أفليس من المكن للجاليات العربية والمؤسسات الثقافية والدبلوماسية وقوى المجتمع المدني وتنظيمات المغترب في أمريكا القيام بهذا الدور, هذا سؤال نضعه برسمهم جميعا ؟
د. خلف المفتاح